الصراع بدأ يأخذ مأخذه الطبيعي الذي حدث و يحدث في كل المجتمعات بعد أن تكونت اول دولة حقيقية للعرب و هي الدولة الأموية و أقصد بكلمة دولة حكومة و عاصمة و عملة و قوانين و جيش رسمي و خزينة مالية و ولاة على الأمصار و هو ما كان العرب لا يعرفونه بل و لم يكونوا متعودين عليه فقد كان أجدادنا قبائل بدوية متناحرة لا ترضخ لسلطة بل إن البدوي بطبعه لا يفهم معنى سلطة الدولة و فرضها للضرائب عليه إلا كقبيلة أقوى منه تسلبه ماله وحريته و هو ما استمر حتى عهد قريب بدليل المشاكل التي كانت تنشأ بين بدو سوريا والعراق مع العثمانيين.
إلا أن العرب الذين سكنوا المدن كدمشق وحلب و الموصل و البصرة و الكوفة سرعان ما تمدنوا و رضخوا للسلطة لكن طبيعة الإنسان انه اما يميل للسلطة اذا وفرت شروط العيش الملائمة أو كان هناك خطر خارجي أو كان له مصلحة شخصية معها أما عدى ذلك فيصبح معارضا. إذا الشيعة كان ينظر إليهم من المجتمع العربي و غير العربي كمعارضة للسلطة الأموية و من بعدها العباسية و هذا حتى قبل أن يتبلور ما يسمى المذهب الشيعي و ما يسمى المذهب السني بل إن أحد مؤسسي المذاهب السنية أبو حنيفة النعمان ساند العلويين في ثورتهم مع محمد النفس الزكية و مدهم بالمال.
بما أن الأسرة العلوية و الأموية و العباسية كانت قد أصبحت الطبقة الأولى في المجتمع العربي و المسلم وقتها فكان من الطبيعي أن من يعارض الأمويين سينتمي إلى أحدهم.
أما عن نظرتي الشخصية للموضوع فإن معاوية و أسرته قد سلبت الحكم بذكاء من مؤسس فكرة الدولة محمد و هذا بالطبع ظلم لكنها السياسة فلولا نبي الإسلام محمد لكان بني أمية لا يزالون في مكة ولكان معاوية تاجرا و لما تحولوا إلى حكام أكبر إمبراطورية في وقتها و قد تنبه للأمر أبو سفيان حين عين الخليفة عمر معاوية كوالي في الشام فقال بما معناه أننا تأخرنا في هذا الأمر فسبقنا إليه قوم غيرنا (يقصد موضوع الاسلام ) ولكن تحدث عن تعيين معاوية واليا في الشام أن الكرة اتتكم يا بني أمية فتلقفوها فإني أراها في أولادكم .
هذه طبيعة الأمم و الشعوب الصراع بين السلطة و المعارضة و انا أراه كان صراعا سياسيا أكثر منه دينيا.
|