من الألغاز المطروحة حاليا على طاولة النقاش: مسألة خلود الروح،،

فالإنسان لم يخترع فكرة خروج الروح من الجسد وصعودها إلى السماء من خياله فقط،،
بل عن تجربة ملموسة، وقد وظفها الإنسان في جميع الأديان التي صنعها،،
ستقولون لي: كيف تكون التجربة ملموسة ولا أحد من الموتى عاد من الموت إلى الحياة ليخبرنا بالعالم الموجود بعد الموت؟
أجيبكم: بلى، الكثيرون عادوا من الموت، وحكوا مشاهداتهم، فقد حصلت لهم تلك الظاهرة الغريبة التي تسمى "الإسقاط النجمي"،،
والعلماء لحد الآن يرفضون الاعتراف بهذا الواقع، لسبب بسيط هو أنه ليس له تفسير علمي، لكن هذا الواقع أمر حقيقي لا مفر منه،،
يقول العلماء إن الذي يعود من الموت هو إنسان تم إنقاذ حياته بأعجوبة، ويفسرون ذلك بأن دماغه بدأ يصور له مناظر وعوالم غريبة لينشغل بها وتسهل عليه عملية الموت، ويقولون إن هذا الإحساس لا تتجاوز مدته دقائق قليلة ثم يموت الإنسان وينعدم لديه الإحساس،،
لكن الواقع أمر مخالف، فالذين عادوا من الموت حكوا عن مشاهداتهم لأشياء حقيقية، مثلا:
ـ المريضة التي قالت للطبيب إنك صرخت في وجه الممرضة وطلبت منها المقص وكانت أزرار قميصك مفتوحة وأنت تجري العملية،،
ـ الأعمى الذي كاد يموت في حادثة سير وجاء لص فتش ثيابه وسرق ماله وقال للشرطة إنه شاهد اللص من الأعلى وأعطاهم أوصافه فعرفوه وقبضوا عليه،،
ـ المرأة التي كانت تلد بعملية قيصرية وأخبرت أهلها بأنها أثناء العملية التقت بهم قادمين في ردهة المستشفى وأعطتهم الأوصاف والملابس التي كانوا يرتدونها والكلام الذي قالوه..
ومؤخرا حصل معي هذا الأمر، بتجربة شخصية لا مجال فيها لأن يساورني الشك وأنا ملحد لا أؤمن بالروحانيات. وعندما حصلت التجربة معي أخذت الأمر بجدية أكبر.
يقول المهتمون بهذا الموضوع "موضوع الإسقاط النجمي" إن الإنسان لديه جسم فيزيقي وجسم أثيري، وأن الجسم الأثيري ينفصل عن الجسم الفيزيقي في لحظة الاقتراب من الموت، ويصبح هائما في الفضاء، بلا حدود ولا قيود..

وهذا نجده في القصص الشعبية التي تتكلم عن رجل كان يسكن فيه منزل، ومات الرجل وما زالت روحه تتحرك في المنزل، أو ما يشابه هذا، لكن الواقع أن الجسد الأثيري لا يتدخل في حياة الناس ولا يظهر للناس ولا يخيفهم، لكن فقط يكون حاضرا ويشاهد..
ويروي أصحاب تجارب الإسقاط النجمي إنهم يلتقون بمعارفهم الموتى ـ الموتى فقط وليس الأحياء ـ ويحاورونهم حوارا قلبيا، أي بدون لغة وبدون كلام وبدون تحريك الشفاه..
وقد روى أحد رجال المطافئ أنه كان مع فرقته في حريق عظيم، فحاصرتهم النيران واختنقوا، قال إنه خرج من جسده وأخذ ينظر من أعلى، ورأى كذلك جميع أفراد الفرقة يخرجون من أجسادهم، وكان يتحاور معهم حوارا قلبيا، وأنقذه الأطباء فعاد إلى الحياة وحكى هذه القصة، ورفاقه لم يتمكنوا من إنقاذهم فدفنوهم..
ومن وجهة نظري أرى أن هذه التجربة الحقيقية هي التي استلهم منها الإنسان فكرة الأديان وما بعد الموت..
ويقول من عاشوا هذه التجربة إنه عندما يخرجون من الجسد يحسون بإحساس عظيم لا يعادله إحساس، فهو شعور بالأمان المطلق والسعادة المطلقة والحب المطلق..
ونحن جالسون الآن في منازلنا لا نعرف من يشاهدنا الآن من قريب، فقد كان صديقي نائما في غرفة مغلقة ووصف تفاصيل دقيقة عن أشياء قمت بها بينهما هو نائم، بشكل لا يترك عندي مجالا للشك، وأنا الملحد الرافض للأديان.
فكرة الإسقاط النجمي والخروج من الجسد ليست تجعلني أؤمن بالأديان، بل تجعلني أعرف من أين أتى الإنسان بفكرة الدين والإله والحياة الأخرى والعالم الآخر..
العالم الآخر فعلا موجود، لكنه فوق الأديان وأكبر بكثير من الأديان.. لقد بدأت أفكر جديا في فكرة خلود الروح وخروجها من الجسد، وحتى فكرة تناسخ الأرواح التي يؤمن بها بعض الشعوب تبقى واردة، فهناك قصة طفل عمره 4 سنوات يحكي تفاصيل دقيقة عن أنه كان طفلة وكيف قتلوها وأين دفنوها، وفعلا ذهبت الشرطة إلى ذلك المكان فوجدت الطفلة مدفونة كما قال الطفل ذو 4 سنوات، التي يقول مؤكدا: أنا كنت هو تلك الطفلة.. وقتلوني ودفنوني هناك..
وهذا بالضبط هو ما يسمى "تناسخ الأرواح"، والإنسان لا يمكن أن يؤمن بشيء إلا عن تجربة، فالتجربة هي التي تعطي الفكرة للإنسان، ثم يبدأ الإنسان بالتأويل وإضافة أشياء إضافية من عنده وتسييس الأمور لتصبح متناسبة مع مصالحه، وأكبر نموذج لهذا: اختراع الأديان.
لقد أصبح الخروج من الروح والإسقاط النجمي وفكرة خلود الروح وبقاؤها معلقة في برزخ أو حلولها في جسد آخر أمرا يستحق الكثير من التأمل..

وهذا قد يزيد المؤمن إيمانا، لكنه يزيدني أنا إلحادا، فهذه هي الحقيقة الغامضة لسر الحياة والوجود.
