حسن كشخص نشأ في أسرة متدينة جدا ولكنها منفتحة جدا في ذات الوقت كنت أشجع على المطالعة وعلى قراءة القرآن وحفظه، كان أبي يدفع لي المال مقابل كل حزب أحفظه أو كان يجلب لي كتبا ويطلب مني قراءتها أحيانا كنا نجلس كي أحدثه عنها وكنت كلما أنهيت واحدا يكافئني أحيانا بالمال أو الهدايا أو أي شيء وعليه كبرت على حب القراءة فعنددما علم والدي أنني أطالع الإنجيل وأنا في ال15 أو 16 لم يعترض منهما أحد (وإن كان امتعاضهما واضحا) فهما من ربياني على ذلك هما فقط اكدا على ضرورة أن أعرف أن ما أقرأه خاطئ
عليه قرأت كل شيء وأي شيء من الروايات وكتب العلوم (التي حي أقرب شيء للتقديس لدي) وكتب اللاهوت والأديان والأساطير القديمة والفلسفة.... نادرا ما يمر يوم لا أقرأ فيه ولا أذكر أسبوعا مر من حياتي لم أنه فيه على الأقل كتابا أو اثنين (عدا شهر قضيت في المشفى وأنا في ال14) ورغم كل هذا ظللت متمسكة بالدين
وما يعجب له أنه كان لدي ميل عجيب للتناقض في شخصيتي كنت أذهب لمسجد الحي كل أسبوع لأجلس في جانب وأقرأ لجون بول سارتر في انتظار قدوم أستاذتي لأعرض عليها ما حفظت
من كان يسمعن ي فيحصة الفلسفة وأنا في الثانوية ويسمعني في حصة العلوم الإسلامية يقسم أنهما شخصان سيقطعان بعضهما لو جمعا في غرفة واحدة كنت أرفض القضاء والقدر ثم أدافع عنهما في نفس الوقت أسلم بمطلقية القرأن وقضيت نصف ساعة أجادل أستاذة الفلسفة أن تحذف آية استشهدت بها من مقال جدلي فهي "تضعف المقال" على أساس أن ما وضع بلا دليل يجوز نقضه بلا دليل وأن الإله مسألة نسبية موجودة لأننا نؤمن بوجودها، سبق وقلت أن الإله بمنظوره الحالي انعكاس لصورة الرجل الشرقي فالديانات السمواية كلها نشأت في الشرق كنت أقول أن قصة آدم وحواء هي انعكاس لاجتماعية الإنسان كنت أقول أن الروح هي أسطورة أتى بها الأولون لعجزهم عن تفسير الحياة أقول أن الله هو تعبير للجهل البشري يضيق نظاقه لكنه لن يختفي أبدا كل هذا ولا زلت مسلمة! حسن أظن أن هذا ما سماه جورج أورويل Doublethink أو التفكير المزدوج في رائعته 1984
على كل حدثت حادثة في حياتي وتوفر لي بسببها الكثير من الوقت أكثر مما احتجته كي أكتشف ذاتي، كان الأمر بعدها مسألة رياضيات وتصفية، إحذف المستحيل ويبقى ما هو ممكن وهكذا أدركت ما أنا، لا زلت أشتاق إلى الدين إلى اليوم فلو لم يحتجه البشر لما اخترعوه أو تمسكوا به
لم يكن الأمر رغبة في فعل أو دين كان انقلابا فكريا لا إراديا في أغلبه أدركت بعدها ما يعنيه فما لا يدركه الأغلبية أن الإيمان ليس مسألة إرادية في أغلبها فأنت إما تؤمن أو لا تفعل وإن فقدت إيمانك فلا شيء يمكنك فعله حيال ذلك
على كل لم ألاحظ قبل أن أجد نفسي كتبت كل هذا لأخبركم حضرة الغرباء على الأنترنت الذين لا أعرف عنهم شيء أسراي

تقبلوا مروري