يشكل الشباب عماد مجتمع أي بلد في العالم ورافعته, لما يحملونه من قوة دهنية و عنفوان جسدي .
تعرف المجتمعات العربية في الآونة الأخيرة إنتشار ظاهرة خطيرة , وهي الانحراف عند الشباب . وتبرز مدى خطورتها في تأثيرها المباشر على المجتمع, لأنه كما سبق الذكر الشباب هم عماد المجتمع . فما هي الأسباب المؤدية للانحراف ؟ و ما هي الحلول الممكنة ؟
تعريف الإنحراف :
يختلف تعريف مصطلح الانحراف حسب ثقافة كل بلد . لكن عموما , يمكن القول بأن تعريفه عند المجتمعات العربية ;هو الخروج عن جادة الطريق لكل ما هو مألوف و معتاد أن يكون عليه الشاب المثالي في مجتمعه .
والانحراف داء يستهدف بالاساس الشباب المراهقين منهم خاصة . لأنهم هم الأكثر حساسية و قابلية للتأثر بأي موجة ثقافية كانت .
فمرحلة الشباب هي مرحلة النشاط و الحيوية و الرغبة و الارادة ، كل هذه الصفات الحيوية بدل أن تكون عامل التنمية الذاتية للشاب, تصير نقمة عليه تخربه من الداخل إذا حلت مجموعة من الأسباب و العوائق .
أسباب إنحراف الشباب :
ومن أبرز هذه الأسباب :
-الشعور بالفراغ ، إذ انه وباء لتحطيم العقل و الفكر و الطاقات الجسدية ، يجعل النفس تفقد ثقتها بنفسها كلما إزداد عجزه الفكري و الجسدي الناتج عن الخمول بسبب الجلوس لساعات طويلة أمام الحاسوب أو الموبايل . و التحلف الفكري الناتج عن ملأ الفراغ بالمسلسلات و البرامج التفزية و الساعات الطويلة في المواقع الإجتماعية
-مشكل التفكك الأسري خصوصا بعد انتشار الهواتف الذكية التي زادت من تفاقم حدة التباعد بين الشباب و كبار السن من أفراد الأسرة أو العائلة و المدرسة. لأنه حتى الكبار اليوم صاروا عاجزين أمام شدة الانحراف التي وصل إليها الشباب . بل و الأدهى من ذلك هناك من الكبار من يحتقر هذه الفئة ويرفض حتى محاورتها و الاستماع إلى همومها, مما يزيد من عدوان هؤلاء الشباب المنحرفين وفقدان ثقتهم في أهلية الكبار في مساعدتهم .
-رفاق السوء يقول الرسول ص :
إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة
فالصداقة أيضا تلعب دور أساسي في بناء شخصية الشاب. وكلما كان محيطه الحميمي ملوثا إلا و كانت فرصة إنحرافه قوية جدا .
-يعاني الشباب العربي كذلك أزمة هوية ، فلم يعد هناك ترويج لحياة الشخصيات الناجحة من أبناء الوطن في كل المجالات, بعد الإجتياح الإعلامي الغربي الكبير للمجتمعات العربية ,بحيث صارت فئة عريضة من الشباب متأثرة بالمشاهد العنيفة و الخليعة فكريا و عمليا التي صارت تذيعها حتى القنوات الرسمية بعيدا عن الإهتمام بإيجابيات هذا الإجتياح بسبب قلتها مقارنة مع سلبياتها.
-البطالة التي تمس كل الفئات العمرية, بحيث صارت تجعل من الشاب الذي تجاوز الثلاثين مجرد طفل أو مراهق مازال تحت عصمة أبيه أو أمه .
وهناك أسباب أخرى كثيرة لايتسع المقام لذكرها كلها .
يترتب على إنحراف هذه الفئة العمرية التدهور السريع للمجتمع كونهم هم من المفروض فيهم أن يتسلموا مفاتيح السياسة و الإقتصاد لمجتمعهم,وهذا ما يفسر سبب بقاء الشيوخ في كل المشاهد السياسية و الإقتصادية تحت وصاية الشباب المكون أحسن تكوين في بلدانهم على أيدي قدوتهم من الشيوخ من ذوي الخبرة العتيدة في الحياة سواء كانوا من أبناء بلدهم أو من العقول المهاجرة من بلدانها الأصلية ..
الحلول المقترحة :
لعل من بين الحلول التي يمكن إقتراحها هي:
-حرص الآباء على إعطاء المزيد من الوقت للإهتمام بأبنائهم, بدل حرص الزوجين على قضاء كل وقتهم سواء في العمل أو في المقاهي أو الصالونات .
-الإهتمام أكثر بملأ الفراغ ببرامج واضحة المعالم كالقراءة أو كتابة الخواطر أو ممارسة الرياضة مع الأصدقاء أو في صالات الجيم ..إلخ
-الإبتعاد عن رفاق السوء ولو تطلب ذلك الانعزال المفبرك "يعني البحث الدائم عن الأعذار لتجنب مخالطة رفاق السوء دون الكشف عن ذلك ,تجنبا للصدامات وما قد يترتب عنها من مشاكل مزمنة , خصوصا حين يكون الأمر متعلق برفاق القسم أو العمل"
-الإنهاء مع ثقافة الجشع المادي في الزواج ؛ وهنا أقصد رغبة الموظف أو الموظفة في تكوين أسرة مع شريك له وظيفة قارة, طمعا في تكوين أسرة قادرة على العيش في أقصى مستوى ممكن من الرفاهية , ولو على حساب العلاقة الزوجية نفسها و الوقت اللازم لتربية الأطفال خصوصا في السنوات الازمة لحملهم ورضاععم .
خاتمة :
خلاصة القول فموضوع إنحراف الشباب يطرح إشكاليات اقتصادية و اجتماعية و سياسية اخرى أكثر تعقيدا. إلا أنني مقتنع بأنني لم أحط بكل جوانب هذا الموضوع المعقد, كما أن المقام لايحتمل الإحاطة بكل جوانب الموضوع نظرا لحساسيته و تعقيده الذي يستلزم مجهودات كل القوى الحية للمجتمع.
وأخص بالذكر نخبة المجتمع ممن يمكنهم كأضعف الإيمان أن يكونوا قدوة لهذه الفئة التي من المفروض أن تكون هي الوريث الشرعي لكل ممتلكاتهم التي حتما لن تدفن معهم في قبرهم .
هوامش :
مفيش هوامش هذه المرة
موضوعي القادم سيكون حول الطلاق : الأسباب و السبل للحد منه
تحياتي
