من ادلة وجود الله
الادلة على وجود الله كثيرة منها :
1- برهان النظم
2- برهان الامكان
3- برهان الفطرة
4- برهان الصديقين
و نطرح هنا برهان النظم بصياغة المفكر الشهيد محمد باقر الصدر
الخطوة الأولى: نُلاحظ توافقاً مطّرداً بين عدد كبير وهائل من الظواهر المنتظمة، وبين حاجة الإنسان ككائن حيّ، وتيسير الحياة له، على نحو نجد فيه أنّ أيّ بديل لظاهرة من تلك الظواهر، يعني انطفاء حياة الإنسان على الأرض أو شلّها، ومن تلك الظواهر نذكر - على سبيل المثال - نموذجين، هما:
أ- تتلقّى الأرض من الشمس كمّيّة من الحرارة، تمدّها بالدفء الكافي لنشوء الحياة، وإشباع حاجة الكائن الحيّ إلى الحرارة، لا أكثر ولا أقلّ. وقد لوحظ علميّاً أنّ المسافة الّتي تفصل بين الأرض والشمس تتوافق توافقاً كاملاً مع كمّيّة الحرارة المطلوبة من أجل الحياة على هذه الأرض، فلو كانت ضعف ما عليها الآن، لما وجدت حرارة بالشكل الّذي يُتيح الحياة،
ولو كانت نصف ما عليها الآن، تضاعفت الحرارة إلى الدرجة الّتي لا تُطيقها الحياة.
ب - ونُلاحظ ظاهرة طبيعيّة أخرى تتكرّر باستمرار ملايين المرّات على مرّ الزمن، لتنتج قدراً معيّناً من الأوكسجين المتوازن باستمرار، وهي أنّ الإنسان - والحيوان عموماً - حينما يتنفّس الهواء، ويستنشق الأوكسجين، يتلقّاه الدم، ويوزَّع في جميع أرجاء الجسم، ويُباشر هذا الأوكسجين حرق الطعام، وبهذا يتولّد ثاني أوكسيد الكربون، الّذي يتسلّل إلى الرئتين، ثُمّ يلفظه الإنسان، وبهذا ينتج الإنسان وغيره من الحيوانات هذا الغاز باستمرار. وهذا الغاز نفسه شرط ضروريّ لحياة كلّ نبات، والنبات بدوره حين يستمدّ ثاني أوكسيد الكربون، يفصل الأوكسجين منه، ويلفظه ليعود نقيّاً صالحاً للاستنشاق من جديد، وبهذا التبادل بين الحيوان والنبات، أمكن الاحتفاظ بكمّيّة من الأوكسجين، ولولا ذلك لتعذّر هذا العنصر، وتعذّرت الحياة على الإنسان نهائيّاً.
لذا قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
الخطوة الثانية: بناء على ما سبق من حالة التوافق المستمرّ بين الظواهر الطبيعيّة ومهمّة ضمان الحياة، يُمكن أنْ نُفسِّر ذلك عبر طرح الفرضيّة التّالية:
أنْ نفترض صانعاً حكيماً لهذا الكون، قد استهدف أنْ يوفّر في هذه الأرض عناصر الحياة وسير مهمّتها، وذلك من خلال إيجاد توافق وتكامل بين الظواهر الطبيعيّة في هذا الكون الواسع.
الخطوة الثالثة: نتساءل إذا لم تكن فرضيّة الصانع الحكيم ثابتة في الواقع، فما هو مدى احتمال أنْ توجد كلّ تلك التوافقات، بين الظواهر الطبيعيّة ومهمّة تيسير الحياة دون أنْ يكون هناك هدف مقصود؟
من الواضح أنّ احتمال ذلك يعني افتراض مجموعة هائلة
من الصدف،, فما ظنّك باحتمال أنْ تكون هذه الأرض الّتي نعيش عليها، بكلِّ ما تتضمّنه، من صنع مادّة غير هادفة ولكنّها تُشابه الفاعل الهادف الحكيم في ملايين ملايين الصفات؟
الخطوة الرابعة: ترجّح بدرجة لا يشوبها الشكّ أنْ تكون الفرضيّة الّتي طرحتها في الخطوة الثانيّة صحيحة, أيّ أنّ هناك صانعاً حكيماً.
الخطوة الخامسة: نربط بين هذا الترجيح وبين ضآلة الاحتمال الّتي قرّرناها في الخطوة الثالثة. ولمّا كان الاحتمال في الخطوة الثالثة يزداد ضآلة كلّما ازداد عدد الصدف الّتي لا بُدّ من افتراضها فيه - كما عرفنا سابقاً - فمن الطبيعيّ أنْ يكون هذا الاحتمال ضئيلاً، بدرجة لا تُماثلها احتمالات
الخطوة الثالثة في الاستدلال على أيّ قانون علميّ, لأنّ عدد الصدف الّتي لا بُدّ من افتراضها في احتمال الخطوة الثالثة هنا أكثر من عددها في أيّ احتمال مناظر، وكلّ احتمال من هذا القبيل فمن الضروريّ أنْ يزول.
وهكذا نصل إلى النتيجة القاطعة، وهي أنّ للكون صانعاً حكيماً، بدلالة كلّ ما في هذا الكون من آيات الاتّساق والتدبير:
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
التعديل الأخير تم بواسطة المستنير ; 05-19-2016 الساعة 05:42 AM.
|