عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2013, 01:38 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي الأسسُ الفلسفية للفكر النسوي الغربي في ثلاثة عقود / سركيس أبو زيد

كاتب الموضوع : فينيق




الحديث مع الدكتورة خديجة العزيزي فيه متعة الكلام وحضور الأم وتطلعات امرأة نحو حقوق أكثر توسعاً وعدالة، وفيه أيضاً حضور أغلبية النساء وتجاربهن وأحلامهن وهمومهن، في مجتمع عربي لا تزال فيه المرأة تقف عند مفارق العدالة والمساواة.
خديجة العزيزي، شخصية حقيقية جداً، وامرأة تشبه فقط ذاك النوع القليل من المناضلات في حقوق المرأة البعيدات عن الادعاءات الفارغة والتزلّف المجتمعي.
خديجة العزيز ي تشبه شريحةً واسعةً من النساء. تشبه الكثيرات في طموحها العلمي: حصلت على إجازة في الآداب من جامعة دمشق "دراسات فلسفية واجتماعية" وماجستير في الفلسفة حول "فينيمولوجيا الانفعال والتخيّل عند سارتر" في الجامعة الأردنية. وعملت مدرسة تربية وعلم نفس في كلية الأميرة عالية التابعة لجامعة "البلقاء".


وهي أيضاً تشبه الكثيرات في واقعها الاجتماعي من حيث الزواج والإنجاب والتفرغ للأسرة، حتى في مواجهتها للقدر: وفاة الزوج وترمّلها وتحمل مسؤولية العائلة. لكنها بالتأكيد لا تشبه أغلبية النساء في إصرارها على تحقيق سعيها العلمي بعد انقطاع طويل عن الدراسة.



أليست مشكلة النساء في تخليهن أو ابتعادهن عن هويتهن الحقيقية الداخلية في مسيرتهن الحياتية؟


فبعد انقطاع طويل عن عالم الدراسة والكتب وسهر الليالي، أكملت خديجة العزيزي مسيرتها وتابعت تحصيلها العلمي فحازت شهادة الدكتوراه في الفلسفة من الجامعة اللبنانية في بيروت واختارت "الأسس الفلسفية للفكر النسوي الغربي".
أطروحة الدكتوراه جاءت في زمن إشكالية الحوار بين الثقافات المختلفة وفي زمن إعادة صياغة النظم والمفاهيم والقيم وفي زمن الدعوة إلى قبول الآخر والحق في الاختلاف.


وفي وطننا العربي ومجتمعاتنا الضيقة المحكومة بالموروث الثقافي والديني والاجتماعي يصير الخيار الأساسي على المحك متأرجحاً بين قبول الثقافة الغربية وبين التمسك بالهوية.


في هذا الزمن إذاً أطلت خديجة العزيزي في رسالة الدكتوراه على الحركات النسائية الغربية في سعي لتشكيل نقاط التقاء بيننا وبين الثقافة الغربية من الباب النسوي.
وفي الكتاب تمضي الدكتورة العزيزي في دروب الفكر النسائي من زاوية التحليل الفلسفي للتيارات النسوية الغربية، فتنتقد بعض الآراء، خصوصاً تلك المتعارضة مع خصوصيات مجتمعات كثيرة وتلتقي مع تلك القائمة على الحرية والعدالة والمساواة. ويستعرض الكتاب مذاهب أساسية في الخطاب النسوي الغربي، متيحاً فرصة قراءة تاريخ هذه المذاهب وقاعدة بنيانها.


وفي الكتاب تحليل لأعمال فلاسفة الحركة النسوية خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين. فهو يكشف ثلاث مراحل متتابعة يصعب الفصل بينها. في المرحلة الأولى تمركز حول النقد الراديكالي للفلسفة السياسية الغربية وللنظام البطريركي، وفي المرحلة الثانية تمركز حول توظيف مقولة الجنوسة Gender في فهم طبيعة المرأة والقمع الموجَّه ضدها، وفي الثالثة تمركز حول مقولات فلاسفة ما بعد الحداثة وإمكان توظيفها بطريقة تخدم الفكر النسوي:


ـ اهتم الجيل الأول من فلاسفة الحركة النسوية بتحليل أعمال فلاسفة كبار ونقدها واتهموهم بمعاداتهم النساء والتحيز ضدهن. واللافت أن مفكرات وفلاسفة هذا الجيل تأثرن إلى حد كبير بآراء انغلز وماركس، وسعين إلى نقد النظام البطريركي ووصفه بأنه نظام قمع اجتماعي يقوم على أساس النزعة الجنسية.


في هذه المرحلة انشقت الحركة السحاقية عن الحركة الراديكالية وأكدت أهمية ممارسة السحاق كوسيلة لمقاومة النظام البطريركي. وتشكلت الحركة الاشتراكية النسوية التي دمجت النقد الراديكالي للبطريركية مع النقد الماركسي للرأسمالية.


ـ في المرحلة الثانية، لعبت مقولة الجنوسة دوراً مهما في التحليل والنقد النسوي. وكانت عبارة سيمون دو بوفوار "أن الواحدة لا تأتي إلى العالم امرأةً وإنما يشكلها المجتمع امرأةً"، هي النافذة التي أطلت عليها مفكرات هذه المرحلة، فحاولن تصور مجتمع يخلو من التمييز والقمع واتهمن الفلاسفة الذكور بأنهم وظفوا مبدأ العقلانية لإقصاء النساء عن المجالات المعرفية وتعاموا عن رؤية مفكرات مثل ولتسون كرافت وسيمون دو بوفوار.


في هذه المرحلة انتقد فلاسفة الحركات النسوية التشريعات القانونية المجحفة بحق النساء. وقد أدى استخدام مقولة الجنوسة إلى انبثاق نوعين من التنظير: الأول يقول بوجود ماهية ثابتة لكل جنس وبتأثير العوامل البيولوجية على الطبيعة البشرية (ماري دالي ـ سوزان غريفن ـ مارلين فراي...)، والثاني يرفض وجود ماهية ثابتة ويؤكد تأثير العوامل الاجتماعية على الإنسان (جولييت ميتشيل ـ ساندرا بارتكي...) وقد غالى كل اتجاه في تقديره تأثير عامل واحد على سلوك الإنسان. فالاعتقاد بحتمية بيولوجية أدى إلى المغالاة في تعظيم الصفات الأنثوية، في تقدير أهمية جسم المرأة إلى درجة اختزال المرأة في حدود الجسد، اختزال الجسد في حدود بعده الجنسي.
والثاني بالغ في تقدير العامل الاجتماعي وفي تفسير الفروق الطبيعية والنفسية والفيزيولوجية والبيولوجية بين الجنسين بالاختلافات الاجتماعية والسياسية.


ـ أما المرحلة الثالثة فقد تميزت بتأثر فلاسفة الحركات النسوية بآراء فلاسفة ما بعد الحداثة أمثال فوكو ودريدا. فقد شكل نقد هؤلاء الفلاسفة لمفهوم العقلانية ولمركزية العقل والتعريف الواحد للحقيقة، حلقة الوصل بين الفكر النسوي وفكر ما بعد الحداثة. وحفزت آراء فوكو المفكرات على تقديم المذهب النسوي على انه علم مواجهة يتحدى الإنسان الذكر كمفهوم جنوسي وكمفهوم عام. ووجدت بعض المفكرات في آراء دريدا التي تحمل فكراً نسوياً وموضوعات تتعلق بالنساء عناصر مناسبة لبناء النظرية النسوية.


عن نقاط الضعف التي عبرت تجربة الفكر النسوي الغربي تقول العزيزي: "إن السير في هذه الدروب لم يكن سهلا بسبب كثرة منعطفات الفكر النسوي الغربي وتعدد اتجاهاته من حيث تعدد الحركات فيه كالليبيرالية والماركسية والراديكالية والاشتراكية والسحاقية وحركات ما بعد الحداثة، إضافة إلى صعوبة تصنيف مفكراته ضمن إطار الحركات وذلك بسبب تراجع بعضهن عن ثوابتهن الفلسفية الأساسية مثل ماري دالي، وتنقّل بعضهن بين حركة وأخرى مثل جولييت ميتشيل، وبسبب وجود مفكرات لا ينتمين إلى أي حركة مثل مارسيل لاكوست وسوزان هيك.


ومن الصعوبات أيضاً، غموض النصوص واحتواؤها على آراء مترددة وحائرة ومربكة (رأي سيمون دو بوفوار في جسد المرأة) وتعدد المفاهيم التي لم تتفق المفكرات على معان محددة لها مثل: الجنوسة Gender، الخنوثة...".


يتبع ..




:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس