عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2013, 12:56 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

الكلام عن حجة التصميم القديمة ذاتها و يمكن تلخيصها كما يلي:

1- في الكون تصميم معين
2- لا بد لكل تصميم من مصمّم
3- نسمي هذا المصمّم "اللـه"
=========================


و الاعتراضات على هذا كثيرة و أهمها:

1- الحجة تستخدم القراءة التفسيرية interpretive reading. يعني مثلا نحن نرى أن المادة تتصرف بنحو كذا و كذا، فنقول أن هذا نظامها، و لو أنها تصرفت على أي نحو آخر، فأيضا سنسميه نظاما، و مهما كان النظام، سنفسره على نحو انساني تشخيصي لأن القرد في عين أمه غزال. سأعطي مثالا بسيطا: هب أننا رمينا حجري نرد و حصلنا على الرقمين (3،5). هذا لا يوجد فيه أي مغزى، صحيح؟ الآن هب أن أحدا قال لنا، "إرموا حجري النرد، فإن حصلتم على الأرقام (3،5) سأعطيكم 100 دولار،" فإذا رمينا النرد و حصلنا على (3،5)، فإن نفس هذه الأرقام العشوائية يصبح لها مغزى معين! مشكلتنا في الكون أننا حددنا المغزى بعد وقوع الحادثة. كأننا حددنا الأرقام التي لها مغزى بعد رمي أحجار النرد. مثلا لو كان الكون موجودا بشكل آخر، سننظر إليه و نقول، "هذا النظام بالذات لا يمكن أن يوجد بدون إله. و مهما يكون شكل الكون سنقول نفس الكلام.

2- ما هو الدليل على أن تصميم الكون بحاجة الى مصممم؟ يعني هل رأينا أكوانا أخرى مثلا، و تعرفنا على مصمميها، و بالتالي نستنتج أن هذا الكون بحاجة لمصمم؟

يستشهد البعض بتصميمات الإنسان، قائلين أننا اذا رأينا طائرة مثلا، نعرف أن هناك انسانا مقكرا قام بتصميمها. مشكلة هذه الحجة أنها انتقائية و تحشر النتيجة في الفرضية (sticking the conclusion in the premises). للسبب التالي:

لو فرضنا خطأ هذه الحجة الكوزمولوجية (أي لا وجود للمصمم)، فإن هذا يعني أن معظم التصاميم في الكون (مثل نطف الثلج و النباتات و الحيوانات) ليست من صنع مصمم، و بهذا نستنتج أن تصميمات الانسان هي الإستثناء و ليست القاعدة. اذن الفرضية الثانية (second premise) من الحجة الكوزمولوجية (لا بد لكل تصميم من مصمم) تفترض صحة الحجة قبل اثباتها، أي تحشر النتيجة في الفرضية نفسها، و هذا خلل منطقي ينقض الحجة كلها.

اذن قبل الاستنتاج بصحة الحجة، يجب اثبات صحة كل مقوماتها، و للأسف فالعلم الحديث لا مكان فيه للعقل المدبر (اللـه) و انما هو لا يعترف إلا بالعوامل و القوى الطبيعية و لم يجد للعقل المدبر أي أثر مباشر.


3- الاعتراض الأهم الأخير هو مشكلة التسلسل اللامتناهي infinite regress أو الإستنتاج الإنتقائي.

الحجة تقول أن وجود التصميم في الكون دليل على وجود مصمم. طيب اذا كان هذا المصمم موجودا، أليس فيه تصميم أيضا؟ أليس هو بالغ التعقيد؟ فأين مصممه؟ يتجاهل الأشخاص الذين يأتون بهذه الحجة الكوزمولوجية حقيقة أنها تضخم المشكلة و لا تحلها بأن تبدأ بتصميم بسيط نسبيا (الكون) و تنتهي بتصميم أكثر تعقيدا (اللـه) و هذا خطأ استراتيجي من الناحية المنطقية. الأسلم أن نبقى على ما لنا علم به (الكون) و نحاول ايجاد حل حقيقي، بدل أن نأتي بما لا علم لنا به البتة (الآلهة) و نعقد المشكلة. و الآلهة ليست حلولا و إنما افتراضات تخلو تماما من المعرفة الحسية empirical و بالتالي لا يعول عليها و تبقى في حكم التخمين.

معظم القائلين بهذه الحجة الكوزمولوجية يهبون للدفاع عنها بالقول مثلا، "إن اللـه ليس بحاجة لمصمم لسبب كذا و كذا"، و هكذا ينتقلون من مسألة وجود المصمم، إلى مسألة صفات المصمم، و هذا حشرٌ آخر لنتيجة معينة (صفات المصمم) داخل الفرضية نفسها التي تحاول أصلا اثبات وجود هذا المصمم (sticking a conclusion in the premises) و هو خلل منطقي لا يجوز.

أما الدفاع الثاني فهو القول أن اللـه هو السقف الأعلى الذي لا يعلو عليه شيء، و بالتالي لا يمكن أن يكون له مصمما أكثر تعقيدا منه. المشكلة في هذا الدفاع هو التالي:

أ- الثابت في الكون علميا هو العكس تماما، فالتصاميم تحدث من الأبسط إلى الأكثر تعقيدا، مثل التطور الداروني و الانتقاء الطبيعي الذي يؤدي الى وجود أنظمة معقدة (كالحيوان) من أنظمة بسيطة (مثل الخلايا)، و كذلك فعلماء الفضاء يقولون أن كوكب الأرض مثلا قد وصل إلى ما هو عليه في عملية طويلة جدا شابتها الكثير من التغييرات و الكوارث. لو كان المدبر موجودا لما احتاج إلى هذه العملية الانتقائية الطويلة التي تعتمد على التجربة و الخطأ، بل لكان قد خلق الكون جاهزا بالصورة النهائية.

ب- إفتراض أن اللـه هو السقف الأعلى (مع أنه مجرد إفتراض) إلا أنه مستحيل منطقيا بسبب تناقض الصفات المطلقة و استحالة اجتماعها في كائن واحد (و هذه اسمها أحجية أبيقور القديمة*). أما اذا افترضنا أن اللـه ليس السقف الأعلى بل هو كائن يدخل في حدود المنطق فحسب، فعندها يمكننا أن نستبدل اللـه بالكون ذاته و نقول، "إن الكون هو السقف الأعلى الممكن منطقيا و لا يعلو عليه شيء." و هذا يؤدي بالبعض إلى فلسفة سبينوزا و أينشتاين اللذان كانا يقولان بأن اللـه هو "كل الأشياء" أو أن اللـه هو الكون ذاته (فلسفة الـ pantheism).

4- مشكلة الحجة الغائية (التصميم) هو أنها مبنية على الشبه.

أي أن طارح الفكرة يرى أن الكون أو الكائنات الحية "تشبه" مصنوعات الانسان إلى حد ما، فيستنتج وجود المصمم.

ولكن تشابه الظاهرة لا يعني بالضرورة تشابه السبب.

مثلا:
1- الشمس مضيئة
2- الضوء في البيت سببه الكهرباء
3- إذا سبب ضوء الشمس هو الكهرباء

مشكلة الاستنتاجات المبنية على الشبه هو إمكانية التركيز على صفات ونواحي مختلفة لاستنتاج شبه مختلف.

تحدث (هيوم) في حواراته في الدين الطبيعي عن الحجة الغائية، وقال أن الكون يشبه النبتة إلى حد كبير، فهو ينمو ويتفرع..الخ
كذلك يمكن تشبيه الكون بجسم الحيوان..

وكل من هذه التشبيهات يؤدي إلى استنتاجات تختلف حسب التشبيه المستخدم.

ولكنها جميعا ليست ضرورية من حيث المنطق.





:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس