إذا أنتَ أفْقَدتَّ هذا المقدار من الماء جزءا معيَّنا من مخزونه الحراري فإنَّك تتوقَّع تحوله إلى جليد. ولسوف تنجح في توقُّعكَ هذا. ولكن، هل ينتهي عملكَ هذا إلى هذه النتيجة فحسب؟ كلا، لا ينتهي إليه فحسب؛ فعملكَ مع انتهائه إلى النتيجة التي أردت وتوقَّعت، لن يتوقَّف عن التفاعل مع أشياء لا يمكنكَ عدَّها أو حصرها، وسيتمخَّض، بالتالي، عن نتائج لم تتوقَّعها، وما كان في مقدوركَ توقعها، وما كان لديك من حاجة إلى توقُّعها والإحاطة بها عِلْما.
وفي آخر المطاف، ينشأ واقعٌ جديد، علاقته السببية بوعيكَ، وبالنشاط العملي الذي قمتَ به عن وعي، في منتهى الضعف. وهذا ما يفسِّر الظاهرة أو الحال الآتية: التفاعل بين "الذات" و"الموضوع" يُنْتِج، في آخر المطاف، واقعا اجتماعيا ـ تاريخيا جديدا يفاجئ، في جوهره، البشر جميعا، وكأنَّه من صنع يدٍ خفية لا عِلْم لهم بها، ولا قدرة لديهم على السيطرة عليها والتحكم فيها.