تحية وسلام ...
نأتى إلى الجزء الأخير من إقتباسنا لكتاب - كوكب الأرض ..نقطة زرقاء باهته
هل توجد حياة ذكيّة على كوكب الأرض؟
وجود حياة ذكية هو التفسير الوحيد الممكن و استنتاجك أن إرسال الراديو يعزى إلى التكنولوجيا الموجودة على كوكب الأرض يبقى صحيحا بغض النظر عما تعنيه عمليات الفتح و الإغلاق و هكذا ستعرف أن نوعا , على الأقل , من الأنواع الموجودة قد حقق تكنولوجيا الراديو , و لكن أي نوع هذا؟ الكائنات التي تصنع الميثان؟ ..التي تولد الأكسجين؟ التي تلون السطح بالأخضر؟ من هو؟
إنه شخص بارع و لن تخطئه سفينة الفضاء و سوف تبحث عن هذا النوع أو منتجاته.
تنظر من خلال تلسكوب متواضع و لكنك غير قادر على تمييز أي معمار بارز و لا أي تشكيلات غريبة أو إصلاحات أو أي إشارة للحياة. إنك ترى غلاف جوّيا كثيفا , و ماء وفيرا يتبخّر ثم تعيده الأمطار , كما أنه لا أثر لأي فوهات تصادم قديمة واضحة على السطح . هناك إذن عمليات تجري على سطح الأرض قامت بتكوين أرض جديدة و أخفت آثار التصادمات .
إذا نظرت بتحديد أكثر , ستجد سلاسل جبلية و وديان و أنهار و غيرها مما يدل على نشاط الكوكب الجيولوجي . و هناك أيضا أماكن غريبة محاطة بالنباتات و لكنها هي ذاتها مجرة منها . و عند زيادة دقة الصورة , تظهر تفصيلات تكشف أن الكوكب مغطى بخطوط مستقيمة و مربعات و مستطيلات و دوائر و هي تحتشد أحيانا على ضفاف الأنهار أو المنحدرات السفلية للجبال و أحيانا تمتد عبر السهول و نادرا وجودها في الصحاري , و لا توجد أبدا في المحيطات .
تستطيع تفسير انتظامها و تعقدها و توزيعها بوجود الحياة و كائنات ذكيّة على الرغم من حيرتك حول الغرض منها. ربما تستنتج أن أشكال الحياة المهيمنة لديها ولع بالإقليمية و الهندسة الإقليدية.
الآن ,,, البقع التي لا تشتمل على حياة نباتية تبيّن أن لها هندسة رقعة الداما , إذن , فهي مدن الكوكب. على أجزاء كبيرة من السطح , و ليس فقط المدن , يوجد الكثير من الخطوط المستقيمة و المربعات و المستطيلات و الدوائر , و يوجد حتى شكل خماسي في إحدى المدن!!
و عند التقاط صور بدرجة وضوح أكبر , سترى كائنات انسيابية متعددة الألوان و يبلغ طولها بضعة أمتار , وتجري بأدب واحدة تلو الأخرى فيقف احد مواكب هذه الكائنات ليتيح لموكب آخر أن يمر و ذلك بصورة دوريّة . أما في الليل فيضيء كل واحد منهم ضوئين في المقدمة حتى يرى الإتجاه الذي يسير فيه و بعضها يدخل إلى بيوت صغيرة في نهاية اليوم أما الباقي فيبيت في الشارع بلا مأوى. و هكذا تكون اكتشفت مصدر التكنولوجيا.
إذا تحسّن وضوح الصورة أكثر قليلا , ستكتشف وجود طفيليات دقيقة تدخل و تخرج أحيانا من و إلى أجسام الكائنات السائدة و هذه الطفيليات تلعب دورا أعمق , فكائن حي من الكائنات المهيمنة يجفل بعد أن يصيبه طفيلي ما ثم يرتبك تماما قبل خروجه , إنه أمر ملغّز.
ستكتشف أشياء أكثر إثارة عندما تلتقط صورا للأرض في الليل أو الجانب الذي لا يصله ضوء الشمس. سترى الكوكب مضاء و أكثر المناطق المضاءة تقع قرب القارة القطبية الجنوبيّة و ذلك عن طريق الشفق القطبي الشمالي (الإلكترونات و البروتونات القادمة من الشمس و المتجهة إلى أسفل بسبب قوة المجال المغناطيسي للأرض). أما كل شيء آخر فهو بسبب الحياة القائمة على الأرض فتحدد بوضوح القارات نفسها التي تميّزها في النهار.
بعض الأضواء لا تعزى إلى المدن , ففي شمال أفريقيا و الشرق الأوسط و سيبيريا على سبيل المثال هناك أضواء شديدة اللمعان ستعرف لاحقا أنها ناجمة عن الاحتراق بآبار النفط و الغاز الطبيعي.
و يبدو من المعقول الكشف بسهولة من الفضاء عن بعض غايات الحياة على كوكب الأرض, مثل أمعاء الحيوانات المجترّة و المطبخ الياباني (أضواء سفن صيد الحبار) و وسائل الاتصال بالغواصات الهائمة التي تحمل الموت لأكثر من 200 مدينة , في حين كثيرا من أعمالنا الهندسية العظيمة لا تبدو مرئية, إنه فعلا مثال ذو مغزى أخلاقي.
هكذا , ستنظر لرحلتك إلى كوكب الأرض على أنها ناجحة فقد ميّزت البيئة و اكتشفت الحياة الذكيّة و حددت النوع السائد وهذا الكوكب يستحق دراسة أكثر و أطول و هو سبب سيدفعك إلى إدخال سفينتك الفضائية إلى مدار حول الكوكب.
ستكشف أن المداخن في جميع أنحاء الكوكب تطلق ثاني أكسيد الكربون و مواد سامة أًخرى و كذلك تفعل الكائنات الغير الحية التي تجري في الطرقات.
كمية ثاني أكسيد الكربون و الميثان , و هي غازات دفيئة , تزداد بإفراط في الغلاف الجوي. و إذا ما استمرت هذه العملية , سترتفع حرارة الكوكب و سيجري حقن غازات الكلوروفلوروكربونات و هي , إضافة إلى كونها دفيئة , تدمّر طبقة الأوزون.
هل سيتأقلمون مع بيئة متغيّرة أكثر خطورة؟ ماذا سيتنفسون ؟ و بسبب استنزاف التربة الفوقية نحو البحر بمعدلات عالية , ستغيب الزراعة عنهم , فماذا سيأكلون؟
من موقعك المداري , سترى بوضوح أن الكائنات الحيّة المهيمنة أيا كانت , تقوم بتدمير طبقة الأوزون و الغابات و تعرّي ما تملكه من التربة الفوقيّة , و تجري تجارب على المناخ غير خاضعة للسيطرة. ألم تلاحظ هذه الكائنات ما يحدث ؟ هل تجهل مصيرها؟ ألا تستطيع أن تعمل مع بعضها من أجل خير هذه البيئة التي توفر لها سبل الحياة؟
ربما ستعتقد أنه من الأفضل أن تعيد تقييم حدسك عن وجود حياة ذكيّة على كوكب الأرض !!
البحث عن حياة في مكان آخر : اختبار المعايرة
لم تستطع أي من سفننا أن تجد أي إشارة على وجود حياة في أي مكان آخر بالمنظومة الشمسية و خاصة حياة تختلف عن النمط الذي نعرفه. و حتى وقت قريب لم نقم باختبار المعايرة الواضح : إرسال سفينة فضاء حديثة بين الكواكب لنرى إذا كنا قادرين على اكتشاف أنفسنا و لكن هذا كله تغير في 8 ديسمبر 1990م .
جاليليو , سفينة فضاء تابعة لناسا , صممت لاكتشاف كوكب المشتري العملاق بأقماره و حلقاته. تمت تسمياتها بهذا الاسم بسبب الدور الهام جدا الذي لعبه هذا العالم في إسقاط الزعم القائل بمركزية الأرض و لأنه أول من رأى كوكب المشتري من العلماء.
للوصول للمشتري , يجب على جاليليو أن تحلق مرة بالقرب من كوكب الزهرة و مرتين بالقرب من الأرض و ذلك لتحصل على عجلتها من جاذبية الكوكبين , و هكذا أتاحت لنا للمرة الأولى أن ننظر بمنظور خارجي و بمنهجية نحو كوكبنا.
طارت جاليليو على ارتفاع 960 كيلو متر من سطح كوكب الأرض و البيانات التي وردت في هذا الفصل قد حصلنا عليها بالفعل من جاليليو . من خلال جاليليو استطعنا الاستدلال على الغلاف الجوي الأكسجيني و على الماء و السحب و المحيطات و الجليد القطبي و الحياة و الكائنات الذكية , و قد وصفت بأنها " بعثة إلى كوكب الأرض".
نجاحنا في اكتشاف الحياة على كوكب الأرض باستخدام جاليليو, دونما افتراضات مسبقة حول ما يجب أن تكون عليه هذه الحياة , يزيد في ثقتنا بأنفسنا فنحن لا نبحث عن نوعنا البيولوجي بل عن الحياة.
إن أي صبغ واسع الانتشار لعملية التركيب الضوئي و أي غاز ينطلق بكمية كبيرة بشكل غير متوازن مع باقي غازات الغلاف و أي معالجة للسطح بنماذج هندسية عالية و أي تألق ضوئي ثابت في نصف الكرة الليلي و أي مصدر غير جوي لرسائل الراديو , أي من أولئك يدل على الحياة .
لقد بدأ بحثنا لتوه و ربما كانت الحياة مختفية على المريخ أو المشتري , على يوروبا أو تيتان , و ربما تكون المجرة ذاخرة بعوالم غنية بالحياة مثل عالمنا , و لكننا لم نكتشفها بعد.
قراءة ممتعة ....
