يبدو لى الآن انك ليست متدينًا، ولكنك ما زال تقيس أي طرح عن الوجود بمسطرة الدين التقليدي:
إذا قلتَ "هناك وعي أعلى" أو "سر مطلق"، تظن أنى مؤسس لديانة جديدة!
بينما أنا في الحقيقة اقوم بعكس ما فعله الأنبياء:
لا ادّعي اتصالًا خاصًّا.
لا اتنسج طقوسًا.
لا اُبشّر بجنّة ولا نار.
ولا اطلب اتباعًا، بل تفكيرًا حرًا وتحليلًا نزيهًا.
يا يوسف،
سعيد أنك بدأت ترى الصورة من زاوية مختلفة، ولو بسخرية لطيفة.
لكن لفتني أمر:
لماذا حين يطرح إنسان تصورًا غير ديني، ولكن غير عدمي أيضًا، تقول عنه "ديانة جديدة"؟
هل أصبحت كل محاولة لتفسير الوجود خارج ثلاثي (إله، لا إله، عبث) = ديانة؟
اسمح لي أن أسألك بعض الأسئلة ورد بصراحة:
1. هل غاية العقل أن يقول فقط "لا يوجد"؟
إنكار الأديان لا يعني أن تنكر كل احتمال منطقي لوجود كينونة أعلى، أو أصل أزلي.
فهل ترى أن القول بوجود مطلقٍ لا محدود، هو دين جديد… أم ضرورة عقلية لتفسير الوجود؟
2. من أين جاء كل شيء؟
نحن أمام حقيقة:
هناك وجود.
قوانين.
وعي.
احتمالات رياضية منضبطة.
نشوء من العدم الظاهري.
عقولنا .
فهل تفسّر هذا بـ:
صدفة محضة؟
أم تقول: هناك سبب ماورائي، لكنه ليس كما هو فى الأديان؟
3. هل "رفض الأديان" هو موقف فلسفي كافٍ؟
أنت تقول – مثل كثير من الملاحدة – أن الأنبياء اخترعوا أديانًا.
جميل.
لكن...
هل تنتهي مهمتنا العقلية عند السخرية من محمد أو يسوع؟
هل نكتفي بتمزيق الكتب المقدسة، ونترك أعظم سؤال في الوجود بلا محاولة للفهم؟
أنا لا أصنع دينًا يا يوسف،
بل أحاول أن أنتزع "المطلق" من أيدي الأديان، وأنظر فيه بصفاء، بلا وسطاء .
4. هل منطقك يسمح بوجود وعي أعلى… غير ديني؟
أنا لا أقول:
صلوا نحوي.
أو اجعلوا لي كتابًا.
أو هذا "الله" الجديد اسمه " الاحد المطلق ".
بل أقول:
إذا كان العقل لا يقبل بوجود بلا سبب،
وإذا كان كل نظام يستدعي مصممًا،
واذا كانت عقولنا النسبيه تستدعى وجود عقل مطلق،
وإذا كانت القوانين تحكم الذرّة والمجرة…
أفلا يجوز وجود " ماهو قبل الواحد " وراء الكل، ليس شخصًا، ولا بشرًا، ولا إلهًا قبليًّا؟
هذا ليس دينًا.
بل هو تفكير فلسفي ناضج.
5. لماذا "إله بلا ملامح" يخيفكم أكثر من "إله بدوي بصفات بشريه"؟
الطريف أنك تسخر من "إلهي" – الذي لم أصف له شكلًا ولا مشاعر – بل سميته بما يليق به
بينما الناس تصدق إلهًا يغضب، ويأمر بالذبح، ويجلس على عرش بين الملائكة ويهدد بالنار.
فمن منهما أقرب للعقل:
الإله اللا-مشخص، اللامحدود؟
أم من يتحدث عبر جبريل، وينزل على جبل، يقول الم ترى كيف فعل ربك باصحاب الفيل ثم تدنس وتسرق وتكسر وتحرق مقدساته ولا يفعل شئ ؟
يوسف، بصراحة:
أنا لا أخترع شيئًا.
بل أُزيل القشرة، وأحاول لمس الجوهر.
ما تراه أنت "دينًا جديدًا"،
هو عندي: نفيٌ للأوثان الموروثه… بأدوات فلسفية جديدة.
وأنا لست نبيًّا،
بل مجرّد عقل يطرح السؤال الذي تجاهله الجميع:
"هل نحن ضحية كائنات تتقمص اسم المطلق؟"
فكر فيها، وقد تكون أول السابحين ضد التيار... بحق.
فربما ابى الاله الحق الا ان يعرفه عبده بدون رسل ولا مبشرين فقط من العبد الى ربه دون وسيط