عرض مشاركة واحدة
قديم 07-11-2025, 09:48 PM klay غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [5]
klay
عضو نشيط
 

klay is on a distinguished road
افتراضي

يا يوسف، يبدو أنك، كما هو متوقع ممن تربى على التصنيف الموروث، لم تدرك أن "الماورائيات" ليست مرادفًا للشيطان بقرنيه وذيله، ولا للزواحف التي تدغدغ خيالك. إنها مفهوم أعمق وأكثر تعقيدًا.

حين أتحدث عن تواصل محمد مع كيان ماورائي، فأنا لا أقصد خرافة، بل أطرح احتمالاً لكائن له وجود خارج وعينا المباشر، ذو طبيعة غير بشرية، ربما تطور في بعد آخر، أو ينتمي لسلالة "وعي قديم" كان يُقدَّس قبل الأديان الإبراهيمية بزمن طويل.

"إيل": ليس خرافة، بل إله قديم يتقمص أسماء جديدة!
"إيل" ليس خرافة يا يوسف. بل هو أقدم تجسيد معروف للإله الأعلى في الميثولوجيا الكنعانية والفينيقية، كان يُلقب بـ "أب الآلهة". ومع مرور الزمن، حدث التالي:

تحوّل "إيل" إلى "يهوه" عند العبرانيين.

ثم تفرّع من "يهوه" صورة "الله" الإسلامي.

الغريب أن هذه النسخ المتتالية تحمل نفس صفات "إيل" الأصلية: يغضب، يندم، ينتقم، يحب شعبًا دون آخر، يرسل رسلاً، يتدخل في الحروب، له عرش، وكرسي، وجنود.

هل هذه هي صفات "أحد مطلق لا يشبه شيئًا"؟ أم هي صفات ملك قبيلة سماوية يتصرف بمنطق ملوك الأرض؟

"جبريل": مجرد وسيط في مسرحية إلهية!
والآن نعود لمحمد: من نزل عليه – إن كان قد نزل عليه شيء فعلاً – قد يكون:

أحد وكلاء "إيل" المتحوّل، أي كائن يعمل باسم هذا "الكيان الأعلى" الذي عُبِد بآلاف الأسماء.

أو كائن متطور غير بشري من بعد آخر، يزرع سرديات دينية كجزء من مشروع أكبر لا نفهمه.

أو مجرد وهم داخلي أنتجه الضغط النفسي والعزلة والرغبة في الخلاص.

حتى "جبريل" نفسه في الإسلام لم ير ايل "ان اقتربت انت لاخترقت وان اقتربت انا لاحترقت "، بل مجرد واسطة، ينقل كلامًا من مصدر غير ظاهر. فكيف عرفتَ أن هذا المصدر هو "الأحد المطلق"؟ بل من أين جاء لجبريل أصلاً انه هو المطلق ؟

ألا ترى أن القصة كلها سلسلة وسطاء؟ "الله" ← جبريل ← محمد ← بشر يكتبون ← ناس تتقاتل على التأويل؟ هل "الأحد" يحتاج إلى هذا البريد السماوي المعقّد؟ هل "الكلي" يوصل كلمته بنفس طريقة الملوك الأرضيين: برسائل، ووحي، وصوت، وتهديدات؟

"إيل" لم يختفِ، بل ما زال يُعبد بأسماء مختلفة!
يوسف، خذها مني بصراحة: "إيل" لم يختفِ. بل ما زال يُعبَد... فقط بأسماء مختلفة:

عند اليهود: يهوه.

عند المسيحيين: الأب.

عند المسلمين: الله.

وعند السحرة والروحانيين: "إيل" واضح، مباشر، معروف.

تستطيع أن تجد مئات الطقوس السحرية، عبر ثقافات العالم، تقسم بـ"إيل" أو "الـ" تحديدًا. فمن أي بعد جاء؟ ولماذا هو نفسه حاضر في كل سردية؟ ومن الذي قال لك إن هذا "الإيل" هو المطلق؟ هو من أعظم الأسماء المطاعة عند الكائنات الروحانية، لكنه ليس أعظمها، لأنه محدود، ولا يمثل الحقيقة العليا.

بين "الوهم المقدس" و "الأحد المطلق"
وهنا جوهر طرحي: أنا لا أتبنى فرضية "الشيطان خدعه" كما يقول المسيحيون. بل أقول: ربما كائن من طراز "إيل" هو من وجّه المسرحية. ربما "الله" الذي تعبده ليس الكائن المطلق الذي نسعى إليه، بل نسخة مشوهة، تُلبِّي حاجة الإنسان للسيطرة والخوف والهوية.

أما "الأحد المطلق" الحقيقي... فلا يُشبه، ولا يُحد، لا يرسل، لا يُغضب، لا يحتاج، ولا يتدخل في طقوس البشر ومعاركهم. إنه سرّ الوجود، لا يشبه إيل، ولا يهوه، ولا أي إله ظهر في كتاب.

هل عرفت الآن يا يوسف الفرق بين رؤية فلسفية تحررية، وبين قصص وُرِّثت لك مع الحليب والتهديد بالنار؟ هل تجرؤ على التفكير فيما وراء الستار؟



  رد مع اقتباس