اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمة وافتخر
.
خامسًا : الشمائل والصفات : من أكبر الأدلة على صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو شخصيته نفسها ، وما تحلى به من مكارم الأخلاق وحسن الخصال وجميل الخلال وعظيم الصفات ، حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم درجة من الكمال البشري في حسن الصفات والأخلاق لا يمكن أن تكون إلا لنبي مرسل من عند الله ، فما وُجد خلق حميد إلا دعا له وأمر به وحث عليه وعمل به ، وما من خلق ذميم إلا نهى عنه وحذر منه ، وكان أبعد الناس عنه ؛ حتى بلغ اعتناؤه بالخلق درجة تعليل رسالته وبعثته بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارمها ، والعمل على إصلاح ما أفسدته الجاهلية منها ، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ) .
أخرجه أحمد (8739) وقال الهيثمي في " المجمع ": " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ".
وصحح العجلوني سنده في " كشف الخفا "، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2349) .
والمعجزة دليل على صدق الرسول ، فإنه يقول للناس إنه مرسل من الله تعالى ، فيتحداه بعضهم أن يبرهن على ذلك ، فيؤيده الله عز وجل بالمعجزة ، وهي الأمر الخارق للعادة ، وقد تحصل له المعجزة من غير أن يتحداه أحد أو يكذبه ، فتكون تثبيتاً لأتباعه.
.
|
إن تحويل
صفات محمد الشخصية إلى
برهان على نبوته ليس إلا نوعاً من المغالطة الدائرية التي تُحاك في دوائر الإيمان المغلق:
يُفترض أنه نبي = إذن لا بد أن يكون كاملاً = وبما أنه كامل فهو إذن نبي.
إن مكارم الأخلاق بحد ذاتها ليست حكراً على الأنبياء ولا على المدعين للنبوة؛ فالأخلاق العالية وجدت وتوجد في آلاف البشر من فلاسفة ومصلحين وأرباب مذاهب روحية لا يدعون النبوة أصلاً.
أما تصوير محمد في الرواية الإسلامية على أنه "
أكمل البشر أخلاقاً" فهو انعكاس لصناعة صورة مثالية لاحقة لا لصورة تاريخية موضوعية. هذه الصناعة تمت عبر مئات الأحاديث والمرويات التي حرصت على تنقية الصورة من كل شوائب التناقض الإنساني.
لكن نظرة محايدة في سيرته كما تنقلها المصادر ذاتها تكشف عن:
- تورطه في الغزوات والقتل والسبي.
- تزويجه لنفسه من طفلة (عائشة).
- تمييزه في المعاملة بين أتباعه وخصومه.
- فرضه للجزية والولاء المطلق لسُلطانه الديني والسياسي.
فهل هذه أخلاق كمال بشري كما يدّعون؟ أم هي ببساطة تجلٍّ لأنموذج زعيم سياسي وديني يعيد إنتاج منظومة القيم حسب مصلحة مشروعه؟
إن الحقيقة الصادمة: أن الرواية ذاتها التي تمدحه هي نفسها التي تحفظ أفعاله المتناقضة؛ لكنها تُفرغ التناقض من معناه بتعليلات دينية جاهزة.
وهكذا لا يبقى عند المؤمن إلا صورة مصقولة منقاة لا تعكس واقعاً موضوعياً بل انعكاساً لرغبة الإيمان في اكتمال النموذج الذي يعبده.
إن الكمال الذي لا يُقبل النقاش في تفاصيله هو كمال إيماني مصطنع لا كمال إنساني حيّ خاضع للنقد والفحص.