عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2025, 09:38 PM shaki غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [7]
shaki
عضو برونزي
الصورة الرمزية shaki
 

shaki is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمة وافتخر مشاهدة المشاركة
رابعًا : النبوءات :
ويُقصد بالنبوءات هنا : ما أخبر به الوحي من أمور وأحداث تقع في المستقبل سواء في حياته النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو بعد مماته .
وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الأمور المستقبلية إلا وقع كما أخبر تمامًا ، وهذا دليل على أن الله عز وجل قد أوحى إليه وأطلعه على أشياء من علم الغيب الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي، ومن ذلك:
ما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى ) .
أخرجه البخاري (7118) ، ومسلم (2902) .
وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر تمامًا في سنة 654هـ ، أي بعد وفاته بما يقرب من 644 سنة ، وقد ذكر ذلك المؤرخون ومنهم العلامة أبو شامة المقدسي في كتابه " ذيل الروضتين "، وهو من العلماء الذين عاصروا هذه الواقعة التاريخية ، وكذلك الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (13/219) حيث قال: " ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى ، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه ، وقد بسط القول في ذلك الشيخ الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي في كتابه الذيل وشرحه ، واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة إلى دمشق من الحجاز بصفة أمر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وأمرها .
وملخص ما أورده أبو شامة أنه قال : وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة من هذه السنة ، وكتبت الكتب في خامس رجب ، والنار بحالها ، ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى ) فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .
قال : وكنا في بيوتنا تلك الليالي ، وكان في دار كل واحد منا سراج ، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها ، إنما كانت آية من آيات الله عز وجل " انتهى . .

إن النبوءات التي يزعمونها برهاناً على صدق النبوة ليست في حقيقتها إلا منتجاً سردياً يتغذى على ثلاثة عناصر:
الضباب الزمني، والتأويل الرجعي، والذاكرة الجمعية المنحازة.

فالنبوءة لا تملك مصداقيتها إلا عندما يُسجَّل توقيتها ونصها الحرفي قبل وقوع الحدث، ثم يتم التحقق من مطابقتها بعد تحققه دون تدخل بشري في النص أو التفسير.

أما ما يعرضونه في كتب الحديث فهو نتاج تدوين لاحق، جُمع بعد موت محمد بعقود أو قرون، ومنقول عن أسانيد متسلسلة ينخرها التعصب الإيماني ويعتريها التحوير السردي.
والأخطر من ذلك أن جل هذه "النبوءات" لا تخرج عن أمرين:

التكهنات العامة الممكن تحققها طبيعياً
كخروج نار، أو ظهور فتن، أو شيوع الفساد، وهي تنبؤات قابلة للحدوث في كل الأزمنة والمجتمعات.

أحداث متحققة يعاد نسبها للنبي بأثر رجعي
حيث يتم توليد الأحاديث بعد وقوع الأحداث ثم تُنسَب إليه، فتصبح المعجزة من صنع الرواة لا من وحي السماء.

أما حديث النار التي تضيء أعناق الإبل ببصرى فهو نموذج مثالي على هذا النمط:

أولاً: الحدث وقع سنة 654 هـ (في القرن السابع الهجري) أي بعد وفاة محمد بستة قرون كاملة، فكيف تحقق يقين النقل على مطابقة الحدث للنبوءة حرفياً؟

ثانياً: النار البركانية ليست ظاهرة خارقة ولا إعجاز فيها، وهي أحداث جيولوجية عرفتها البشرية عبر التاريخ في كل بقاع الأرض.

ثم إن أخطر ما في هذه اللعبة النبوئية أن التحقق لا يتم إلا عبر رواة من داخل المنظومة المؤمنة ذاتها، فهم الخصم والحكم في آن واحد.

لو كانت النبوءة برهاناً صادقاً لكان الأنبياء عبر التاريخ يتحدون الناس بإثبات دقيق وموثق لا يترك مجالاً للاحتيال السردي ولا لتزيين الإيمان المغلق بما يشتهي سماعه.



  رد مع اقتباس