عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2025, 09:27 PM shaki غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
shaki
عضو برونزي
الصورة الرمزية shaki
 

shaki is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمة وافتخر مشاهدة المشاركة

أولاً : دلالة الفطرة : فإن دعوة الإسلام هي الموافقة للفطرة السوية ، وإلى ذلك أشار قول الله عز وجل : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم/30 .
وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ) .
أخرجه البخاري (1358) ، ومسلم (2658) .
وقوله ( تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ) أي كما تولد البهيمة مجتمعة الأعضاء وسليمة من النقص ، وما يحدث لها من قطع الأذن أو غيرها فيكون بعد ولادتها .
وهكذا كل إنسان يولد مفطور على الإسلام ، وأي انحراف عن الإسلام فهو خروج عن الفطرة ولا شك ، ولذلك فإننا لا نجد شيئًا من تعاليم الإسلام يخالف الفطرة قط ، بل كل الأحكام العقدية والعملية موافقة للفطرة السليمة السوية ، أما ما سوى الإسلام من أديان واعتقادات فتشتمل على ما يخالف الفطرة ، وهذا أمر ظاهر بيّن عند التأمل والتدبر .
.

إنّ "الفطرة" في خطاب المدافعين ليست سوى قفاز لغوي مخملي يُخفي قبضة الإكراه المبطّن.
فحين يُقال إنّ دعوة الإسلام توافق الفطرة، فإننا أمام مصادرة على المطلوب لا برهان عليه؛ إذ ما هي هذه الفطرة أصلاً؟ ومن الذي حدد ماهيتها وحدودها وأعراضها؟

إنّ الفطرة كما يستعملها أصحاب هذا الخطاب هي مصطلح عائم، بلا مختبر ولا معيار قابل للفحص التجريبي أو العقلي المحايد.
يتم تركيب هذا المفهوم ليعمل كصمام أمان في عقل المؤمن؛ فإذا انسجم مع ما يؤمن به قال: هذا من الفطرة، وإن ناقضه قال: هذا انحراف عن الفطرة.

والأدهى أن دعوى الفطرة السويّة تصطدم مع تنوع الفطر الإنسانية ذاتها؛
فالطفل الياباني يولد على غير ما يولد عليه الطفل القبلي في جزيرة العرب، والإنسان الطبيعي في المجتمعات اللا دينية لا يجد في تعدد الزوجات، أو ملك اليمين، أو قتل المرتد، أي موافقة مع ما يسمّى "الفطرة السوية"؛ بل قد يراها شذوذاً أخلاقياً.

فإن قيل: الفطرة طُمست بالشهوات والمجتمعات، قلنا: إذن لم تعد معياراً موضوعياً يُحتج به.
لأنك تعيد تعريف الفطرة حسب النتيجة التي تريد الوصول إليها، فتتحول إلى مرآة مشوهة تعكس العقيدة لا الطبيعة.

إن الفطرة الحقيقية التي يفترض أن تكون مشتركاً بشرياً عاماً، لا تنتج أدياناً متناقضة ولا تشريعات متنافرة ولا مقدسات متقاتلة.
إنها لا تُولد حروباً بين الإله الواحد وألوهاته البديلة في كل ثقافة، بل تترك الإنسان عارياً أمام معضلات الوجود لا يملك إلا حيرته أمام عبث الكون.



  رد مع اقتباس