أولًا، لا يمكن اختزال اعتناق الدين، وبالذات الإسلام، في مجرد sunk cost fallacy أو مغالطة التكاليف الغارقة، لأن الأمر أعمق بكثير من مجرد تمسك بما استُثمر فيه وقتًا أو جهدًا أو مشاعر. الدين، كما أراه، هو نتاج بيئة ونشأة، يُزرَع في الإنسان منذ طفولته، فيُصبح جزءًا من تكوينه النفسي والعاطفي والثقافي، تمامًا مثل اللغة التي يتحدث بها.
أنا كنتُ أحد هؤلاء الذين اعتنقوا الدين بالتقليد، لا لأني اخترته بحرية، بل لأنني وُلدت عليه، وربيت عليه، ولم أفكر يومًا: لماذا هذا الدين؟ ولماذا لا غيره؟ ولماذا أصلاً هذا الشكل من التدين؟
ما اكتشفته لاحقًا أن الغالبية لا تُمارس الدين كما نزل أو كما يُفترض أن يُفهم، بل تُفصّله على مزاجها، وتُبرّره حسب ما اعتادت عليه نفسيًا واجتماعيًا، وهذا لا يقتصر على الإسلام بل ينطبق على كل دين ومذهب.
ولذلك، من السذاجة أن نضع كل اللوم على الشخص وكأنه يتمسك بالدين فقط لأنه خائف من خسارة ما أنفقه من وقت، بل يجب أن نفهم السياق الأوسع: التربية، التقاليد، المجتمع، الخوف من العزلة، البحث عن المعنى، وحتى الحاجة النفسية للانتماء.
الحل ليس في السخرية من الدين أو وصفه كله بأنه "وهم جماعي"، بل في تشجيع التفكير الحر، وإتاحة الفرصة لكل إنسان ليعيد النظر في معتقده، لا بدافع الهدم، بل بدافع الصدق مع النفس.