الإجماع العلمي الأكاديمي
يحاول مناصرو الأديان التمسح باسم "العلم" لإضفاء شيء من الشرعية على ما يدعونه.
والأصعب من ذلك حديثهم عن "الإجماع العلمي" ليوهموا من يسمع بأن "العلماء" متفقون على أن دينهم هو الصواب، وأن... إلخ.
لدى المسلمين هناك ما يُسمّى بـ"الإجماع" كمصدر تشريعي. ويعني أن العلماء متى أجمعوا على أمر فهو صواب ومن يظهر ويخالفهم بعد ذلك فهو مخطئ لأنه خالف الإجماع. وطبعًا العلماء مجمعون على أن القرآن هو أعظم الكتب وأكثرها حكمة وبلاغة.
وقواعد اللعبة سهلة، فأنت الذي تحدد من هم العلماء، ومن يخالف الرأي الذي تنصره، لا يُعتبر من العلماء، بل هو منحرف أو ضال أو مبتدع أو...
في المسيحية، الزميل الفاضل صاحب المعرفات التي لا تنتهي في المنتدى يطل علينا بعبارته "العلمية" العظيمة المتكررة تقريبا في كل ردوده: "الإجماع العلمي الأكاديمي بلا استثناء والذي لم يخالف فيه ولا عالم واحد". وطبعًا كل من يخالف هذا الإجماع فهو ليس عالمًا، بل كذاب أو يخفي الإلحاد أو ما شئت. وتستطيع بعد ذلك أن تصيح وأنت مرتاح ومسترخٍ بأن دينك - بل وربما مذهبك داخل دينك - عليه "إجماع علمي".
هذا التشابه الكبير جدًا بين طريقة عمل المتدينين بأكثر ديانتين من حيث الانتشار يؤكد أنهما تكادان تتطابقان في جوهرهما، وأن الخلافات بينهما شكلية في كثير من الأحيان، وأن النزاع بين أتباعهما أقرب إلى أن يكون نزاعًا بين دجالين في قرية واحدة، يحاول كل منهما سرقة زبائن الآخر.
الدين قائم على تغفيل الناس، ولذا يستخدم دائمًا أقوى عبارات التأكيد والتنويم والحسم، ليمنع المؤمن به عن التفكير في أي شيء. فلماذا تفكر إذا كان "العلماء" قد أجمعوا؟ كيف تتحدث عن ركاكة القرآن إذا كان "العلماء" قد أجمعوا على بلاغته؟ كيف تستنكر فظائع الكتاب المقدس إذا كان العلماء قد أجمعوا على عظمته؟
العلم يحض على البحث والتفكير والتشكيك بهدف الوصول لما هو أفضل، بينما الدين يحض على النوم والاسترخاء لأن كل شيء محسوم و"مجمع" عليه. ولهذا فإن الدين يقود إلى التخلف!
|