السماء والجنة كما تصورهما رب محمد
في بحثي "محمد ضد محمد" تطرقت إلى مفهوم السماء والجنة كما تصورهما رب محمد، وفقاً للآيات المتعلقة بهما كما وردت في القرآن.
ّ*تعلمنا سورة القمر 11 أن الله فتح أبواب السماء على قوم نوح بماء منهمر ليغرقهم (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)، مما يعني أن أبوب السماء موجودة في غلاف الأرض الجوي، كون المطر لا ينهمر إلا من الغلاف الجوي للأرض (التروبوسفير)، كون الماء لا ينهمر على الأرض إلا من داخل هذا الغلاف. فأي ماء أو ثلج سيأتي من الفضاء الخارجي سيتبخر فور ملامسته الطبقات العليا من الغلاف الجوي ولن تصلنا قطرة منه!
*تتحدث سورة القمر 11 عن أن الله فتح (أَبْوَابَ السَّمَاءِ) لينهمر منها الماء، وهذا يعني أنه فتح كل أبواب السماء وليس بعضها، لأنه لو أراد فتح بعضها فقط، وليس كلها لقال (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ في السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) ولكنه عندما أضاف الاسم (أبواب) إلى اسم معرف (السماء) جعل هذه الأبواب معَّرفة ومعروفة. هذا ما تقوله قواعد اللغة العربية التي نزل بها القرآن، ولا نعتقد أن سبحانه، الذي أعجز في استخدامها، كان يجهل -حاشاك- القواعد المتعلقة بالتعريف والتنكير، وما يترتب على جعل اسم معرفاً!
إن ما وصلنا إليه في النقطتين السابقتين يعني، أن الله أنزل الماء من كل أبواب السماء، مما يستوجب بالضرورة أن تكون كل أبواب السماء موجودة في غلافنا الجوي (التروبوسفير) ، فالمطر لا يمكن أن ينزل إلى من ضمن هذا الغلاف! أي أن أبواب السماء كلها موجودة في الغلاف الجوي للأرض!
إن فرضية تواجد كل أبواب السماء في غلاف الأرض الجوي، التي أوصلتنا إليها سورة القمر 11 تؤكدها ثلاثة أمور أخرى وردت في القرآن:
ما ورد في الآيات 16و 17 و 18 من سورة الحجر (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ (18) فالشهاب هو جسم فضائي صلب يحتك بالهواء عند دخوله الغلاف الجوي، فيتولد من ذلك ارتفاع في درجة حرارته يجعله ينصهر ويتوهج، وينشأ عنه ذيل مضيء من الغازات وجسيمات الجسم المنصهرة. فلكي تتوهج هذه المادة الصلبة (الشهاب)، التي يضرب بها الله الشياطين التي تريد استراق السمع من الجنة، يجب أن تدخل غلافنا الجوي، مما يعني أن الجنة التي تريد الشياطين والجن استراق السمع منها موجودة أيضاً ضمن غلافنا الجوي! وهذا ينصب في صالح النظرية القائلة، إن كل أبواب الجنة موجودة في غلافنا الجوي التي يحميها الله بالشهب، ولو كانت الجنة وأبوابها خارج غلافنا الجوي، لما وُجدت شهب تحميها، إذ كان على الله حينئذ استعمال النيازك لضرب الشياطين!
إن وجود الجنة بأبوابها في غلافنا الجوي، يؤكده واقع امتلاك الملائكة لأجنحة كما قالت سورة فاطر 1 (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) كون هذه الأجنحة لن تمكن الملائكة من الطيران، إلا في وسط يحتوي على الهواء استناداً إلى قوانين الإيروديناميكية. أما خارج غلافنا الجوي، فلا قيمة لهذه الأجنحة، ولن تساعد الملائكة على الطيران، حتى ولو كان لديها ستمائة جناح مثل جبريل! هذا يعني أنه يتحتم على الملائكة أن تبقى داخل الغلاف الجوي للأرض لتتمكن من الطيران بأجنحتها، خاصة أنها لا تستطيع بواسطتها وبقوة الدفع التي تولدها الأجنحة من الخروج من غلافنا الجوي، والطيران بعد ذلك في الفضاء الخارجي. هذا يؤيد ما قلناه، من أن السماء بأبوابها موجودة غلافنا الجوي! صحيح أن الله قادر على جعل الملائكة تطير بأجنحتها في وسط لا غازي، إلا أنه يتوجب على القائل بهذه الفكرة تفسير سبب خلق الله أجنحة للملائكة، إن كان بإمكانه جعلها تطير بدونها! حكمة لا يعرفها إلا سبحانه؟
من يقرأ سورة الرعد 2 (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) وسورة الحج 65 (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) سيتضح له من نصيهما، أن الله رفع السماء أولاً من مكان كانت موجودة عليه، وأنه بعد ما رفعها ثبتها بعمد لا نراها، تمسكها من أن تقع على الأرض. بذلك يكون سبب بقائها مرفوعة هو الأعمدة وإرادة الله، فإذا زالت إرادته أو أزال الأعمدة، فستقع على الأرض. كما نعلم، فإن جاذبية الأرض هي التي تجعل الأشياء تقع على الأرض، مما يستتبع اعتبار السماء المذكورة في القرآن موجودة ضمن نطاق جاذبية الأرض، لأنها لو لم تكن كذلك لما "وقعت"، ولما احتاجت إلى أعمدة لإبقائها مرفوعة، ولوجب استعمال فعل آخر يبرر اصطدام السماء بالأرض. فاليوم نعلم أن جاذبية الأرض ليست كافية لأن تسحب السماء بما تحضنه من مصابيح وشمس ونجوم وكواكب ومجرات. كل ذلك يؤكد صحة ما ذكرناه في النقطتين السالفتين الذكر، لناحية أن السماء التي المرفوعة على عمد لا نراها هي ضمن المجال الجوي للأرض وضمن مجال جاذبيتها، وأن الله رفعها على أعمدة لكيلا تتمكن جاذبية الأرض من سحبها، "فتسقط" عليها.
كما نرى، فإن نصوص القرآن لا تدع مجالاً للشك في أن أبواب السماء كلها موجودة ضمن الغلاف الجوي للأرض! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إذا كانت أبواب السماء كلها موجودة في غلافنا الجوي فلماذا يحتاج أمر الله إلى ألف سنة ليعرج إليه؟ اليوم يحتاج البشر إلى بضع دقائق لمغادرة الغلاف الجوي للأرض والوصول إلى الفضاء الخارجي؟ ما طبيعة التقنية المتهالكة التي استعملها الله لقطع مسافة بضع عشرات من الكيلومترات في ألف سنة؟
كل ذلك يثبت أن القرآن ما هو إلا نتاج عقل راع غنم جاهلي عاش قبل 1500 سنة تصور أن السماء التي نراها زرقاء هي عبارة عن سقف للأرض أزرق، رفعه الله بعمد خفية لا نراها وبها طرق وملساء دون فروج لتكون سقفاً للأرض تقبع عليه الجنة وأن لها أبواب، يخرج منها سبحانه المطر!
|