أهلا بالزملاء،
مداخلة قديمة لي في الموضوع:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شنكوح
أهلا بالجميع،
يترعرع الطفل المسلم خصوصا والمؤمن عموما على حتمية وجود الله كجواب تلقائي للتساؤل: "من أين أتى الانسان؟". تنمو هذه الفكرة مع الطفل وتتأصل في فهمه للحياة وغاية الوجود حتى يأقلم أسلوب حياته وفهمه لما حوله حسبها.
لكن، في ذات الوقت، يتمدرس هذا الطفل ويكتسب معارف وثقافة علمية من مصادر غير دينية. فيتعلم عن الكون والأحياء والرياضيات... أحد أهم هذه المعارف، هو نشأة الكون واستمراريته ومصيره. بالطبع هناك اختلاف في التعمق بين الافراد، فهناك من يمر على هذه الأمور مرور الكرام ويأخذ منها فكرتها العامة، كما أن هناك من يذهب بعيدا في سبر أغوارها والتمييز بين الصحيح والشائع منها.
ما يهمني في هذا الموضوع، هو الربط التلقائي الذي يقوم به الطفل في طور النمو بين الاله الديني الموروث، وبين الاله العلمي. هذا الخلط هو سبب الشقاق الموجود في كل الحوارات مع المتدينين.
فالمسلم لا يتعلم عن ذات الهه من دينه، بل يرث مسلمة وجوده. أما صفات هذا الاله، فهي اسقاطات فقط لما يتعلمه من العلوم غير الشرعية، وهذا حال السواد الأعظم. فكلما تعلم شيئا جديدا عن الكواكب والمجرات، ينسب هذا للاله الذي قيل له أن يعبده. وعندما يطلع على تفسير ظاهرة طبيعية أو فيزيائية، يستنتج أن القانون الذي يحكمها هو من فعل ذلك الاله. وهكذا، كل يوم تتغير فيه النظرة لأصل الكون والحياة تجده يربطها بالاله.
إذا، فالفكرة التي يكونها عن الهه هي مزيج بين القليل من الدين والكثير من المكتسبات العلمية. فالاله في نظر المسلم، ليس اله الاسلام كما جاءت به النصوص، بل هو اله شخصي ابتكره لنفسه، ونسب القوة التي أرادها له وأزاح عنه ما أراد من الصفات السلبية الممكنة، بل ووضع له تصورا خاصا في مخيلته وهو يتصارع مع عقله لتصور حدود الكون يليها الله الذي يراقب عن كثب كأنه يشاهد تلفاز.
بهذه الطريقة، يستحيل نقاش مؤمن بحسب النصوص أو بالنسخة الاصلية لدينه. فلا يكفي تناقض في مسألة محددة حتى يقتنع، بل المسألة محسومة. مهما كانت النصوص غريبة، فتبوثها ظني، ولو كان للأمر "تخريجة" فهذا أسهل.
ليس إذا بالغريب أن تظهر علوم دينية تزيل كلما اتضح أنه لا يواكب الفكرة العصرية للاله. فالأصل واقعا ليس هو النص لدى المسلمين، بل هو التصور الشخصي لديهم عن هذا الاله. لأن المبدأ المعمول به هو مبدأ احتواء المعارف الجديدة، سواء بنص مباشر أو مطعوج، أو غالبا حتى بدون نص أصلا.
فلو سألت طفلا، هل الله يسرق لقال لا، لأنهم أخبروه أن الله مهذب وجميل. ولو سألت دكتورا عن الانفجار الكبير لقال لك أن مسببه هو الله.
كما أنك لو سألت مسلما من القرون الوسطي عن تصوره للاله، لوصف لك ملكا ضخما على عرش فوق السماء الزرقاء، أما اليوم فقد أصبحوا يتخيلونه على شكل طاقة، أو ماهية متعددة الأبعاد أو أو...
المهم أن يتم احتواء الأفكار الجديدة وتستمر فكرة الاله.
|
https://www.il7ad.org/showthread.php?t=4663