اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القط الملحد
على الأقل لماذا لا تكون صحة الدين بنفس وضوح أضرار التدخين ويتفق عليها معظم الناس بسهولة من مختلف الثقافات والمشارب الفكرية؟ ركز، أتكلم هنا عن الاتفاق على أضرار التدخين وليس عن الالتزام بعدم التدخين.
بلاش التدخين، لماذا لا يكون الأمر على الأقل بنفس وضوح كروية الأرض؟
بل تخيل مثلا لو ترك لنا الله رسائل في الطبيعة نجدها في كل مكان، تخبرنا صراحة أن الإسلام هو الحق، مثلا رسالة مشفرة في الحمض النووي، أو ترتيب معين للزهور في الحقول، أو في الجرم الغازي لكوكب المشتري، أو أو أو... المهم شيء صريح لا يحتاج إلى جدال ولا يعتمد على "كيفية تفسيرك للنصوص" مثل هراء الإعجاز.
أو الأحسن من هذا كله أن يرسل لنا جبريل بحيث نراه جميعا لكي لا يبقى في الأمر شبهة. في الامتحان يجب أن يكون السؤال واضحا، لا يوجد امتحان حقيقي يكون فيه استنباط السؤال هو بحد ذاته محل الامتحان. لكن هذا كله لا يهمك لأنك تؤمن بدين "ما منعنا ان نرسل بآياتنا إلا أن كذب بها الأولون".
|
تقول : "لماذا لا يكون الأمر على الأقل بنفس وضوح كروية الأرض" ، لدينا منظمات ضخمة اليوم تنادي بسطحية الأرض ، ودعاة لهذه النظرية يدافعون عنها ليل نهار بكل حمية. فكروية الأرض ليست واضحة بتاتا بالنسبة لهم.
بل كروية الأرض ليست واضحة لأحد رغم أنني موقن مثلك بأنها كروية ، فلا بد لإثبات ذلك بمعارف بالفيزياء ، أما صور الكرة الأرضية فيمكن للخصم رفضها بسهولة بدعوى التلفيق والمؤامرة إلخ..
نفس الشيء بالنسبة لقضية وجود الخالق ، النفس الإنسانية مفطورة على الإقرار بوجوده وتميل إلى التوسل إلى ذات علوية في أوقات الشدة ، كما أن التأمل في الكون أدى بأغلب البشر إلى الإيمان بخالق ، ومع ذلك معظمهم لن يستطيع أن يثبت لك الخالق على شكل برهان محكم
أنا لا أحتج هنا بالعدد على صحة العقيدة ، أقول لك فقط أن النفس الإنسانية تميل إلى الدين والإيمان. فالإلحاد بحد ذاته مغالبة لهذه الطبيعة بدون أدنى مبرر ، مبرر الملحد الوحيد أنه يدعي غياب أدلة ، ربما لم يبذل أي جهد لتحصيلها أو استكبر عنها.
أما لماذا يصعب على معظم الناس صياغة برهان محكم على وجود الله ؟
الجواب عن هذا هو التذكير أولا بمعنى البرهان أصلا ، البرهان هو مقدمات ونتيجة ، بحيث أن قبول المقدمات يؤدي بك بالضرورة إلى قبول النتيجة. أغلب الناس يفهم من البرهان نوعا خاصا منه وهو الاستنباط ، وفي هذه الحالة تكون النتيجة مضمنة في المقدمات ، فمثلا :
مقدمة (1) : كل الناس سيموت .
مقدمة (2) : سقراط إنسان
نتيجة : سقراط سيموت.
فلاحظ كيف أن النتيجة مضمنة في المقدمة (1) ، فكلمة الناس هي مجموعة البشر التي ينتمي إليها سقراط. أما المقدمة (2) فهي ليست ضرورية ، هدفها الوضوح فقط. بل يمكن أن نعيد صياغة المقدمة 1 كالتالي : سقراط وباقي الناس غير سقراط سيموت ، النتيجة الآن مضمنة بوضوح في المقدمة 1، علما أن عبارة "سقراط وباقي الناس غير سقراط" تعني تماما وبالضبط كل الناس.
الآن نأتي إلى نتيجة مهمة وهي استحالة أو استبعاد وجود دليل استنباطي على وجود الخالق ، فلا توجد مقدمة عن الكون تستطيع أن تضمن حقيقة وجود خالق الكون. فوجوده متعالي على أي مسلمة يمكن أن تفكر فيها . الأدلة من هذا النوع دائما مصادرة على المطلوب.
هذا يعني أن الأدلة الوحيدة الممكنة هي الأدلة الاستقرائية ، نستقرئ مما نعلمه عن الكون ضرورة أو احتمالية كبير لوجود مدبر لهذا الكون. إذن هذا الاستقراء هو البرهان السليم على وجود الله ، لكن بداهة أغلب الناس يجهل كل هذا.
إيمان الناس بوجود الله غالبا لا يأتي بتأمل أدلة منطقية أو أي نوع من العلوم ، بل يأتي بتأمل حقيقة معينة عن الكون أو تجربة معينة ، تشعره بمدى بداهة وجود الخالق ، ومدى تفاهة إنكاره.
سأرد لاحقا على باقي مداخلتك عندما أجد متسع من الوقت