عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2023, 12:08 AM النجار غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
النجار
باحث ومشرف عام
 

النجار will become famous soon enough
افتراضي

تحياتي

هل تعلم أن المسلمون الازعاجيون يمكنهم إستخلاص إعجازين من الأية بذكاؤهم الذى لا يتخطى ذكاء الأنعام؟
نعم سيقولون هناك إعجاز غيبى إضافى، وهو علم محمد بما يقوله التلمود .

لذلك دعنى أكرر كلامى السابق عن تلك المسألة، وأضيف بعض الأمور:

١- من الواضح تماماً، أن الذين فسروا تلك الأية من الصحابه، فسروها فى ضوء كلام أهل الكتاب. وهُم هنا مثلى : يعتقدون بأن مقصد محمد بكلامه المقتضب فى الأية، هو نفسه كلام أهل الكتاب . و أنا على قناعة تامة أن فكرة الاية وصلت من أهل الكتاب الي محمد قبل أن تصل لصحابته (على فرض أنهم علموا بذلك التفسير من اهل الكتاب وليس من محمد نفسه).

وتلك لم تكن الحالة الوحيدة لإضافة المفسرون تفاصيل من أهل الكتاب لكلام محمد المقتضب. هل تتذكرون مثلاً (ولكن شبه لهم) ؟ كلام مقتضب لا يٌفهم، و وجد معاصرو محمد أن ورائه كلام الغنوسيون، والذى وجدوه بسهولة لأن تلك القصة الغنوسية كانت وقتها متاحة للاستماع اليها فى بيئة محمد.
١- و ذلك أحد الدلائل التى تُفَند كلام الجهلة المسلمون، الذين يزعمون أنها معلومات نادرة يستحيل أن يتلقيها محمد بدون وحى.
٢- ونلاحظ فى الروايات المنقولة عن أهل الكتاب عن محو أية الليل، و شبيه عيسي، وغيرها الكثير جدا، أن بها إختلافات وتنوعات و إضافات وحذف . و نتعلم من ذلك أن تلك الظاهرة هى طبيعة التناقل الشفهى بين كائنات أُمية بدوية. نادراً ما تجد مادة قرأنية أو تفسيرية إسلامية مأخوذة عن نصوص يهومسيحية، بأنها منقولة بحذافيرها كلمة كلمة ونقطة نقطة كما هى مكتوبة فى النص اليهومسيحى. بل تجد أحيانا كثيرة إقتضاباً وحذفاً من النص الأصلى، و أحيانا تجد تبديلاً لبعض محتوى الفكرة فى النص اليهومسيحى ، وأضافات عليه على مزاج الراوى المسلم تروق له.
٣- كلام اليهود عن جعل الاله الشمس والقمر آيتين و محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة و السنين والحساب، كان الحافز له محاولة تفسير باطنى ساذج لاية فى نص التكوين، تدلل على أن هؤلاء الأحبار الطفيليون و العاطلون عن عمل أى شئ مفيد، كانوا يحاولون إيهام أنفسهم ومستمعوهم أنهم يفعلون شئ ذو قيمة، عن طريق مدراشهم الاحمق الذى يحاول إستخراج شئ من لا شئ ! يقول نصهم :


اقتباس:
يثير الحبر شمعون بن بازي تناقضًا (مفترضاً) بين آيتين. مكتوب فى نص(تكوين 1:16) : "وجعل الله النورين العظيمين" ، ومكتوب أيضًا في نفس الآية: "النور الأعظم لحكم النهار ، والنور الأصغر لحكم الليل" ، أى أنه فى الشطرة الثانية، هناك إشارة إلى أنه هناك نورا واحداً عظيماً .
وقام بالتعليق الحبر شيمون بن بازى وذكر الكلام سالف الذكر عن جعل الاله الشمس والقمر آيتين و محو آية الليل الخ

طبعاً هؤلاء العواطلية يريدون الرغى لأن نص التكوين الذى تعرضوا له، لا يوجد فيه تناقض أو غموض أصلاً :
سفر التكوين - الأصحاح 1:14. وقال الله: (( لتكن نيرات في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكون علامات للمواسم والالأم والسنين15. وتكون نيرات في جلد السماء لتضيء على الأرض )) فكان كذلك.16. فصنع الله النيرين العظيمين: النير الأكبر لحكم النهار والنير الأصغر لحكم الليل والكواكب17. وجعلها الله في جلد السماء لتضيء على الأرض18. لتحكم على النهار والليل وتفصل بين النور والظلام. ورأى الله أن ذلك حسن.
طبعاً أى طفل يقرأ النص سيعلم أن مؤلف النص، وصف الشمس والقمر بالنيرين العظيمين لانهما أكثر إضاءة من باقى عائلة سماؤه البدوية، و وصف الشمس بالنير الأكبر لأن نورها أقوى من القمر.
النص اليهودى إذن ليس وحيا، بل مجرد كلام على لسان أحد أحبار القرن الثالث الميلادى، عبارة عن unprovoked مدراش ينضح بالجهل، يُفسر أية تكوينية هى الأخرى تنضح بالجهل والبدائية.

٤- كيف علم محمد بما يقوله التلمود والذى تم الانتهاء من كتابتة سنة 700 ميلادية، بعد موت محمد بأكثر من 60 سنة ؟
سؤال سأله أحد الجهلة الذين يحبون الخوض فيما لا يفقهون.

الإجابة على ذلك تستلزم متابعة رحلة التلمود والمدراش:

كما قلنا سابقاً التلمود كان تدويناً لنقاشات وتفاسير و قصص وتشريعات قديمة للأحبار اليهود بدأت مباشرة بعد عام 70 ميلادية بعد دمار هيكل اليهود، الميشناه وهى قلب التلمود الأهم قام بتحريرها و نشرها الحبر يهوذا الأمير فى عام (حوالي 200 م) و تم تحريرها وصياغتها النهائية في بداية القرن الثالث الميلادى، لا يعنى هذا أن محتواها جاء من عدم في بداية القرن الثالث الميلادى، بل محتواها كان يتم تناقله حتى قبل القرن الثالث.

عندما يتم الحديث عن التوراة الشفهية لا يجب الخلط بين زمن الجمع و التحرير، وزمن ظهور الروايات نفسها، فلا يفعل ذلك إلا الجهلة. بالمثل زمن جمع كتاب البخارى لا يعنى أن أحاديثه رُويت فجأة فى عصره.

لكن السؤال الأهم هنا ليس السؤال السابق. بل السؤال التالى:

ما يسمى بالتوراة الشفوية كانت موجودة فى عصر محمد (وأيضا قبله). لكن ألم يكن تداولها نادرا أوعلى نطاق ضيق خاصة فى الجزيرة العربية ولا يشاركها اليهود مع غيرهم من الأمميون كالمسيحيون و باقى العرب؟

الإجابة :

1 - المسيحية ما هى الا فرقة يهودية، وروادها كانوا يهوداً فى الأصل وعندما أسسوا فرقتهم اليهودية (المسماة مسيحية) لم يكن معنى ذلك طلاقاً كاملا مع عقائدهم اليهودية السابقة (بما فيها عقائد الاحبار التى وردت فى توراتهم الشفهية) ، بل تبنوا بعض تلك العقائد والقصص ( ابن انسان دانيال بصفته المسيح - سجود الملائكة لادم الخ الخ الخ ) ، بل و اطلعوا منذ القرن الثانى الميلادى على مواضيع حساسة تلمودية كالتعريض بيسوع و أمه، بل وتبنوا تقنية أحبار اليهود التفسيرية الباطنية التى نجدها فى التلمود والمدراش...
تلك المسألة تشبه حالة القاديانية وعلاقتها بالإسلام، القاديانيون لن يتحرجو من قراءة التفاسير الاسلامية الكلاسيكية وتَبَنّى ما يعجبهم منها وتقديره بالرغم من أوجه الاختلاف مع جمهور المسلمين.

٢- لكن من ناحية أخرى كيف وصلت قصص التوراة الشفهية الى اليهود أو المسيحيون العرب تحديداً (خاصة العوام) ؟
من ناحية سبق وقلنا أن اليهود لا يوجد عندهم فرق بين كُلاً من التناخ و تفسيره (التوراة الشفهية) ، كما يتصور البعض، بل الاثنان وجهان لنفس العملة ولهما نفس القداسة والأهمية. التوراة الشفهية عندهم، سواء كانوا علماء أم عوام، لن أقول بقداسة البخارى عند جمهور المسلمون، بل أقدس من ذلك. بالتالى كان واجباً على احبارهم ايصال محتواها للجميع للعظة والتعلم.
سأضرب مثلاً حياً يقرب المسألة من أذهان القراء : كيف علم الفلاح الجاهل المقشف الذى لم يدرس حتى محو الأمية، أن إمرأة العزيز إسمها زليخة ؟ و كيف عَلِمَ غير ذلك من التفاصيل القصصية الغير مذكورة فى القران و التى لو سألته عنها لَأَجابَك ؟ هل لانه قرأ كتب أحاديث وتفاسير بها تلك التفاصيل القصصية والتى دمجها مع القصص القرأنى الموجزة ؟ طبعاً الامر ليس كذلك. بل المسألة بكل بساطة أنه إستمع للشيخ فلان الذى كان مُطلعا على القران و الاحاديث والعديد من التفاسير، و جمع ذِهنياً المقتطفات القصصية الاكثر اثارة منها والتى تثير لعاب العوام لكى يلفت انتباههم وينجح فى دور العالم الواعظ ، و أضاف تلك المقتطفات على قصة القران الموجزة، و جلس يُعَلم هؤلاء العوام القصة المثيرة بتلك الصيغة القرأنية المضاف عليها توابل من الاحاديث والتفاسير ،و أستمعت لها أذانهم بعدما قدمها لهم الشيخ على طبق من ذهب. بعد ذلك نقل القصة نفس هؤلاء العوام، الذين مع أنهم جهلة لكن مخهم وعاء فارغ سيحفظ قصص جلسات المصاطب تلك ويتناقلونها بسرعة وتنتشر كإنتشار النار فى الهشيم .

نفس الكلام ينطبق بحذافيره على اليهود القدماء، فبعدما يقوم الحبر فلان بالاطلاع على تنويعات تراثه القصصى المُقَدس التوراتى ( تناخ + توراة شفهية) سيجهز القصة التوراتية (والتى إحتوت على خليط من التناخ المُطَعًم بالمدراش والاثنان لهما نفس القداسة عندهم ) لتكون قصة مثيرة وعلى طبق من ذهب لاذان العوام، والذين سينقلونها لعوام اخرون سواء من اليهود اخوتهم، أو حتى من الأمميون الفضوليون الذين يتوددون اليهم ويسامرونهم. ومع ان اليهود ليسوا تبشيريون بالطبيعة، لكن حديثهم الدينى عن تاريخهم وكيف انه قد ظهر بينهم الانبياء الخ .سيرضى غرورهم و يوهمهم بان ذلك سيحفز مستمعوهم على إحترامهم و أيضاً يشبع فضول مستمعوهم . وهو ما حدث فعلاً.
عوام اليهود كانوا ياخذون قصص التوراة التوراتية المُمَدرَشة من فم الاحبار، ومن فم بعضهم البعض وينقلونها للعرب
ومثال لذلك الاية والحديث عن محو اية الليل محل النقاش الحالى.
وحتى نصوصهم تقول بذلك:
روى البخاري عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام.

وها هو رجل من اليهود يُعَلِم محمد وأصحابه درساً من التلمود على طبق من ذهب :

تَكُونُ الأرْضُ يَومَ القِيامَةِ خُبْزَةً واحِدَةً، يَكْفَؤُها الجَبَّارُ بيَدِهِ، كما يَكْفَأُ أحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ في السَّفَرِ، نُزُلًا لأَهْلِ الجَنَّةِ قالَ: فأتَى رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، فقالَ: بارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ، أبا القاسِمِ ألا أُخْبِرُكَ بنُزُلِ أهْلِ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ؟ قالَ: بَلَى قالَ: تَكُونُ الأرْضُ خُبْزَةً واحِدَةً، كما قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَنَظَرَ إلَيْنا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نَواجِذُهُ، قالَ: ألا أُخْبِرُكَ بإدامِهِمْ؟ قالَ: بَلَى قالَ: إدامُهُمْ بالامُ ونُونٌ، قالوا: وما هذا؟ قالَ: ثَوْرٌ ونُونٌ، يَأْكُلُ مِن زائِدَةِ كَبِدِهِما سَبْعُونَ ألْفًا.
أخرجه البخاري (6520)، ومسلم (2792).


بإختصار نقطة محو أية القمر مرت بتلك الرحلة :

مجموعة كهنة جهلة طُفيليون ألفوا ما يسمى بسفر التكوين البدائي الخرافى السخيف، و لاحقاً فى القرن الثالث م ، أَوّلَ حبرا ساقطاً فقرة منه باطنياً لتسلية وقته وخداع مستمعيه. وعلم بتلك الرواية أحبار اليهود وتناقلوها، و كانت بالنسبة لهم نقطة طريفة تصلح لادخالها فى الجلسات القصصية التى تحكى قصة بداية الخليقة، والتى ستروق لعوام اليهود ( كذلك الحال مع نقاط مدراشية طريفة أخرى اقحموها فى القصص التوراتية لاسالة لعاب العوام وتسليتهم، كتقطيع النساء ايديهن من جمال يوسف الخ الخ ....) ، ومن بين هؤلاء العوام البدو اليهود المقيمون مع العرب والمسيحيون ، والذين نقلوها لهم (بمن فيهم إبن أمنه الفضولى).



التعديل الأخير تم بواسطة النجار ; 01-28-2023 الساعة 07:57 AM.
  رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ النجار على المشاركة المفيدة:
القط الملحد (01-28-2023)