تحياتي
منذ شهور قليلة كان الكاهن الدجال هيثم طلعت يدعي الإعجاز في هذه الآية:
وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا (الإسراء: 12)
فحوى الادعاء: هذه الآية سبق علمي قرآني إذ ذكرت أن القمر كان منيراً كالشمس ثم مُحي نوره، وهي حقيقة علمية حديثة الاكتشاف.
الرد:
أولاً لماذا يقول القرآن أن الشمس آية (علامة) للنهار؟ الشمس ليست مجرد علامة بل هي سبب النهار ومنشأه! هل هذا خطأ علمي أم ركاكة في التعبير؟
وثانياً يستخدم القرآن الفاء للتعقيب (فمحونا) وهذا يلزم منه عدم التراخي الزمني بين خلق آية الليل ومحوها، فهل هذا يستقيم من الناحية العلمية؟
[ملاحظة استدراكية: أشار أحد الأعضاء إلى أن الفاء قد تكون هنا تفسيرية لا تعقيبية، وهكذا سيصبح معنى الآية أن القمر كان معتما منذ البداية، وليس أنه كان منيرا ثم محي، وبالتالي لا يسقط الإعجاز المزعوم تلقائيا]
وثالثاً لم تذكر الآية القمر والشمس صراحة بل قالت أن النهار هو نفسه الآية والليل هو نفسه الآية، فمن أين أتينا بالشمس والقمر؟ ربما من الحديث؟
لمحمد حديث في هذا الأمر ولكنه واهي السند لا يعتمد عليه:
اقتباس:
|
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند واه، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله خلق شمسين من نور عرشه " فاما ما كان في سابق علمه أنه يدعها شمساً، فإنه خلقها مثل الدنيا على قدرها، ما بين مشارقها ومغاربها، وأما ما كان في سابق علمه أنه يطمسها ويجعلها قمراً، فإنه خلقها دون الشمس في العظم، ولكن إنما يرى صغرها لشدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض، فلو ترك الشمس كما كان خلقها أول مرة لم يعرف الليل من النهار، ولا النهار من الليل، ولم يدر الصائم إلى متى يصوم ومتى يفطر، ولم يدر المسلمون متى وقت حجهم، وكيف عدد الأيام والشهور والسنين والحساب، فأرسل جبريل فأمر جناحه عن وجه القمر - وهو يومئذ شمس - ثلاث مرات، فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور، فذلك قوله: { وجعل الليل والنهار آيتين } الآية.
|
المصدر: تفسير
السيوطي
إذاً ربما ذكر الفكرة الصحابة أو التابعون؟
نعم هذا موجود:
اقتباس:
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ : الشَّمْسُ آيَةُ النَّهَارِ ، وَالْقَمَرُ آيَةُ اللَّيْلِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ قَالَ : السَّوَادُ الَّذِي فِي الْقَمَرِ ، وَكَذَلِكَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الْقَمَرُ يُضِيءُ كَمَا تُضِيءُ الشَّمْسُ ، وَالْقَمَرُ آيَةُ اللَّيْلِ ، وَالشَّمْسُ آيَةُ النَّهَارِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ السَّوَادَ الَّذِي فِي الْقَمَرِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ جَيِّدَةٍ : أَنَّ ابْنَ الكَوَّاء سأل أمير المؤمنين علي ابن أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا هَذِهِ اللَّطْخَةُ الَّتِي فِي الْقَمَرِ؟ فَقَالَ : وَيْحَكَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ فَهَذِهِ مَحْوُهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ مَحْوَ آيَةِ اللَّيْلِ سَوَادُ الْقَمَرِ الَّذِي فِيهِ ، وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ، أَيْ: مُنِيرَةً ، خَلْقُ الشَّمْسِ أَنْوَرُ مِنَ الْقَمَرِ وَأَعْظَمُ.
|
المصدر: موقع
الإسلام سؤال وجواب
السؤال المهم هنا: من أين أتى الصحابة والتابعون بهذا التفسير؟
هل تناقلوه عن محمد؟ أم فهموه من مجرد الاجتهاد في الآية؟
أم أخذوه من أهل الكتاب؟ أم استنتجوا الفكرة بطريقة أخرى ثم ربطوها بالآية؟
يكفي أن يقوم صحابي واحد بنقل هذه الفكرة عن أهل الكتاب ثم يتداولها الصحابة، فهل هذه الفكرة موجودة في كتب اليهود والنصارى؟
نعم موجودة في التلمود:
اقتباس:
When God first created the sun and the moon, they were equally bright. Then, the moon said before the Holy One, Blessed be He: Master of the Universe, is it possible for two kings to serve with one crown? One of us must be subservient to the other. God therefore said to her, i.e., the moon: If so, go and diminish yourself.
She said before Him: Master of the Universe, since I said a correct observation before You, must I diminish myself? God said to her: As compensation, go and rule both during the day along with the sun and during the night. She said to Him: What is the greatness of shining alongside the sun? What use is a candle in the middle of the day? God said to her: Go; let the Jewish people count the days and years with you, and this will be your greatness.
|
https://www.chabad.org/library/artic...jewish/60b.htm
ترجمة مختصرة: لما خلق الله الشمس والقمر كان كلاهما ساطعاً، فقال القمر: كيف يخدم ملكان تحت نفس التاج؟ فقال له الله: إذهب وانطمس إذاً. فتذمر القمر من هذا ثم عوّضه الله أن جعله ميقاتاً لليهود يعدّون به الشهور والسنين.
لاحظة تشابه هذه الخرافة مع الحديث الواهي المذكور في تفسير السيوطي، مما يوضح أنها وجدت طريقها إلى رواة الحديث.
طبعاً سيتذرع الإعجازي هنا بأن اليهودية ديانة سماوية وبقايا وحي، لكن المفاجأة أن الأسطورة موجودة حتى عند المايا:
اقتباس:
|
Two rival celes- tial bodies were shining in the sky with same bright- ness. And it is the existence of two rival celestial bodies that, as we will see further, is an important motif of the Maya and, in particular, Lacandon mythology, as well as the need to subsequently eliminate one of them. In the Central Mexican cosmological story, one of the angry gods threw a rabbit in the face of the coward Tecuciztécatl, causing him to lose his brilliance. Tecu- ciztécatl thus became the false Sun with weak bril- liance – the Moon.
|
https://fphil.uniba.sk/fileadmin/fif...udia_Kovac.pdf
خلاصة الأسطورة في الاقتباس: كان في السماء جسمان بنفس السطوع (الشمس والقمر) لكن إلهاً غاضباً رمى أرنباً على القمر فأطفأ نوره.
لو كان المايا موجودين اليوم لقالوا أن أسطورتهم هذه إعجاز علمي أيضاً

وأما خرافة الأرنب فسيتحايلون عليها ويقولون أن ذلك الأرنب هو سبب الأحداث الطبيعية التي أدت لطمس القمر، وهو أرنب حقيقي لكنه ليس كأرانب الدنيا لأنه من الغيب ولا يدركه العقل ولا يتصوره فالأرنب معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
صورة توضح اللطخة السوداء على القمر وشكلها الأرنوبي:
المايا اعتقدوا أن هذه اللطخة السوداء ناتجة عن إطفاء نور القمر، ونفس التصور موجود عند الصحابة والتابعين (وربما اليهود) كما رأينا في الآثار. هذه النقطة تفسر كيف توصلت مخيلة القدماء إلى فكرة أن القمر كان ساطعاً ثم انطفأ.
النتيجة:
1- لم تصرح الآية بمحو نور القمر ولم يثبت ذلك في أحاديث محمد.
2- الفكرة مطروقة عند اليهود وحتى عند المايا في الجانب الآخر من العالم.
3- مخيلة الإنسان قادرة على التوصل إلى هذه الفكرة عن طريق ملاحظة اللطخة السوداء.
يتبع،،