أنا أرغب فى أن أتناقش مع الزميل حنفا هنا عن تلك المسألة، ولكن بأن نسلك طريقاً أخر إفتراضياً
وهو أن محمد (أو من نسبوا له الكلام) لم يعتقد بأن ماء المرأة الذى يأتى منه شبه المولود يقصد به ماء يخرج عند احتلام المرأة.
لأنه عندما يقول القدماء ماء المرأة (خاصة اليهود والعرب) الذى يأتى منه شبه المولود فهم يقصدون به الماء الذى يخرج عند رعشة الجماع تحديداً. الدليل على ذلك كلام التلمود الذى ذكرته فى موضوع أخر، والذى يقول بأن نوع المولود تحدده أسبقية الماء الذى يخرج عند نشوة الرجل أو المرأة أثناء الجماع، ولا دخل لاحتلام أو غيره للتأثير على ماهية المولود.
والدليل الثانى الحديث التالى و الذى لا يدع أدنى مجال للشك، بأن محمد (أو أحد الأعراب الذى نسبه إليه) إعتقد بأن ماء المرأة الذى يؤثر فى شَبَه المولود، هو الذى يخرج من المرأة عند رعشة الجماع تحديداً، بالتالى كان يخاطِب اليهودى بلغة التلمود اليهودية ذاتها.
بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فأتَاهُ، فَقالَ: إنِّي سَائِلُكَ عن ثَلَاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا نَبِيٌّ؛ قالَ: ما أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وما أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ؟ ومِنْ أيِّ شَيءٍ يَنْزِعُ الوَلَدُ إلى أبِيهِ؟ ومِنْ أيِّ شَيءٍ يَنْزِعُ إلى أخْوَالِهِ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَبَّرَنِي بهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ، قالَ: فَقالَ عبدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَةِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ، وأَمَّا أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وأَمَّا الشَّبَهُ في الوَلَدِ: فإنَّ الرَّجُلَ إذَا غَشِيَ المَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كانَ الشَّبَهُ له، وإذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كانَ الشَّبَهُ لَهَا.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
لماذا بديهيا إعتقد هؤلاء بذلك؟
الإجابة "إنَّ النِّساءَ شَقائقُ الرِّجالِ" ،لأن الطبيعى إعتقاد أن عملية الحمل، ومايترتب عليها من ماهية المولود، هى نتاج مشترك لنفس العملية (رجل وامرأة يقذفون ماء أثناء الجماع)
إذن رواية البخارى السابقة تقول بأن ماء المرأة الذى يؤثر فى شَبَه المولود هو ما يخرج من المرأة عند رعشة الجماع وقضيب الرجل فى مهبلها تحديداً، وليس الماء الذى يخرج عند بلوغ العُسيلة أثناء النوم بدون مصاحبة ماء الرجل .وأقترح أن نحاول فهم الرواية عن أُمُّ سُلَيْمٍ فى ضوء تلك الرواية السابقة
جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
ما هو الإحتلام؟
سُئلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الرَّجلِ يجدُ البللَ ولا يذكرُ احتلامًا قالَ يغتسلُ وعن الرَّجلِ يرَى أنَّهُ قدِ احتلمَ ولا يجدُ البللَ قالَ لا غُسلَ عليهِ فقالَت أمُّ سُلَيمٍ المرأةُ ترَى ذلِكَ أعلَيها غُسلٌ قالَ نعم إنَّما النِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
من الغباء إفتراض أن الإحتلام المسؤل عنه له معنى أخر يراد به سوى الاحلام الجنسية
فَفَهَمَ محمد الإحتلام عند النساء شقائق الرجال على أنه نفس الشئ الذى يحدث مع الرجال، أى رؤية المرأة رجل ينكحها فى المنام حتى الشعور برعشة الجنس وقذفها ماء، كما يحدث عند الرجال رؤية إمرأة ينكحها فى المنام حتى الشعور برعشة الجنس وقذفه ماء . و وفقاً له العبرة فى نزول ماء لوجوب الغسل .. أى لا غُسل إذا لم تحدث رعشة الجماع التَخيُلى فى المنام.
وعلاوة على ذلك حديث أم سليم يقول فيه راويه على لسانها "إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ" لأنها ستذكر شئ تَسْتحيي النِّساءُ مِن ذِكْرِه عادةً بحَضْرةِ الرِّجالِ، وهو الكلام عن الاحتلام الذى من المُفترض أنها تعرفه وجربته؟ أو ربما لم تُجَربه وسمعت عنه؟
و إن سألت صاحبة السؤال "هلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟" فهى تعلم ، ليس فقط عن شئ إسمه إحتلام الرجل وبلوغه العسيلة وقذفه أثناء المنام، بل أيضا أن ذلك يوجب عليه الغُسل. بالتالى كان سؤالها الذى خجلت منه، كان عن أحلامها الجنسية أو أحلام غيرها (على فرض أنها لم تحتلم قبل ذلك)
وما يترتب عليها، هل يكون حكمها كحكم الرجل ، من غُسل؟
فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟
إستخدام الراوى "غطت وجهها" ، فيه دلاله على أن سؤالها الثانى والذى جاء فى نفس سياق السؤال عن الاحلام الجنسية، كان عن نفس الشئ أى تقصد بيه ما جربته شخصيا، أو ما سمعته، من أن المرأة تُنكح فى المنام من الرجال، لو كان سؤالها والذى خجلت منه "أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟"، ورائه أى معنى خلافاً للاحلام الجنسية النسائية والتى تشبه احلام الرجال، ومن الحرج الكلام عنه، لَمَا غطت وجهها.
إذن كلامها الذى أبدت إستحيائها منه مرتان "إذا إحتلمت" و "أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟"هو ما كان فى بالها عن نفس الظاهرة (الأحلام الجنسية) .
إن أردنا الجمع بين حديث البخارى والذى يقول بوضوح بأن ماء المرأة الذى يؤثر فى شَبَه المولود، هو الذى يخرج من المرأة عند رعشة الجماع تحديداً،وبين وجواب محمد فى حديث ام سليم، فلن يستقيم المعنى بأن محمد كان يُخصص الاحتلام فى الموضوع، بل كما لو انه كان يعتبرها جاهلة و يُحَوِر الكلام للكلام عن العملية الجنسية ويتكلم بشكل عام و يقول: نَعَم المرأة تقذف كما يقذف الرجل أيَّ الماءينِ عَلا الآخَرَ أو سَبَقَ نزع الشبه .. الخ
أى كان يتكلم عن القذف أثناء العملية الجنسية بين الإثنان ومدى سرعته هى ما تحدد الشبه.
هذا هو ما استخلصته من تلك الرواية المصممة بتلك الصياغة الركيكة الغبية، كغيرها من روايات التراث البدوى المتخلف شكلا وموضوعاً.
هل هناك طريقة أفضل للجمع بين حديث البخارى و رواية ام سلمة؟
التعديل الأخير تم بواسطة النجار ; 01-01-2023 الساعة 04:10 AM.
|