متى بدأت عبادة يسوع (3)؟
ألوهية يسوع فى يوحنا هل هى إبتكاراً لكاتب يوحنا أو إبتداعا لجماعته المسيحية؟
١- مسألة أسبقية وجود شخص يسوع قبل جميع الخلائق
كون أن يوحنا إعتبر أن يسوع كان مجرد قناعا بشريا حل فيه كائنا سماويا يسبق وجوده جميع الخلائق، مسألة لم يختلف عليها أحد ومقبولة حتى من هؤلاء المدعوون النصارى الموحدون (الاريوسية ومشتقاتها)
عندما بدأ يوحنا إنجيله، والذى كان هدفه منه إقناع الاخرون المستهدفون بالتبشير بأن المسيح هو ابن الله (الحرفى وليس مجرد الرمزى)
وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله يوحنا 20: 31
أراد إجابة ذلك السؤال : من أين جاء المسيح؟
و عند الاجابة لم يقل مثلا فلان تزوج فلانه وانجب يسوع ، أو روح القدس تغشت عذراء وجاء منها يسوع. بل قال إن يسوع هذا مجرد وعاء بشرى حل فيه الله الكلمة. يقول
1. في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والكلمة هو الله.
2. كان في البدء لدى الله.
3. به كان كل شيء وبدونه ما كان شيء مما كان.
4. فيه كانت الحياة والحياة نور الناس
5. والنور يشرق في الظلمات ولم تدركه الظلمات.
6. ظهر رجل مرسل من لدن الله اسمه يوحنا
7. جاء شاهدا ليشهد للنور فيؤمن عن شهادته جميع الناس.
8. لم يكن هو النور بل جاء ليشهد للنور.
9. كان النور الحق الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم
10. كان في العالم وبه كان العالم والعالم لم يعرفه.
11. جاء إلى بيته. فما قبله أهل بيته.
12. أما الذين قبلوه وهم الذين يؤمنون باسمه فقد مكنهم أن يصيروا أبناء الله:
13. فهم الذين لا من دم ولا من رغبة لحم ولا من رغبة رجل بل من الله ولدوا.
14. والكلمة صار بشرا فسكن بيننا فرأينا مجده مجدا من لدن الآب لابن وحيد ملؤه النعمة والحق.
لماذا استخدم الكاتب تلك الصيغة (في البدء) فى أول كلمة فى إنجيله؟
الاجابة هى ان كاتب يوحنا كانت عينه على اول كلمة ذُكرت فى التوراة
سفر التكوين
1. في البدء خلق الله السموات والأرض 2. وكانت الأرض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه. 3. وقال الله: (( ليكن نور ))، فكان نور.
فهم كاتب يوحنا من النص أن الكلمة الخالقة والتى هى انبثقت من جوهر الله لكى يخلق بها العالم بالطبع سابقة لخلق الكون كله، والتى بها كان كل شيء وبدونها ما كان شيء مما كان، والتى هى نور العالم تجسدت فى وعاء جسدى وحلت على الارض. ومع أنها في العالم و خُلق بها العالم ، لكن العالم لم يعرفها (اشارة لرفضها عندما تجسدت فى يسوع).
هل سبقوا كاتب يوحنا فى الاعتقاد بوجود المسيح حتى قبل خلق الكون ، وأنه هو نفسه من خلق الكون؟
الاجابة:
فى الواقع هناك نصوص سابقة ليوحنا أسهبت فى نفس المسألة، تجعلنا لا نندهش مما يقوله الرجل، فيوحنا لم يأت بالفكرة من الهواء فهناك خلفية أوحت بكلامه هذا
سفر أمثال يقول على لسان الحكمة ، التى تتكلم كما لو أنها شخصاً
22. اقتناني الرب منذ بدء خلقه، من قبل الشروع في أعماله القديمة.
23. منذ الأزل أنا هو، منذ البدء قبل أن توجد الأرض.
24. ولدت من قبل أن تتكون اللجج والينابيع الغزيرة المياه.
25. ولدت من قبل أن تقررت الجبال والتلال.
26. إذ لم يكن قد خلق الأرض بعد، ولا البراري ولا بداية أتربة المسكونة.
27. وعندما ثبت الرب السماء، وحين رسم دائرة الأفق حول وجه الغمر، كنت هناك.
28. عندما ثبت السحب في العلاء، ورسخ ينابيع اللجج.
29. عندما قرر للبحر تخوما لا تتجاوزها مياهه متعدية على أمر الرب، وحين رسم أسس الأرض،
30. كنت عنده صانعا مبدعا، وكنت كل يوم لذته، أفيض بهجة دائما أمامه.
31. مغتبطة بعالمه المسكون، ومسراتي مع بني آدم.
32. والآن أصغوا إلي أيها الأبناء، إذ طوبى لمن يمارسون طرقي.
33. استمعوا إلى إرشادي، وكونوا حكماء ولا تتجاهلوه.
34. طوبى للإنسان الذي يستمع إلي، الحريص على السهر عند أبوابي، حارسا قوائم مصاريعي،
35. لأن من يجدني يجد حياة، ويحوز على مرضاة الرب.
36. ومن يضل عني يؤذي نفسه، ومن يبغضني يحب الموت.
. الحكمة شيدت بيتها، ونحتت أعمدتها السبعة
• 2. ذبحت ذبائحها، ومزجت خمرها، وأعدت مأدبتها.
• 3. أرسلت جواريها لينادين من أعلى مشارف المدينة قائلات:
• 4. «كل من هو ساذج فليمل إلى هنا». وتدعو كل غبي قائلة:
• 5. «تعالوا كلوا من خبزي واشربوا من الخمر التي مزجت.
يعلق فيلو السكندري (ولد في 20 قبل الميلاد)، ع ذلك النص:
اقتباس:
|
في كل الأحوال سنكون منصفون إذا قلنا إن خالق الكون هو أيضًا أب خليقته. وأن الأم هى علم الخالق المتحد معه فى ذاته . وتلك المعرفة التي نالت بذرة الله ، ولدت ابنها الوحيد الحبيب ، المدرك من قبل الحواس الخارجية ، أي هذا العالم. وبناءً على ذلك ، يمثل النص الحكمة انها من كائنات الجماعة الإلهية السماوية وهي تتحدث عن نفسها بهذه الطريقة: "الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم". لأنه كان من الضروري أن تكون كل الأشياء التي خُلِقت فى البدء أصغر من أم وممرضة الكون بأسره (أى الحكمة) . Ebr. 1: 30-31
|
و وفقا لسفر إخنوخ كما أن الكلمة خالقة الحكمة خالقة:
2 Enoch 30:8-12
وفي اليوم السادس أمرت حكمتي بأن تخلق الإنسان من المكونات السبعة:
لحمه من الارض.| الثاني | دمه من الشمس ومن الشمس.| الثالث | عينيه من قاع البحر.| الرابع | عظامه من الحجر.| الخامس | عقله من تنقل الملائكة ومن الغيوم.| السادس | عروقه وشعره من عشب الارض.| السابع | روحه من روحي ومن الريح.
وكما ان المسيح الخالق الكلمة نزل ولم يعرفوه ورفضوه وعاد لمكانه الاصلى السماوى، كذلك الحال مع الحكمة فنزلت الحكمة من السماء منادية لشعب الله بالتوبة لكنهم رفضوا الحكمة وهكذا عادت لتوّها إلى السماء لتكون مع الله
أخنوخ الأول ٤٢
لم تجد الحكمة مكانا تسكن فيه. ثم خُصِصَ لها مسكناً في السماء. 2 نزلت الحكمة لتسكن بين بني آدم ، ولم تجد مسكنًا. فرجعت الحكمة إلى مكانها ، وجلست بين الملائكة.
وكما أن مسيح يوحنا الكلمة هو نور العالم ،كذلك الحكمة
يقول الفيلسوف اليهودى ارسطوبولوس السكندرى
( c. 181–124*BC)
اقتباس:
وفقًا لقوانين الطبيعة ،يمكننا تسمية اليوم السابع باليوم الاول ايضا، باعتباره أنه هو نشأة الضوء الذي أثر على كل شئ. ونفس الشيء يمكن أن يقال مجازيًا عن الحكمة أيضًا ، لأنها أصل أى نور
Aristobolus Fr. 5, 9-10
|
يقول الفيلسوف اليهودى فيلو :
اقتباس:
وغرس الله فردوسا في عدن شرقا ، ووضع هناك الرجل الذي خلقه [تكوين 2: 8]: لأنه دعا تلك الحكمة الإلهية والسماوية بأسماء كثيرة. وجعلها واضحة
والحكمة لها العديد من التسميات ؛ فدعاها الرب "البدء" و "الصورة" و"مشهد الله".
Leg. 1:43
|
يقول سفر الحكمة:
فعلمت جميع المكنونات والظواهر، لأن الحكمة مهندسة كل شيء، هي علمتني.
22 فإن فيها الروح الفهم القدوس، المولود الوحيد ذا المزايا الكثيرة، اللطيف السريع الحركة، الفصيح الطاهر النير السليم المحب للخير، الحديد الحر المحسن،
23 المحب للبشر، الثابت الراسخ المطمئن القدير الرقيب، الذي ينفذ جميع الأرواح الفهمة الطاهرة اللطيفة.
24 لأن الحكمة أسرع حركة من كل متحرك؛ فهي لطهارتها تلج وتنفذ في كل شيء.
25 فإنها بخار قوة الله، وصدور مجد القدير الخالص؛ فلذلك لا يشوبها شيء نجس،
26 لأنها ضياء النور الأزلي، ومرآة عمل الله النقية، وصورة جودته.
27 تقدر على كل شيء، وهي واحدة، وتجدد كل شيء وهي ثابتة في ذاتها. وفي كل جيل تحل في النفوس القديسة؛ فتنشئ أحباء لله وأنبياء
...................
1 إنها تبلغ من غاية إلى غاية بالقوة، وتدبر كل شيء بالرفق.
2 لقد أحببتها والتمستها منذ صبائي، وابتغيت أن أتخذها لي عروسا، وصرت لجمالها عاشقا.
3 فإن في نسبها مجدا، لأنها تحيا عند الله، ورب الجميع قد أحبها،
4 فهي صاحبة أسرار علم الله، والمتخيرة لأعماله.
5 إذا كان الغنى ملكا نفيسا في الحياة؛ فأي شيء أغنى من الحكمة صانعة الجميع؟
6 وإن كانت الفطنة هي التي تعمل؛ فمن أحكم منها في هندسة الأكوان؟
1 يا إله الآباء، يا رب الرحمة، يا صانع الجميع بكلمتك،
2 وفاطر الإنسان بحكمتك، لكي يسود على الخلائق التي كونتها،
3 ويسوس العالم بالقداسة والبر، ويجري الحكم باستقامة النفس.
4 هب لي الحكمة الجالسة إلى عرشك، ولا ترذلني من بين بنيك،
5 فإني أنا عبدك وابن أمتك، إنسان ضعيف قليل البقاء، وناقص الفهم في القضاء والشرائع.
6 على أنه إن كان في بني البشر أحد كامل؛ فما لم تكن معه الحكمة التي منك، لا يحسب شيئا.
7 إنك قد اخترتني لشعبك ملكا، ولبنيك وبناتك قاضيا،
8 وأمرتني أن أبني هيكلا في جبل قدسك، ومذبحا في مدينة سكناك على مثال المسكن المقدس الذي هيأته منذ البدء.
9 إن معك الحكمة العليمة بأعمالك، والتي كانت حاضرة إذ صنعت العالم، وهي عارفة ما المرضي في عينيك، والمستقيم في وصاياك،
10 فأرسلها من السموات المقدسة، وابعثها من عرش مجدك، حتى إذا حضرت تجد معي، وأعلم ما المرضي لديك.
كما ان المسيح (الكلمة الخالقة) على عرش الله ، الحكمة ( الخالقة) على عرش الله !
بل ومن المثير للاهتمام ، كلام كاتب سفر الحكمة عن أن الحكمة قادت إسرائيل عبر البرية في عمود السحاب / النار
سفر الحكمة
وجزت القديسين ثواب أتعابهم، وقادتهم في طريق عجيب، وكانت لهم ظلا في النهار، وضياء نجوم في الليل.
و نعلم مسبقاً من سفر الخروج أن من فعل ذلك كان ملاك يهوة الذى يوصف باوصاف مذهلة ،جعلت البعض يعتقد بانه صورة مرئية ليهوه نفسه (راجع المشاركة الثانية )
اقتباس من كتاب
(Witherington, Jesus the Sage, Fortress, 1995)
اقتباس:
|
إنجيل يوحنا بأنشودة الحكمة حيث يُقدَّم يسوع على أنه كلمة الله الأزلية مذكراً بسفر التكوين ١ ، الكلمة المنطوقة والمشخَّصة كالحكمة في أمثال ٣؛ وليس ذلك فقط بل إنه يطبّق استعارات الحكمة في أقوال الأنا هو العظيمة التي تحوي أخباراً متعددة للجملة (أنا هو الطريق، الحق، الحياة، أنا هو الكرمة إلخ.) ما هي إلا صفات سبق الإخبار عنها في ما قبل على أنها الحكمة المجسمة المذكورة في أمثال ٣ و٨ وأمثال سليمان وحكمة سيراخ. وبكلمات أخرى فإن يسوع هو تتميم كل هو موعود به في مقاطع الحكمة لأنه الحكمة المجسمة والحكمة المتجسدة والحكمة التي جاءت في الجسد أي بكلام آخر إنها طريقة أخرى للقول "من رآني فقد رأى الآب"، أو "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" أو "أنا والآب واحد." ويصور يسوع نفسه بهذه الطريقة كالإعلان الإلهي والطبيعة الإلهية والخلاص الإلهي الذي حل في الجسد على الأرض وهكذا فإنه ابن الله الوحيد الذي فيه نستطيع أن نرى مجد الله بذاته وحضوره الإلهي البهيج.
|
والبعض يرى أن هناك صدى لذلك التصور فى كلام رسائل بولس
فى رسالة بولس الأولى لاهل كورنثوس عند الكلام عن يسوع نفسه
فليس عندنا نحن إلا إله واحد هو الآب الذي منه كل شيء، ونحن له؛ ورب واحد هو يسوع المسيح الذي به كل شيء ونحن به
ويكرر نفس الفكرة فى
العبرانيين ١ . إن الله ، في الأزمنة الماضية، كلم آباءنا بلسان الأنبياء الذين نقلوا إعلانات جزئية بطرق عديدة ومتنوعة. 2. أما الآن، في هذا الزمن الأخير، فقد كلمنا بالابن، الذي جعله وارثا لكل شيء، وبه قد خلق الكون كله! إنه ضياء مجد الله وصورة جوهره. حافظ كل ما في الكون بكلمته القديرة.
و أيضاً فى
رسالته لأهل كولوسي
هو صورة الله الذي لا يرى، والبكر على كل ما قد خلق، 16. إذ به خلقت جميع الأشياء: ما في السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، أعروشا كانت أم سيادات أم رئاسات أم سلطات. كل ما في الكون قد خلق به ولأجله. 17. هو كائن قبل كل شيء، وبه يدوم كل شيء.
إتمام الكلام عن تصورات بولس لطبيعة يسوع فى المشاركة القادمة