هذا أحد تعقيباتي الذي كتبته يوم أمس في إطار موضوع [
لا يوجد اكتشاف علمي يمكن إنْ يقنعني بعقائد الإسلام! ]:
1.
من الأسئلة التي طالما شغلتني في مرحلة ما من حياتي: كيف يمكن أن يتخلى المرء عن عقله؟ وكيف يخضع لعقيدة تيدو سذاجتها وخرافيتها واضحة للعيان بدون ميكرسكوب أو أية وسائل ناجعة للرؤية؟
2.
والحق أن الإجابة كانت ذات جوانب متعددة ومتداخلة:
أولاً: العادة والتكيف. فالناس تميل إلى محاكاة الوسط الذي يولدون فيه. ولكن تتحول هذه المحاكاة فيما بعد إلى عادة.
ثانياً: الثقافة السائدة. فالعيش وسط ثقافة ما تجعل المرء يفكر إنطلاقاً من معايير هذه الثقافة بدرجة أو أخرى من التطابق.
ثالثاً: التخلف. إن تخلف الثقافة المحيطة لا توجه المرء نحو أهداف متخلفة فقط بل وتحرمه من وسائل كفيلة أن تسمح له لرؤية الوقائع وإدراك الحقائق.
3.
وإن مزيج هذا العناصر وعندما تتوفر الشروط الذاتية داخل المرء تؤدي إلى حالة ثقافية مرضية:
وهي ما يسمى بـ" العمى الانتقائي".
فالمسلم المتدين لم يعد يرى - إنه يرى من خلال نوع من "العدسات" الثقافية التي تمنعه من رؤية الوقائع. بل أنه يكشف عن ممانعة مدهشة حتى لا يرى الحقائق. فالحقائق تتناقض بصورة جذرية مع كل ما يعتقده ويعرفه وتحول إلى عادة متجذرة في وعيه.
4.
إنه لم يعد يسمع إلا ما يستجيب للتعاليم الدينية؛ ولم يعد يرى إلى ما ينسحم مع التصورات الدينية عن العالم.
إنه باختصار:
في نفق العقيدة الدينية الذي تحول إلى عالمه الوحيد.
5.
ولكن كيف يمكن تفسير من ترك الإسلام رفضاً للعقيدة الدينية الإسلامية واحتجاجاً على ثقافة الخرافة؟
إنني أستطيع الجزم بأنه لم يغادر الإسلام في لحظة مغادرته، بل منذ سنين طويلة.
فالذين تركوا الإسلام حقاً يحملون دائماً نوعاً من التفكير النقدي الذي يولد مع الإنسان. وإن هذا التفكير النقدي كان يعمل بالسر أو بالعلن داخل وعي الشخص حتى تأتي اللحظة المناسبة للإنفجار ويرى بصورى كاملة وشاملة عالم الخرافة التي يعيش فيه.
6.
حينئذ تتهار جميع الجسور مع هذا العالم ويصبح التحرر منه الهدف الوحيد.
وهذا ما سعيت إلى وصفه في:
الشَّرْخُ: الطريق إلى موت فكرة الله [ثلاث حلقات وخاتمة] !