قوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ. يُقصد به المشركون.
فمشركو مكة لم يكونوا يجحدون التوراة ونبوة موسى تماما - لكن لم يعتنقوا الديانة اليهودية، كالسيخ مثلا لا يجحدون نبوة النبي عليه الصلاة والسلام ولا القرآن لكنهم ليسوا مسلمين، فلا يعملون بما جاء في التوراة.
أما قوله تعالى على لسانهم: ما أنزل الله على بشر من شىء. فقد قالوه من باب المكابرة فذكرهم بتسليمهم بصورة أو بأخرى بنبوة موسى والكتاب الذي جاء به. ولذلك في مواضع أخر كان يأمرهم بسؤال أهل الكتاب ليتحققوا أن الله لم يرسل إلى القرى إلا رجالا فلم يرسل ملائكة لدعوتهم وتبليغ رسالته فقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. وكذلك احتج عليهم بمعرفة أهل الكتاب للحق الذي جاء به النبي فقال: أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل.
وكذلك قوله تعالى: فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلَآ أُوتِىَ مِثْلَ مَآ أُوتِىَ مُوسَىٰٓ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۖ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلٍّۢ كَٰفِرُونَ.
والمعنى أنهم أرادوا أن يأتي بمعجزات كمعجزات موسى فرد عليهم بقوله أن آل فرعون كفروا بموسى وهارون وقالوا أنهما ساحران فلم تنفعهم الآيات. أما على قراءة من قرأ سحران فالمقصود أن ينزل عليهم القرآن جملة و السحران هما التوراة و القرآن أي أنهم جحدوا في سياق المكابرة أن الله أنزل على موسى التوراة سواءا جملة واحدة أو بالتدريج لأنهم جحدوا أن يكون قد أنزل الله على بشر أى شىء في سياق الجدال والمكابرة.
|