عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2022, 03:53 AM أسطوري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [7]
أسطوري
عضو برونزي
 

أسطوري is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zyad مشاهدة المشاركة
قد تكلمت في موضوع سابق عن مشكلة الشر بالتفصيل و تناولت القضية من زاوية الإشكالات التي يثيرها وجود الشر و الآلام في العالم على الاعتقاد في وجود الله. وفي هذا المقال القصير أتناول الموضوع من زاوية أخرى، ألا وهي تفاعل الملاحدة مع وجود الشر و الآلام وكيف يريدون للناس أن يتعاملوا.

فلا يكاد بعض الملاحدة يفوتون مناسبة تقع فيها كارثة أو فاجعة إلا ويقيمون فيها اللطميات و يسكبون فيها دموع التماسيح و ينوحون كالنائحة المستأجرة و يكيلون السباب و الشتائم و و ينضحون بكل سفالة و قذارة و تطاول على الذات الإلهية والعياذ بالله.

إلا أن تطاول هؤلاء على الله ينم عن عقول معكوسة و قلوب منكوسة تشبعت بالغل و امتلأت بالحقد. وإني لأعجب لهؤلاء عجبا لا يفوقه إلا عجبي من حلم الله عليهم. فهذا الملحد المتطاول على الله عند حلول كارثة من الكوارث أو فاجعة من الفواجع إما أنه يقر بوجود الله و خلقه و تصرفه في هذا الكون وإما أنه يعتقد في داخله بعدم وجوده.

فعلى الاحتمال الأول فلا أشد حمقا ولا غباءا ولا جهلا ولا سفها من هذا المتطاول على من يظن انه مالك الملك والمتصرف فيه والذي يملك - بل يتوعده - أن يعذبه أشد العذاب على تطاوله و كفره و جحوده عذابا سينسيه عنجهيته و كبره وعناده ويجعله يتذلل صاغرا طلبا للعفو و المغفرة حيث لا ينفع ذلك لمجرد أنه، استنادا لأوهامه ووضلالاته و انطلاقا من جهله و سفهه، يظن أن أفعال هذا الخالق المتصرف هي ظلم وعبث.

وعلى الاحتمال الثاني فتطاوله و ابدائه لغله وحقده على ما لا وجود له فهو صنيع لا يقل سفها و جهلا. ولو قالوا أن ذلك من باب السخرية من الاعتقاد في وجود الله فمحاولتهم لصرف الناس على الاعتقاد في وجود خالق مدبر يتسم بالعدل و الحكمة وأن ما يقدره من محن يحمل في باطنه منح - وإن لم تدرك عقولهم كيفية ذلك - على ما يمثله ذلك من عزاء و تسلية وعون على مواجهة المحن والمصاعب، فصنيعهم هذا لا يقل خسة ووضاعة. فالبديل الذي يقدمه هؤلاء الملاحدة بديلا عن العزاء و التسلية الذي يقدمه الاعتقاد في وجود الله و عدله و حكمته و رأفته ولطفه هو أن يظن الناس أن ما يحل بهم من فواجع ونكبات لا يملكون حيالها فعل أي شىء وما يلحق بهم من مظالم لا يملكون دفعها أو ما يسلب منهم من حقوق لا يقدرون على ردها هو نابع من عبثية الكون و الحياة ولا يُرجى في باطن هذه المحن منح ولا لتلك المظالم رد ولا لتلك الحقوق أداء، وأن الناس ليس أماهم إلا حياتهم الدنيا يموتون و يحيون وما يهلكهم إلا الدهر.
أنا أعلم أن ردودك الإنشائية الفاشلة هاته هي بمثابة قرابين تقدمها لإلهك المجرم الذي يقتل الأطفال الأبرياء بأبشع الطرق.
فأنت تعبد مجرما و تدافع عنه باستماتة لكن المشكلة أنك لا تستحيي. لقد قتل هذا المجرم ضميرك و إنسانيتك بعدما جعلك تفكر بقلبك و ليس بعقلك.



  رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ أسطوري على المشاركة المفيدة:
النجار (02-07-2022), Enkido (02-07-2022)