عرض مشاركة واحدة
قديم 08-22-2021, 02:34 AM طريق السلامة غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [20]
طريق السلامة
عضو برونزي
 

طريق السلامة is on a distinguished road
افتراضي

لا طبعا. إلزام الخصم بما يؤمن به هو جزء أساسي من أي مناظرة!
أما الاعتماد على مصادر الخصم كمصدر للحقيقة، ثم البناء عليها واستنتاج استنتاجات (كاستنتاج أسلوب حياة الرسول عن طريق الاعتماد على الأحاديث مثلا) فهو إقرار طبعا بالمصادر.

فإلزام الخصم أثناء النقاش شيء، والاعتماد على مصادر الخصم لـ "إنتاج معلومة تزعم أنها حقيقة قد وقعت فعلا" هو شيء آخر مختلف تماما.

مثال: من يستخدم حديثا في البخاري كمصدر لبناء تصوره الإلحادي عن تعاملات الصحابة وأخلاقهم، فهو قد أقر بصحة هذا الحديث وبصحة النقل وبسلسلة الرواة.

والمسلم الذي يستخدم جملة من التوراة لتأييد الإسلام فهو قد أقر ضمنيا بصحة هذه الجملة، وأنها فعلا إما تاريخيا صحيحة (إن كانت قصة) أو أنها وحي حقيقي نزل على نبي، وبالتالي هي من الجمل المتفرقة التي يؤمن المسلمون بأنها قد سلمت من التحريف الذي حدث لأغلب التوراة.


أغلب الملحدين، لا شعوريا، كل تصوراتهم عن التاريخ الإسلامي مأخوذة من كتب يزعمون أنها غير صحيحة :) وهذا تناقض مضحك جدا.

المسلم الذي يؤمن بصحة فقرة توراتية إنما يبني إيمانه على "إيمان" قلبي، ولا يدعي أبدا أنه يملك دليلا ماديا على صحة هذه الفقرة.
فهل الملحد يقلد المؤمن ويبني تصوراته المأخوذة من البخاري على "إيمان قلبي" بصحة ما في البخاري؟!
هذا ينافي مبادئ الإلحاد أصلا. (إلا لو اعترف الملحد أن الإلحاد مجرد دين وأنه بلا أدلة وأنه قائم على الإيمان!)

لهذا، على كل ملحد أن يثبت صحة أدلته التي يستخدمها، إثباتات ملموسة ولا تعتمد على الرأي الشخصي ولا إيمانه الشخصي ولا هواه الشخصي، إلخ. وإلا كان مناقضا لمبادئه.
في حين أن المسلم غير مطالب بالمثل، لأن الإيمان، كمبدأ، غير متناقض مع مبادئه.
فالإسلام دين وإيمان. فإن أراد الملحد نفس هذه الحرية فعليه ساعتها أن يعترف أن الإلحاد "دين".
هل Take it on Faith معيار عند الملحدين؟!.. لا أظن.

فهمت؟

والجميل أن أغلب الأكاديميين الغربيين غير المسلمين الدارسين للإسلام يفهمون هذه المسألة، ولهذا يحددون في الدراسة قائمة المصادر التي يعتمدون صحتها، والتي سيبنون عليها استنتاجاتهم.
مثال: دراسة عن الاختلاف بين القرآن المكي والمدني تريد قراءة النصوص لاستنتاج نظرة محمد لليهود قبل الهجرة وبعدها.
في هذه الحالة فهي تقر بأن القرآن الحالي هو فعلا النص الذي قاله محمد.. وبالتالي فهي تتعارض مع أي دراسة أخرى تقول أن القرآن الحالي تأليف متأخر ظهر بعد وفاة محمد!

دراسة تدرس سيرة ابن هشام وتستنتج منها تفكير الرسول السياسي، وأسلوبه في التعامل مع المعارضين. فهي ضمنيا قد أقرت أن بـ:
وجود محمد - أن السيرة هي تعبير صادق وحقيقي عن تاريخ حياته - أن الرواة الذين نقلوا الأحداث إلى ابن هشام هم صادقون، إلخ.

وإلا فما معنى وجود "استنتاجات" أصلا إن كانت مبنية على أكاذيب؟

تصور مثلا شخص كتب دراسة عن لورد الخواتم، واستنتج منها سياسات سارومان. جميل. دراسة ترفيهية طريفة، تفترض من القارئ Suspension of Disbelief
لكن إن تكلمنا مع صاحب الدراسة فاكتشفنا أنه يعتبر استنتاجات دراسته هذه حقيقية فعلا واستنتاجاتها متعلقة فعلا بالتاريخ القديم للأرض في عصر الجن قبل عصر البشر، ساعتها سنعلم أن صاحب الدراسة مجنون. لأن سارومان غير حقيقي. شخصية "غير تاريخية".

ولهذا لا يمكن للملحد - الذي يعتمد على مصادر لا يؤمن بصحتها - أن يجمع بين النقيضين. إما أن يعترف بأن كل استنتاجاته بلا وزن وبلا قيمة ولا تتعلق بالتاريخ ولا بأحداث حياة محمد أصلا.. أو أن يعترف بأنه مجنون، لأنه يزعم أن استنتاجاته حقيقية وتاريخية ثم يزعم في نفس النَفَس أنها مبنية على مصادر غير حقيقية وغير تاريخية!

أرجو أن تكون قد اتضحت الفكرة.



  رد مع اقتباس