[المسعودي]

أمي لم تتمنَّ لي يوماً أي شر. حتى أنني في بعض ساعات الغضب أسأت إليها بطريقة ندمت عليها أشد ندم، مع ذلك لم تبد أي رد فعل شرير، بل كانت تتمنى لي السلامة.
المرة الوحيدة التي تمنت موتي عندما قلت لها لأول مرة "الله غير عادل ومحمد كاذب".

تحياتي Sam
1.
رغم اختلاف المصائر والتاريخ والأحداث فإنني أستطيع القول بما يكفي من الثقة بأنَّ أمُّك لم تتمنَ ولن تتمنى يوما موتك!
الحق أنها تمنت موتها!
لماذا؟
2.
أنا أعرف أنَّ أمك لم تظلم أحداً؛ ولم تقتل - بل ولم تفكر حتى في ذلك؛ ولم تقمع الأخرين لكي يعبدوا ما تعبد هي أو يؤمنوا بما تؤمن هي؛ لم تعد الرافعات كمشانق في الشوارع ولن تجرأ على رمي امراة مسكينة بحجر، بل تلفها بإزار وتحميها؛ كان إيمانها لوحدها مع نفسها ولم تُطَبّلُ له في الميادين والساحات ولم تقلق الآخرين به.
وكل هذا هو ملكها الشخصي ولم تأخذ من أحد أو تقلد الآخرين به، هذا هو ما تربت عليها، لكن مشكلتها (ومشكلتها مع نفسها فقط) هي أنها تعتقد بأن كل هذا من الله ولهذا كانت تدافع عنه أمامك - ولهذا تمنت الموت لنفسها من خلالك.
صدقتنى أم لا - هذه هي الحقيقة.
ولهذا كان علي دائما أن أحترم مشاعر أبي وأمي لأن ما قلته عن أمك ينطبق عليهما أيضاً.
3.
غير أن الأمر مع المرتزقة والمجاهدين أصحاب الثقافة المتوحشة يختلف الأمر تماماً.
فقد حولوا الدين إلى أيديولوجيا شمولية لا تختلف عن النازية وقاموا بحرق جميع الاختيارات أمام البشر:
أما معنا وإما علينا.
والاحتمال الثاني لا يعني غير الرفض والاستهجان والكراهية التي تصل إلى حد الموت.
لقد حول المجاهدون دينهم الشخصي إلى دين مفروض على الجميع بقوة سلطة الدولة والتشريعات التي يسنها محامون مرتزقة سرقوا حريات الناس وحولوا دولهم إلى سجن هائل.
4.
صدقني أن أمك لن تقبل بكل هذا. أنني أشك أنها تعرف هذا بل أشك حتى أنه يخطر ببالها.
وهذا هو الفرق ما بينها وبين السفلة.
فاعذرها!