أخيرا ، يقول زميلي الكريم :
" انا متعجب من عدم دراسة الزميل للفكر الديني الإسلامي الذي ينتقده
و بايجاز ما تعرضه هو قول بعض المسلمين و تحديدا الاشاعره الذين يعتبرون أن الحسن و القبح شرعيين لا عقليين و أن العقل لا يستقل بإدراك حسن فعل أو قبحه
بينما العدليه :الشيعه و المعتزله رفضوا بقوه هذا التصور
و من تناظره مسلم عدلي شيعي و ليس هنا موضع عرض المناقشات بين المدرستين و يمكن للباحث طلبها في محلها
العقل يستقل بإدراك قبح بعض الأفعال كالظلم مثلا
و إنما دور الدين الاساسي هنا الالزام"
و هذا كله لا أجهله عزيزي بل إحدى حججي هنا حول صدق الإله استخدمها المعتزلة من قبل ضد الأشاعرة كما ذكر في كتاب رسالة إبليس إلى إخوته المناحيس.
و لكن هذا كله لا يحل المشكلة، لأن العقل في المفهوم الديني مهمته "إدراك" الخير و الشر كما حدده الله لا أكثر، بمعنى أنه يدرك الأخلاق ولا يوجبها. فنؤول في النهاية إلى أن الله هو من يحدد الأخلاق و أما العقل و الفطرة فمجرد أدوات أو علامات لإدراكها، و ما دام الله هو من يحددها فهو قادر على تغييرها ولو نظريا، و هي من ثم مجرد معطى اعتباطي تابع لإرادته. و إن قال المتدين غير ذلك لا تعود أخلاقه دينية أصلا بل عقلية و يسقط اعتراضه علينا.
و بتعبير معضلة يوثيفرو الشهيرة :
هل كذا خير لأن الله أراده ؟ إذا فالخير مجرد حكم اعتباطي.
أم أن الله أراد كذا لأنه خير ؟ إذا فالله متقيد بمعيار للخير منفصل عنه.
فهذه هي الحجة الأخلاقية الأساسية ضد الدين : أن الدين بحاجة لأخلاق موضوعية مستقلة عنه ليثبت بها صدق الإله على الأقل و إلا انهار على نفسه. فلا مناص للدين أن يعترف لنا بوجود أخلاق مستقلة عن الإله لأنه أحوج منها إليها.
انتهى.
|