يقول زميلي : "و اطرح هنا تساؤلا عابرا عن موقع خلق رائع كالصبر في هذه المعادله؟"
و الجواب : الصبر من الأخلاق "التفضلية" إن صح التعبير و ليس الملزمة، فليس كل الناس من أهل العزائم.
و خلق الصبر قابل تماما للاحتواء ضمن المفهوم الذي أطرحه، فألم الصبر لا يكون إلا لدفع أذى أكبر "مادي أو معنوي" و من أرغم نفسه على الصبر من أجل شيء تافه نعتبره أبله.
و يقول أيضا "و اذا كان مناطه تابع للشعور فهذا يقترن بكون الخير و الشر متطور و نسبي لان شعور :الرضا شعور نسبي و متطور"
و أجيب أن هذا لا يصح حين يكون الشعور موجودا بالضرورة عند كل حي عاقل، فهنا لا تعود المسألة نسبية. و لذلك انطلقنا من الغرائز الضرورية.
و يقول أيضا : "حيث المحرك للسلوك هو دفع الالم و جلب اللذه و الغايه بالتالي تماما كما في الليبراليه كما يعبر عنها( بنتام) ليست إلا تحقيق ذلك حيث لا غايه للإنسان إلا تحقيق منفعته الشخصيته"
و الجواب من جهتين :
- أولا بإضافة قاعدة عدم التناقض أصبحت الأخلاق غيرية و غير مقتصرة على المنفعة الشخصية.
- و ثانيا ما دمنا نأخذ الألم المعنوي في الحسبان فلم تعد المسألة نفعية براغماتية.
و من ثم يسقط كل ما يترتب على ذلك من مفاهيم رأسمالية استغلالية.
أنتقل الآن إلى مناقشة ما طرحته من موانع على قيام الأخلاق الموضوعية في الإلحاد :
1- مشكلة الإرادة الحرة :
و الجواب هو أنه واقعيا لا مناص من الاعتراف بوجود مساحة للإرادة الحرة لأننا ببساطة نتخذ القرارات طوال الوقت، نعم قراراتنا تتأثر بما لا حصر له من العوامل و لكننا في النهاية نختار. نعم، صحيح أنه يتعذر وجود إرادة حرة 100% و لكن بالمقابل لا يمكن أن تكون النسبة 0% و إلا لرأينا الإنسان يتصرف كالروبوت. الأصح أن الإرادة الحرة موجودة جزئيا و هذا كاف.
ثم هل ما يقدمه الدين في هذا الباب أفضل ؟ و أتحدث فلسفيا لا نصوصيا، فإن كان في الواقع موانع من حرية الإرادة فالدين لا يستطيع إنكارها و لكن بدلا من أن ينسبها للطبيعة سينسبها للإله، فما الفرق ؟
2- مشكلة is/ought التي طرحها هيوم :
و أرى أن هذه قضية شكلية لا أكثر، فنحن في الواقع عندما نقول "لا أرضى هذا العمل لغيري" إذا "هذا العمل سيء" نستدل بما هو كائن على ما هو كائن، وليس على ما ينبغي أن يكون. لأن الحكم "هذا العمل سيء" يدخل في عداد ما هو كائن.
و إذا أصررنا على أن للطبيعة الإنسانية غاية، فذلك يمكن تفسيره غريزيا دون اللجوء إلى الدين، بحيث يكون هذا الهدف هو : تجنب الأذى مثلا.
3- لا مانع في الإلحاد من وجود واجب الوجود و لكن الخلاف في ماهيته، فقد يرى الملحد أن واجب الوجود هو شيء فيزيائي له خصائص معينة أدت إلى انبثاق الكون و تشكله. من جهة أخرى كيف لغياب واجب الوجود أن يتعارض مع مفهوم الأخلاق الموضوعية الذي طرحته ؟ هل يمكن أن تضع يدك على موضع التعارض حتى أفهمك أكثر ؟
يتبع..
|