يا عزيزي هذه الثقافۃ الحشويۃ التي لا تعرف الدرايۃ
تدل علي ضعف العقل و هي التي اعاقت فهمكم للاسلام
الانسان في الاسلام محترم المال والعرض والدم، إلا ما خرج بدليل، فاحترام الإنسان هو المبدأ والقاعدة، وعدمه هو الاستثناء، وذلك كما في حالات العدوان، ففي حالة العدوان، فإنَّ الشخص هو الذي يُسقط حرمته. وما يمكن الاستدلال والاستشهاد به على أصالة احترام الإنسان هو:
أولاً: مبدأ التكريم الإلهي لبني الإنسان، فالإنسان ـ كإنسان ـ هو خليفة الله على الأرض، وهو في موضع التكريم الإلهي: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}[الإسراء: 70]، فالتكريم هو لابن آدم، وليس لجماعة دينيّة أو عرقيّة أو قوميّة بعينها، لكن من الطبيعي أن يبقى التكريم قائماً ما دام الإنسان سائراً في خطّ الاستخلاف، غير متنكّر لخالقه ولا جاحد بربوبيّته، ولا يعمل على الإفساد في الأرض، لأنّه بذلك يخرج عن خطّ الاستخلاف، قال تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}[هود: 61].
ثانياً: مبدأ العدل، فإنّ الشريعة الإسلاميّة، وكذا كلّ الشرائع السماوية، تهدف إلى تحقيق العدل في الأرض، وقد أُرسلت الرسل للغاية نفسها، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 26]، ومبدأ العدل ـ كما غيره من المبادئ والقيم ـ لا يقبل التجزئة، لأنّه من المبادئ التي يحكم بها العقل. ومعروف أنَّ أحكام العقل لا تقبل التخصيص، كما أنّ الآيات والروايات الآمرة بالعدل، هي من النوع الأبي عن التقييد والتخصيص والاستثناء، كما يقول الأصوليون. ولذا، نصّ القرآن الكريم على التعامل مع الإنسان المسالم من غير ديننا على أساس العدل، قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة: 8]، ومن الواضح أنّ القسط إليهم يفرض عدم التعرّض لكراماتهم وأعراضهم، فضلاً عن سفك دمائهم أو أموالهم، كما أنّ احترام موتى الناس هو من احترامهم.
ثالثاً: النصوص الخاصّة، وهي بعض الروايات التي تؤكّد القاعدة المذكورة، ومن أبرزها: الحديث المشهور المرويّ من طرق الفريقَيْن في صفة المسلم، فعن أبي هريرة عن رسول الله(ص): "المسلم من سَلِمَ الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" والمعنى عينه ورد في الخبر المعتبَر عن أبي عبد الله الصادق قال: "المسلم من سَلِمَ الناس من يده ولسانه، والمؤمن مَن ائتمنه الناس على أموالهم وأنفسهم" وتقريب الاستدلال: إنّ الخبر دلّ على انحصار المسلم بمن سَلِم الناس من لسانه ويده، فيُستفاد منه أنّ من لا يسلم الناس (مطلق الناس) من لسانه ويده ليس مسلماً، وإذا كانت بعض النصوص قد أكّدت أنَّ "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، فهي لا تنافي النص المتقدّم، لأنّه لا تنافي بين مثبتين، كما ذَكَر علماء الأصول.
رابعاً: النصوص التعاقدية، وثمة نصوص أخرى يمكن تسميتها بالنصوص التعاقدية، وهي التي تنظِّم علاقة المسلمين بغيرهم، إليك بعضها:
أ- وثيقة المدينة، أو ما عُرف بدستور المدينة، حيث نجد أنّ النبي(ص) أقرَّ لليهود بأنّهم أمّة واحدة مع المؤمنين، وجاء في الوثيقة المذكورة: "وأنّ يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلاّ من ظلم وأثم فإنّه لا يوتغ (يهلك) إلا نفسه وأهل بيته، وأنّ ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وإنّ ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف.."
إنّ معنى كون اليهود أمة مع المؤمنين، أنّ حرمتهم كحرمة المؤمنين، إلا من ظلم وبغى، فإنّه يُهلك نفسه، وهذه الوثيقة هي من أهمّ وأقوم العهود والوثائق السياسية والقانونية في الإسلام.
ب- وفي عهد علي إلى مالك الأشتر: "وأشعر قلبك الرحمة للرعيّة، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننَّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان، إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"
و الكافر لا يقاتل لكفره بل لحرابته و عدوانه
قال تعالي: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}[البقرة: 190]. دلّت هذه الآية المباركة على أنّ القتال المشروع والمأمور به، هو قتل من يقاتلنا، والوصف مشعر بالعلية، أي إنهم يُقَاتَلون لأنهم يُقَاتِلون، أما المسالمون فلا إذن في قتالهم، بل إن قتالهم داخل في العدوان.
إن قتالهم داخل في العدوان.
الآية الثانية، وقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة: 8-9].
وهذه الآية الكريمة دالة على أنّ المسالمين من غير المسلمين، والذين لم يقاتلونا، لا بدّ من أن نتعامل معهم على أساس العدل، ومن العدل أن لا نعتدي عليهم في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم.
ومضمون هاتين الآيتين محكم
اما حديث امرت ان اقاتل الناس!
فان ثمّة تساؤلاً مشروعاً طَرَحه الحافظ ابن حجر، ذكر فيه أنّ من العلماء مَنْ استبعد صحّته، مستدلاًّ بأنّ ابن عمر لو كان عنده علم بهذا الحديث لما ترك أباه ينازع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة"
و بعض علماء الشيعۃ احتمل أن يكون هذا الحديث من الموضوعات لتبرير ما جرى بعد رسول الله(ص) فيما عُرف بحروب الردّة التي تمّت المبالغة فيها بشكل كبير
كما لا يمكننا القبول بمضمون الخبر، لأنّه يلغي نظام الذمّة في الإسلام، لأنّ غاية الكفّ عن القتال- طبقاً للحديث- هو أن يُسلموا ويقيموا الصلاة والزكاة، مع أنّ نظام الذمّة ثابت بالقرآن الكريم والسُّنّة القطعية، ما يجعل هذا الحديث معارضاً لكتاب الله تعالى.
|