والآن وبعد هذه الاستراحة نعود لفك العُقد المُضاعفة التعقيد.. كنا قد حللنا في الأعلى الإصحاح (9) من سفر الملوك الأول، وعلّقنا على تفككه الواضح نتيجة صدمة "عزرا" مما قرأ في سفر الملوك، وكيف وصل هذا الإصحاح إلى قمّة تفككه بسبب يد "عزرا" وتحاريفه وتخاريفه.. والآن سنقرأ كيف أعاد "عزرا" بنفسه نسخ ما حرّفت وفككت يده محاولاً إعادة الترابط لهذا المقطع مع تحريفٍ مُضافٍ جديد، ما جعل من مقطعنا المحرّف والمُعادة صياغته مرتين أبعد ما يكون عن الأصل في سفر الملوك (المصدر الأصلي الضائع).. نقرأ في سفر أخبار الأيام الثاني:
"8: 1 و بعد نهاية عشرين سنة بعد أن بنى سليمان بيت الرب و بيته 8: 2 بنى سليمان المدن التي أعطاها حورام لسليمان و أسكن فيها بني إسرائيل [مَن أعطى مَن!؟!؟!..هذا تحريف جديد بقلب القصة رأساً على عقب!.. فباتت المدن العشرين المرفوضة من طرف حيرام هي هديّة من حورام لسليمان!!.. أو ربما دمج "عزرا" بين حيرام وفرعون حمي سليمان.. لا يهم.. ولكن المهم في الصياغة الجديدة هو: مقابل ماذا أعطى حورام هذه المدن لسليمان؟!.. هكذا.. هديّة أخويّة!.. أو مقابل حكمة سليمان!!.. سبحانك يا "عزرا"!!!..] 8: 3 و ذهب سليمان إلى حماة صوبة و قوي عليه 8: 4 و بنى تدمر في البرية و جميع مدن المخازن التي بناها في حماة 8: 5 و بنى بيت حورون العليا و بيت حورون السفلى مدناً حصينة بأسوار و أبواب و عوارض 8: 6 و بعلة و كل مدن المخازن التي كانت لسليمان و جميع مدن المركبات و مدن الفرسان و كل مرغوب سليمان الذي رغب أن يبنيه في أورشليم و في لبنان و في كل أرض سلطانه ["سلطان البغلة" بات يبني في كل مكان!.. وبفضل تحريفات "عزرا" الكاتب وصلت مُنشآت "سلطان البغلة" إلى بلاد الشام!!.. تابع النسخ يا "عزرا" مما خرّفتَ وحرّفتَ سابقاً:..] 8: 7 أما جميع الشعب الباقي من الحثيين و الأموريين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين [وها هو ينسخ قائمة شعوب بلاد الشام بلا تغيير سوى قلب "الأموريين و الحثيين"..] الذين ليسوا من إسرائيل 8: 8 من بنيهم الذين بقوا بعدهم في الأرض الذين لم يفنهم بنو إسرائيل فجعل سليمان عليهم سخرة إلى هذا اليوم [وها هو ينسخ توقيعه أيضاً.. ويتابع نسخ توضيحاته لنزع صفة العبيد المُسخرين عن بني إسرائيل:..] 8: 9 و أما بنو إسرائيل فلم يجعل سليمان منهم عبيداً لشغله لأنهم رجال القتال [حذف "عزرا" مما نسخ: "وخدّامه"..] و رؤساء قواده و رؤساء مركباته و فرسانه 8: 10 و هؤلاء رؤساء الموكلين الذين للملك سليمان مئتان و خمسون ["خمس مئة وخمسون" حسب الملوك الأول (9 : 23).. والرقم 250 الجديد هذا هو ناتج عملية حسابية بين الملوك الأول (5) و (9) وأخبار الأيام الثاني (2)..وهي عملية حسابية قام بها "عزرا" مدققاً لما أخطأ في الحساب سابقاً..] المتسلطون على الشعب 8: 11 و أما بنت فرعون [وأخيراً جلالة زوجة سلطان البغلة.. وهل نسينا الجملة التي تبتدأ بـ "ولكن" وتلك التي رمزنا لها بـ % في الأعلى؟.. وها هي المشكلة الشرعيّة التي تم حلها هنا أخيراً:..] فأصعدها سليمان من مدينة داود(^والأصل: "بيت داود"^) إلى البيت الذي بناه لها لأنه قال لا تسكن امرأة لي في بيت داود ملك إسرائيل لأن الأماكن التي دخل إليها تابوت الرب إنما هي مقدسة [والآن وبعد أن تم تلميع صورة سليمان شرعاً بات بإمكانه إبراز تقواه وورعه:..] 8: 12 حينئذ أصعد سليمان محرقات للرب على مذبح الرب الذي بناه قدام الرواق..... 8: 16 فتهيأ كل عمل سليمان إلى يوم تأسيس بيت الرب و إلى نهايته فكمل بيت الرب [لا يا "عزرا" لا.. عُدت للصياغة المُفككة!.. قارن بين الجملتين الملونتين باللون البنفسجي (هذه الأخيرة وتلك التي في أول الإصحاح (8: 1) الذي نحن بصدده) ولاحظ التفكك الزمني.. يا "عزرا".. يا "عزرا".. خذها قاعدة: "النسخ عن المُفكك والمُتلاعب به سيوصلك إلى نتيجة مفككة مهما حاولتَ الترقيع وإعادة الصياغة".. أنتَ تنفخ بقربة مقطوعة وأنت من قطعها يا "عزرا".. ويتابع "عزرا" النسخ:..] 8: 17 حينئذ ذهب سليمان إلى [صحح "عزرا" مما نسخ: "وعمل الملك سليمان سفناً في"..] عصيون جابر و إلى أيلة [عدّل "عزرا" مما نسخ: "عصيون جابر التي بجانب أيلة"..] على شاطئ البحر [غيّب "عزرا" مما نسخ: "على شاطئ بحر سوف"..] في أرض أدوم 8: 18 و أرسل له حورام بيد عبيده سفناً و عبيداً يعرفون البحر فأتوا مع عبيد سليمان [غيّر "عزرا" مما نسخ: "فأرسل حيرام في السفن عبيده النواتي العارفين بالبحر مع عبيد سليمان فأتوا"..] إلى أوفير و أخذوا من هناك أربع مئة و خمسين وزنة ذهب [نقّح "عزرا" مما نسخ: "وأخذوا من هناك ذهباً أربع مئة وزنة وعشرين وزنة"..] و أتوا بها إلى الملك سليمان [نشكرك يا "عزرا" على تصحيحك وتعديلك وتغييبك وتغييرك وتنقيحك.. مهما كانت أسبابك لكل هذا - سواء أكانت منطقيّة أم جغرافيّة أم لغويّة – نقبلها منك.. ولكنك لم تشرح لنا: مقابل ماذا أخذ سلطان البغلة كل هذا الذهب؟!؟!؟.. هل وصلتهم حكمته إلى "أوفير" فأرسلوا له الذهب مقابلها!!!!!!!.. تباً لهكذا تخاريف تم نسخها عن تخاريف وظلّت تخاريف.. وأما عن الحقيقة فقد أوضحناها في الأعلى حول حصة سليمان من التجارة البحرية مقابل سخرة بني إسرائيل..] "
ولكي نقطع الشك باليقين حول تسخير سليمان لبني إسرائيل، وليس لغيرهم من الأجنبيين كما حرّف "عزرا"، سنعود لقصة انقسام مملكة إسرائيل الموحدة في زمن رحبعام ابن سليمان من زوجته "نعمة" العمونية (والأصح: المعونيّة اليمنيّة) (بخصوص أم رحبعام راجع سفر الملوك الأول (14 : 21 و 31)..).. نقرأ في سفر الملوك الأول:
"11: 43 ثم اضطجع سليمان مع آبائه و دفن في مدينة داود أبيه و ملك رحبعام ابنه عوضاً عنه. 12: 1 و ذهب رحبعام إلى شكيم لأنه جاء إلى شكيم جميع إسرائيل ليملكوه. 12: 2 و لما سمع يربعام بن نباط و هو بعد في مصر، لأنه هرب من وجه سليمان الملك و أقام يربعام في مصر 12: 3 و أرسلوا فدعوه، أتى يربعام و كل جماعة إسرائيل و كلموا رحبعام قائلين، 12: 4 إن أباك قسّى نيرنا و أما أنت فخفف الآن من عبودية أبيك القاسية و من نيره الثقيل الذي جعله علينا فنخدمك. 12: 5 فقال لهم اذهبوا إلى ثلاثة أيام أيضاً ثم ارجعوا إلي، فذهب الشعب. 12: 6 فاستشار الملك رحبعام الشيوخ الذين كانوا يقفون أمام سليمان أبيه و هو حي قائلاً كيف تشيرون أن أرد جواباً إلى هذا الشعب. 12: 7 فكلموه قائلين إن صرت اليوم عبداً لهذا الشعب و خدمتهم و أحببتهم و كلمتهم كلاماً حسناً يكونون لك عبيداً كل الأيام. 12: 8 فترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه و استشار الأحداث الذين نشأوا معه و وقفوا أمامه 12: 9 و قال لهم بماذا تشيرون أنتم فنرد جواباً على هذا الشعب الذين كلموني قائلين خفف من النير الذي جعله علينا أبوك . 12: 10 فكلمه الأحداث الذين نشأوا معه قائلين هكذا تقول لهذا الشعب الذين كلموك قائلين إن أباك ثقل نيرنا و أما أنت فخفف من نيرنا هكذا تقول لهم إن خنصري أغلظ من متني أبي، 12: 11 و الآن أبي حمّلكم نيراً ثقيلاً و أنا أزيد على نيركم، أبي أدبكم بالسياط و أنا أؤدبكم بالعقارب . 12: 12 فجاء يربعام و جميع الشعب إلى رحبعام في اليوم الثالث كما تكلم الملك قائلاً ارجعوا إلي في اليوم الثالث. 12: 13 فأجاب الملك الشعب بقساوة و ترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه 12: 14 و كلمهم حسب مشورة الأحداث قائلاً أبي ثقل نيركم و أنا أزيد على نيركم، أبي أدبكم بالسياط و أنا أؤدبكم بالعقارب . 12: 15 و لم يسمع الملك للشعب لأن السبب كان من قبل الرب ليقيم كلامه الذي تكلم به الرب عن يد أخيا الشيلوني إلى يربعام بن نباط [حرّف "عزرا" ربطاً بنبوءة كان قد خرّفها في الإصحاح السابق من سفر الملوك الأول (11 : من 26 وحتى آخره) ليُصبح التاريخ مرسوماً بالنبوآت.. في حين أن النبوآت التي خرّفها "عزرا" هي المشتقة من التاريخ..] . 12: 16 فلما رأى كل إسرائيل أن الملك لم يسمع لهم رد الشعب جواباً على الملك قائلين أي قسم لنا في داود و لا نصيب لنا في ابن يسى، إلى خيامك يا إسرائيل، الآن انظر إلى بيتك يا داود [لاحظ في هذه الجملة (12 : 16) حنق بني إسرائيل العائد إلى زمن داود الذي سخّرهم لبناء أو ترميم بيته ومدينته "أورشليم" والهيكل الذي شرع ببنائه وفشل بسبب سوء التخطيط، وصولاً إلى سليمان الذي سخّر الشعب لبناء الهياكل في حين أن الشعب مايزال يعيش في الخيام!.. ولاحظ التناقض مع ما حللناه في الأعلى حول منشآت سليمان التي وصلت – بحسب تحريفات "عزرا" – إلى بلاد الشام!! وخصوصاً ما يتعلّق بالمدن العشرين، في سفر أخبار الأيام الثاني (8 : 2) في الأعلى، حيث بناها سليمان وأسكن فيها بني إسرائيل!!!.. وها هم:] . و ذهب إسرائيل إلى خيامهم. 12: 17 و أما بنو إسرائيل الساكنون في مدن يهوذا فملك عليهم رحبعام. 12: 18 ثم أرسل الملك رحبعام أدورام الذي على التسخير فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة فمات، فبادر الملك رحبعام و صعد إلى المركبة ليهرب إلى أورشليم. 12: 19 فعصى إسرائيل على بيت داود إلى هذا اليوم [لاحظ هذه الصياغة التي تحمل وجهة النظر الصادوقيّة، فتحوّل مسعى بني إسرائيل للتحرر من العبوديّة التي فرضها بيت داود إلى عصيان.. وممهورة بتوقيع "عزرا" الكاتب.. إلى هذا اليوم..] .".. ولنا في سفر الأخبار الثاني الإصحاح (10) نسخة شبه مطابقة منسوخة بيد "عزرا" عن هذا الإصحاح (12) من سفر الملوك الأول.. وحتّى أنه نسخ توقيعه الموجود في كلا الإصحاحين.. إلى هذا اليوم..
وهكذا بات واضحاً أمامنا السبب المباشر لانشقاق مملكة إسرائيل الموحدة: التسخير..
|