مسألة الأحاديث والاعتداد بها من قبل الباحث والمحقق
عندما كنت مسلما كنت أكترث لمسألة درجة الحديث من ناحية السند والصحة ولكن وجدت متناقضات كثيرة فلا تكاد تجد شخص متفق عليه فمن وثقه امام بالحديث ضعفه الآخر ناهيك عن التناقضات في الأحاديث التي لا تعد ولا تحصى.
عندما نتتبع مسألة تدوين الأحاديث فنجد أنها صناعة عباسية بامتياز ولا تجد لها أساس فعلي في القرون الآولى سوى الادعاءات التي لا يدعمها شيء فعلي، ( العنعنة ) مسألة سهلة فما أبسط أن تعصب القول لأموات طحن عظامهم الدود، فلا الشاهد أو المشهود له أحياء ليحدثوا تغيير.
عندما تكتب رواية من نسج الخيال فلا بد من وجود ثغرات فمهما بلغ الخيال من دقة فلن يكون مطابقا للواقع فالمخيلة تنسج الرواية من خلفية الكاتب وثقافته وبيئته ومن الطبيعي أن لا تكون نظرة شاملة ويعتريها النقص وكما يقيل فصاحب الكذبة يحتاج ألف كذبة ليغطي على كذبته الأولى، وهذا ما يظهر في ما يعرف بالسنة والاحاديث فتجد اضطرابات واختلافات كثيرة، لعل ابسط نظرة في اكثر عبادة كانت تمارس على حسب الادعاء وهي الصلاة التي يفترض أن مؤسس الاسلام صلى بهم اكثر من ألف مرة نجد اختلاف على كيفيتها ولا زالت الاختلافات بين المذاهب على كيفية الصلاة هل السدل ام القبض وما يرد من اذكار فهذا واقع بائس ويدل على عدم صحة ما يروى من آثار.
القرآن نفسه يدعو للتيقن من رواية الفاسق فقد يصدق الفاسق وقد يكذب، وكذلك معيار الكذب عند الانسان ليس له مستوى ثابت فقد يكذب كثير الصدق وقد يصدق كثير الكذب وفقا للظروف ناهيك عن تشوه الرواية الشفوية عبر مرور السنين والظروف والازمات السياسية.
مع كل ما سبق لا يعني أن الاحاديث لا تحتوي على بعض الحقائق التي حصلت بالفعل ولكن مسألة التيقن من حصولها يستوجب وجود مصادر اخرى خارج الاطار الاسلامي تؤكد حصولها لان كثرة الخلط والتزيين والتهذيب والتعديل في الرواية الاسلامية يجعلها مصدر غير ثقة للتعويل التاريخي عليه.
عندما كنت ابحث عن تاريخية مكة وقرأت الرواية الاسلامية عن تعظيم الكعبة لدرجة ان عظماء الفرس يعظمونها قلت لا يمكن لهذه البقعة ان تكون غائبة في تدوينات الآخرين ولكن نتفاجئ انها لا وجود لها حتى بالتدوين القريب من ظهور الاسلام وبالعكس عرف العرب اماكن للحج في البتراء بعد منعهم من قبل الرومان من الحج للقدس باعتبارهم وثنيين ومع هذا يبقى مسألة بداية الاسلام لغز يحتاج بذل الكثير من التحقيق العميق للتوصل لخيوطه الأولى.
ما سبق هي نظرة من واقع تعامل بزمن ليس بالقصير مع الروايات الاسلامية والتي وجدت أنها غير جديرة بالثقة للمحقق والباحث التاريخي كونها خضعت للاهواء والاطار السياسي ودمتم سالمين.
|