عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2018, 12:17 PM يهوذا الأسخريوطي غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [6]
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
الصورة الرمزية يهوذا الأسخريوطي
 

يهوذا الأسخريوطي will become famous soon enoughيهوذا الأسخريوطي will become famous soon enough
افتراضي إفتح عينيك.. (الوعي بعد الوعي)

إفتح عينيك..
(الوعي بعد الوعي)

فتح عينيه لأوسع حالاتها.. حدقاته توسعت حتى ليكاد السواد يملأ القزحية.. لهاث سريع يخرج من فمه وأنفه وحتى من عينيه.. لم يعد يريد أن يغلق جفنيه أبداً بعد أن فتحهما الآن.. فتحهما ولأول مرة.. بدأ عقله بالاستيعاب.. وبدأت حواسه بتلمس هذا العالم الجديد الذي دخله للمرة الأولى.. لقد كان يعيش فيه.. بل نائماً فيه.. والآن أدرك وجوده.. إنها أول مرة يستيقظ فيها منذ أن ولد.. أراد أن يفهم كل شيء وبسرعة.. ماذا كان يفعل قبل أن يفتح عينيه الآن ؟!.. هل فعلاً كان نائماً طوال تلك الفترة التي يجهلها ؟!.. وبماذا كان يشعر وقتها ؟..
بدأ يتذكر ذلك العالم القديم الذي أصبح حلماً منذ أن فتح عينيه على الواقع الجديد.. لم يعد حلماً جميلاً، أو واقعاً يحياه في خياله.. بل لقد أصبح كابوساً هرب منه بأعجوبة حين فتح عينيه لأول مرة.. بدأت الآن خلايا جسمه تشعر بوجودها، لقد بدأت الخلايا تتواصل لتحاول إدراك هذا الواقع الجديد الذي فتح عينيه عليه الآن.. ولكن ما ذالك الشيء الذي أيقظه من نومه الأبدي؟!.. عادت ذاكرته شيئاً فشيئاً لتدرك أنها حرارة لامست بعض خلايا جسمه فأيقظته على وقع حروقها.. نظر إلى مصدرها في الواقع الجديد.. إنها شيء يلتهب.. أسماه "النار".. أدرك عن طريقه أنه كان يحلم وأن حلمه كان كابوساً أسماه "الغريزة".. وأطلق الآن في هذا الواقع الجديد اسماً على جميع خلاياه لينطبق هذا الاسم على نفسه.. إنه "البشر".. الآن أدرك واقعه بعد أن أدرك عقله.. وجد نفسه في واقع كان يغطيه بأحلامه، والآن قرر أن يواجهه.. واقع مختلف تماماً عن حياته في الحلم.. هو الآن المسيطر، وهو من سيحمي خلاياه من الإبادة، ومن سيمنحها فرصة التكاثر ليزداد حجمه.. بدأ بتفحص هذا الواقع الجديد.. هنالك شمس تضيء نهاراً.. وقمر ينوب عنها ليلاً.. سماء هائلة الكبر.. أراضي واسعة المساحة وطبيعة جبارة قادرة في أية لحظة أن تقضي على خلاياه.. وها هي بداية صراعه مع الطبيعة تأخذ أولى أشكالها.. لقد أدرك أنه كان غبيّاً عندما كان نائماً دون أن يحاول مقاومة الطبيعة.. ولكنه الآن وصل إلى مرحلة الأكثر رقياً من حيث الذكاء.. فقد استيقظ.. وها هو سيحاول مصارعة الطبيعة والواقع.. لكن هل كان بمقدوره أن يفعل ذلك ؟!.. بمعلوماته الضئيلة وخبرته البسيطة لم يكن هنالك أية قدرة لخلاياه لأن تسيطر على الطبيعة.. لقد كانت أقوى منه.. فتلقى منها الضربات الموجعة حتى تخيلها مؤلفة من كائنات أقوى منه يجب عليه طلب رحمتها لا مقاومتها.. لقد أوجد لكل مظهر من مظاهر الطبيعة قائد أسماه "إله".. منها الطيب ومنها الشرير، يتصارعون فيما بينهم وعليه أن يكون محور الصراع.. ولكي يأمن شرهم وينال عفو أخيارهم، كان لا بد له من إرضائهم.. بدأت خلاياه بتقديم غذائها لمظاهر الطبيعة ظناً منها أنها تتغذى عليه.. وبدأت أفكاره تنحو به في اتجاه التضحية ببعض خلاياه لتلك الكائنات طمعاً بإرضائها.. ومن ثم بدأ بعبادتها بشتى الطرق.. وبهذا بدأ بإيجاد الخاصة التي ميزت واقعه الجديد عن حلمه السابق.. هذه الخاصة الفريدة التي امتاز بها بالإضافة للإدراك أسماها "الدين".. وتعامل مع واقعه الجديد على أساسها.. إلى أن شعر من جديد بشيء يدفعه لفتح عينيه.. فتح عينيه لأوسع حالاتها.. حدقاته توسعت حتى ليكاد السواد يملأ القزحية.. لهاث سريع يخرج من فمه وأنفه وحتى من عينيه..

لقد اعتقد نفسه أنه واعياً.. ولكنه وجد نفسه وقد استيقظ من واقعه السابق إلى واقع جديد.. وهنا أدرك أنه كان يعيش في حلم استيقظ إليه من حلم يسبقه.. ولكن حلمه الأخير والذي كان يراه حلماً جميلاً بدأ الآن يشعر به وكأنه كابوس ثاني استيقظ منه إلى الواقع الجديد ..واقع كان يحيا فيه.. بل نائماً فيه.. والآن أدرك وجوده.. اعتقد أنه مستيقظ في السابق ولكنه كان يشاهد حلماً، وها هو الآن مستيقظ منه إلى الواقع.. الواقع الجديد.. وكما في المرة السابقة بدأت خلايا جسمه تستجمع وتتحسس الواقع الجديد.. ولكن ما سبب استيقاظه هذا.. بدأ يتذكر السبب الذي نبهه إلى هذا الواقع وفتح عينيه إليه.. إنها ثلاث خلايا من دماغه بدأت بالتنبيه لسبب يجهله.. لقد أرادت أن تفتح عينيه إلى الواقع الجديد.. ولكن ما هذا الواقع ؟!.. بدأ بمحاولة إدراكه.. إنه واقع شبيه بالواقع السابق والذي أسماه حلماً.. إنها قوى الطبيعة نفسها.. ولكن الذي تغيّر هو فهمه لها.. بل لمسبباتها.. ولمسبب وجوده فيها.. إنه شيء أوجدها كلها.. هذا هو المفهوم الجديد الذي جعله يشعر بيقظته وبغبائه السابق.. ولكن ما هذا الشيء ؟!.. إنه لغز غامض حافظ على كونه لغز في عقله لعدم قدرته على فهمه.. أسماه "آيل" هو إله ولكنه في هذا الواقع كان إله واحد.. وهو مسبب كل شيء.. لقد كان إدراكه لخطأ مفاهيمه في الحلم السابق حول كون ظواهر الطبيعة هي آلهة سبب شعوره باليقظة.. فكل تلك الآلهة لم تكن لتلبي طلباته ودعاءاته.. حتى فهي لم تكن موجودة سوى في خياله وأحلامه.. إنه الآن على أرض الواقع.. بعيداً عن الأحلام.. وهو يدرك أن مقاومة ومحاولة السيطرة على الطبيعة ستكون من خلال القناعة بما تجلبه له وذلك تحت رغبة الإله الأوحد "إيل" وبتنفيذ وصاياه.. لقد بدأ يقبل بسيطرة الطبيعة وقوتها التي لا تقهر.. فهو مهما حاول وتطور و أصبح يملك الخبرة.. فإن الطبيعة وبقدرة الإله الأوحد "إيل" تبقى قادرة على القضاء عليه.. أو على بعض خلاياه.. وها هو قد بدأ يتنعم بعبادة هذا الإله الأوحد ويطلب عونه على الطبيعة.. وبدأ يتقبل واقعه الجديد الذي يراه الآن ولا يريد أن يغلق عينيه عته أبداً.. واقع تتعايش فيه خلاياه بعلاقات ينظمها دستور الإله الأوحد "إيل".. إلى أن شعر من جديد بشيء يدفعه لفتح عينيه.. فتح عينيه لأوسع حالاتها.. حدقاته توسعت حتى ليكاد السواد يملأ القزحية.. لهاث سريع يخرج من فمه وأنفه وحتى من عينيه..

لقد استيقظ من جديد.. رغم اعتقاده أن عينيه مفتوحة، إلا أنه استطاع فتحها مرة ثانية وكأنها كانت مغلقة.. لقد أدرك أن شعوره بأن عينيه مفتوحة كان شعور كاذب في السابق.. فهو شعور النائم بأنه مستيقظ ويتحرك ولكن ذلك كله حلم.. حلم استيقظ إليه من حلم أسبق.. وهو الآن على أرض الواقع الجديد.. ما هو ؟!.. لم يعرف بعد ولكنه بدأ بأن أدرك أنه استيقظ.. ومن ثم بحث عن المسبب لاستيقاظه.. وتذكر.. إن مجموعة كبيرة من خلايا عقله المفكرة أطلقت تنبيهاتها إلى جميع خلايا جسمه تدعوها للاستيقاظ.. ولكن ما سبب هذه الدعوة من العقل المفكر.. بدأ ينظر من حوله ليفهم شيئاً فشيئاً سبب هذه الدعوة.. لم يعد يرى ذلك الواقع السابق الذي كان يراه في أحلامه السابقة.. إنه يرى الآن واقعاً يشبهه قليلاً.. ويختلف عنه بالكثير.. حوله الآن أزرار وآلات.. سيارات.. أبنية.. عقول ألكترونية.. طائرات.. ناطحات سحاب.. علم.. ولكن ما كل هذا ؟!.. ولماذا ؟!.. وما عملها ؟!.. وبدأ عقله بالإجابة لخلاياه كلها.. كل هذا هو ما صنعه عقلك أيها النائم.. وذلك لأجل خيرك ومصلحتك وبقائك.. وعملها هو السيطرة على الطبيعة !.. نعم، السيطرة على الطبيعة.. فلقد انتهى عهد الأحلام والوقائع السابقة.. فأنت الآن في واقع جديد استطعنا نحن الجزء من خلايا عقلك أن نسيطر فيه ولو جزئياً على قوى الطبيعة.. هي لم تكن آلهة.. وهي لم تكن بيد "إيل" وليس هو من سببها.. إنها واقع وُجدتَ فيه وعليك السيطرة عليه بكل الوسائل إلا بالعبادة وطلب المساعدة.. فلن يقوى على مساعدتك سوى أنت.. لقد كان هذا جواب الجزء المفكر من خلايا العقل إلى خلايا الجسم بعد أن أيقظتها على الواقع الجديد.. إنه الواقع الواقعي.. أو واقع البقاء للذي يعمل ليحصل على ما يريده.. وما يريده هنا هو السيطرة على الطبيعة.. وهكذا بدأت بقية خلايا جسم هذا الكائن بإيجاد علاقات جديدة تربطها فيما بينها لمواجهة هذا الواقع الجديد.. إلى أن شعر من جديد بشيء يدفعه لفتح عينيه.. فتح عينيه لأوسع حالاتها.. حدقاته توسعت حتى ليكاد السواد يملأ القزحية.. لهاث سريع يخرج من فمه وأنفه وحتى من عينيه..
نظر بعد أن فتح عينيه من جديد وهو متلهف لمعرفة ما هو ذلك الواقع الذي استفاق إليه، فقد اعتاد الآن على الاستيقاظ من الأحلام إلى الأحلام، والآن ما هو هذا الحلم الجديد ؟!.. لقد رأى يده تقترب من عينيه.. وتغرز أظافرها في جفونه.. تألم.. حاول منعها ولكنها ترفض الاستجابة لنداء عقله.. ومن خلال تلك الحدقات بدأ يرى يده وقد اصطبغت بالأحمر، وها هي قطرات الدم تسيل على زجاج عينيه.. إنه دمه.. وهي يده.. حاول الصراخ لكن يده الأخرى كانت قد سدت فمه بأن دخلت فيه لتنتزع لسانه من حلقه.. لقد أدرك العقل الآن أن يده تحاول جاهدة أن تطبق جفنيه المفتوحين.. ولو بدموية.. بكى دماً.. وهو يقاوم، ومن ثم أغلقهما وهو يتمنى أن يكون هذا مجرد حلم مزعج.. كابوس.. سوف يفتح عينيه بعده ليرى واقعاً آخر.. ولكنه لم يرَ سوى السواد الدموي..
تمت



:: توقيعي :::
إذا قابلت إيلاً يوم حشرٍ.. فقل للثور ألحدني العميدُ..
رابط لكل الروابط
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
رابط لأهم مواضيعي في المنتدى:
https://www.il7ad.org/vb/showpost.ph...5&postcount=11

للحصول على كتبي المطبوعة أو الألكترونية:
https://www.neelwafurat.com/locate.a...88%D8%B7%D9%8A
  رد مع اقتباس