عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2018, 08:57 PM حَرْبٌ غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
حَرْبٌ
موقوف
 

حَرْبٌ is on a distinguished road
افتراضي العول فى علم الفرائض

قضية العول
يحلو لبعض الملاحدة تسمية مسألة العوْل بالإشكالية التي لا حل لها وأنها الضربة القاضية و اللطمة القاتلة إلى غير ذلك من التعبيرات التي تصلح أن تكون عناوين لأفلام الأكشن، و الدندنة حول أن محمد كان يجهل أبسط قواعد الحساب وأن الفقهاء يرقعون له أخطاءه إلى غير ذلك من المزاعم و الإدعاءات.
و العَوْلُ اصطلاحا – كما في المعجم الوسيط - ( في علم الفرائض ) : زيادة الأنصباء - جمع نصيب - على الفريضة فتنقص قيمتُها بقدر الحصص .
و الحالة التي يستدعونها عادة هي إن توفى الرجل عن ابنتين فأكثر و أبوين و زوجة فبحسب آيات المواريث ترث البنتان ثلثى التركة لقوله تعالى : فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ .. بينما يذهب الثلث للأبوين لقوله : وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ .. فلا يبقى للزوجة الثمن الذى فرض لها وهو قوله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم
وكانت أول مسألة يقع فيها عَوْل في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فهو أول من حكم به حين رفعت إليه مسألة : زوج وأختين فللزوج نصف التركة و للأختين ثلثا التركة و استشار الصحابة فأشاروا عليه بالعول قياسا على الدين إن كانت التركة لا توفيه
فإذا أخذنا المسألة الأولى كمثال و استبدلنا البنتين بدائن له دين عند المتوفى يعادل ثلثى تركة المتوفى و الأبوين بدائن له دين يعادل ثلث التركة و الزوجة بدائن له ما يعادل ثمن التركة فلو كانت التركة ألف دينار فللأول حوالى 666 دينار و للثانى حوالى 333 و للثالث 125 بالضبط فيصير المجموع 1125 دينار ففي هذه الحالة تحسب نسبة كل واحد من المبلغ المستحق - وهو 1125 دينار - ثم تقتطع هذه النسبة من الألف دينار فعلى سبيل المثال نسبة الثالث هي ثمن الألف دينار مقسومة على 1125 ثم يضرب الناتج في 100 فتصير نسبته من 1125 دينار هي تقريبا 11 % فيصبح المبلغ المستحق من التركة الفعلية تقريبا 111 دينار بديلا عن 125 و 296 تقريبا بديلا عن 333 للثانى و 593 تقريبا بديلا عن 666 للأول.
وهذه مسألة لم يرد فيها نص و تركت للاجتهاد ككثير من المسائل و الذى آل للحكم بالعول قياسا على الدين كما تقدم و الذى انعقد عليه الاجماع لأنه ما يوحى به المنطق السليم.
تبقى مسألة مهمة و هي مثار الشبهة ألا وهى: هل جَعْل أنصبة الورثة بحيث يمكن في بعض الحالات أن يكون مجموع الكسور التي تمثلها أكثر من الواحد الصحيح ينم عن جهل بقواعد الحساب؟
و الجواب على ذلك بالقطع لا، و بيان ذلك أن الأنصبة لما وضعها بهذا الشكل لم يعمد أصلا لجعلها بالضرورة في مجموعها تساوى واحدا صحيحا بل سمح لها عن قصد أن تزيد أو أن تقل في بعض الحالات و دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. رواه البخارى ومسلم
فهو ههنا بصريح العبارة متحسب لأن تكون الأنصبة في مجموعها لا تساوى واحدا صحيحا و قال إن بقي شيء فهو لأولى الذكور البالغين و مثال ذلك لو توفى الرجل عن ابنة و أبوين و زوجة فللإبنة النصف و للأم السدس و للزوجة الثمن و الباقى كله للأب – وهو زيادة عن السدس- لأنه أولى ذكر بالغ بالميت. فيتضح بذلك أن الامر ليس جهلا بقواعد الحساب ولا "يحزنون" بل الأنصبة هي حقوق للورثة في تركة المتوفى بتقدير أن التركة تفى بها وإلا نقص نصيب كل واحد بقدر العجز في التركة كما ينقص نصيب الدائنين.



  رد مع اقتباس