الردة الأمورية تأتي من الغرب.. وقيامة "بعل" من الموت..
إن من يقرأ أسطورة "هبوط بعل للعالم الأسفل" ومن ثم عودته للحياة بعد سبع سنوات (الرقم 7 مجدداً) قد لا يخطر على باله أنها تمثّل فترة غياب العبادات البعليّة (بسبب السيطرة النيبوريّة التي منعت بناء معابده) ومن ثم عودتها بفضل "عناة" وكاهنات الأم الكبرى اللواتي توسّطن لإعادة بناء معابد "بعل".. ولكن قراءة جديدة لهذه الأسطورة ستكشف رمزيّة معانيها الخبيئة..
ننصح بإعادة قراءة مقاطع وكسرات هذه الأسطورة في ضوء هذه الرؤية (مع ضرورة الفصل بين "لطبان" (لطب + آن) و "إيل": فيبدو لنا أنهما ليسا واحداً كما افترض فراس السواح..).. لمراجعة الأسطورة المذكورة: السواح، فراس، مغامرة العقل الأولى "دراسة في الأسطورة – سوريا وبلاد الرافدين"، دار الكلمة للنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1981، من الصفحة 275 وحتى الصفحة 279.
وسندرج هنا مقطعان فقط من الصفحات المذكورة..:
"مات بعل العلي
هلك الأمير سيد الأرض
فقام "لطبان" إله الرحمة
وتهاوى على مسند القدمين
ومنه خر واقعاً على الأرض
وأخذ يحثو التراب على رأسه
ويمرغ نفسه في الأديم
...
في حلم "لطبان" إله الرحمة،
في رؤيا خالق الكائنات الحية:
كانت السماوات تقطر زيتاً،
والوديان تجري بالعسل.
فابتهج لطبان إله الرحمة،
واستقام على كرسيه واضعاً قدميه على المسند،
ضاحكاً من أعماق قلبه
ورفع صوته صائحاً:
دعوني الآن استقر واستريح،
وتهدأ نفسي بين ضلوعي،
لأن عليان بعل حي
لأن سيد الأرض حي"
نحن هنا لن نقدّم قراءة جديدة لهذه الأسطورة.. ولكننا نقترح قراءتها من هذه الزاوية.. فغياب العبادات البعليّة ومعابده خلال فترة النفوذ النيبوري على الساحل السوري (الأموري) قد يجد، في هكذا قراءة جديدة لأسطورة موت بعل وقيامته, معناً مفهوماً ومنطقيّاً لما كتبه كهنة "بعل" في أسطورته..
المهم، عادت معابد "بعل" وهياكله لتبنى بفضل "عناة" وكهنة الأم الكبرى ("إيلات/عشيرة")، وبدأ التحالف السريّ بين كهنة "بعل" وكاهنات الأم الكبرى بالظهور علناً على الساحة العسكريّة الميدانيّة.. فبعد زيادة نفوذهما الديني بات لانعكاسها العسكري ملامح واضحة.. فبدأ الهجوم الأموري على الجانب الشرقي للهلال الخصيب.. غزوات وحملات عسكريّة أضعفت سلطة الدولة الأكاديّة المركزيّة.. إلى أن سقطت الدولة الأكاديّة على يد الأموريين.. وجاء "أمورابي/حمورابي" الأموري إلى رأس السلطة السياسيّة.. ليسيطر على كامل الهلال الخصيب..
للمزيد راجع كل ما يتعلّق بسقوط الدولة الأكاديّة وبروز الأموريين..
نتابع مع الفصل التالي: "أمورابي (حمورابي) يلغي دور "نيبور" ويقوّض سلطة كهنة "أنليل".. حوالي 1700 ق. م."