فكرة الاضطهاد.
حين بدأت اقابل الناس هنا في "غربتي" بدأت اشعربالاضطهاد ليس من خلالهم انما بسبب تربيتي في البيئة العربية والمتدينة, كنت أعتقد ان عقلي وتفكيري أكبر من العالم, وعلى العالم ان يتقوقع من خلال فكرة صغيرة ويدخل عقلي اللامحدود, كم كنت تافها, ذات مرة قال لي شخص عربي انظر الى هؤلاء الناس كم هم كسولين وخاملين, تصور انهم يدفعون لي كي اقص لهم العشب امام وخلف منزلهم, صديقنا لا يفهم فكرة ان هؤلاء يقدرون ثمن يوم العطلة ولا قيمة لمبلغ بسيط لهم انما يعني لك الكثير, رغم ان هذا الشخص ينادي ويتحدث بالروحانيات أكثر من هؤلاء الناس,ولا يرى لاي شيء قيمة سوى بالماديات, ويأتي ويطالبنا بأثبات صحة وجود الاله ورسله.
حين بدأت أتعلم اللغة بدأت اشعر بأني أنتمي لهؤلاء الناس ولا قيمة لاي شيء تعلمته او بما افكر او اؤمن به سوى من خلال الدراسة والعمل وهكذا تتعامل معك الناس وبذلك تشعر انك انسان, فمن اهمية التخلي عن الدين بالنسبة لي كانت المدخل الاول للشعور بالراحة والاطمئنان فالعالم موحش ومخيف دون معرفة كيفية التعامل مع الاخرين, تعلمت كيف استقرأ الامور والاحداث من حولي, وكيف افكر قبل ان اتكلم وأجيب.
في بيئتي السابقة كنت انتمي للاغلبية المتدينة والتي هي اساس المجتمع واتحدث معهم نفس اللغة الا ان هناك فرق شاسع بيننا فلا تستغيسهم فكرة جديدة او رأي اخر ان لم تكن تدور في فلك الدين, ولا قيمة للعلم وما تحصلته في الحياة امام شيخ او كما يسمونهم في بعض الاحيان اولياء وعلماء وان المكانة التي تحصل عليها في المجتمع هناك هي من فضل ربي او بالاحتيال.
من الغرابة ان في بلادنا من يرى الكون كبير وهائل لكنه يحويه في عقله المحدود وفكره القاصر, في بلادنا تتعامل الناس مع بعضها كالهة لا كبشر فلو تواضعوا بعض الشيء لفهمنا على بعضنا, لكن ان يحدوثنا بلغة لا نفهمها رغم محاولاتنا فلا ذنب لنا وبالتالي بدل من ان يتعلموا اساليب جديدة في الحوار يطلبوا من كبير الالهة ان يغفر عنا.
اتمنى يوما ما ان يكون هناك قيمة للانسان, فالجهد الذي بذلته هنا غربتي كان موفر لي هناك بأقل جهد وثمن وربما لابدعت اكثر, لكن ان تكون الحواجز على هيئات بشر فلا محال سوى الخروج من ذلك الواقع المؤلم حيث تشعر انك مطارد دائما وهناك من يلاحقك, انما في مكان اخر من هذا العالم هناك من يشجعك ويتبعك وان في هذه لسعادة اعظم من جنة الاله.
|