عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2018, 10:42 PM لؤي عشري غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [12]
لؤي عشري
باحث ومشرف عام
الصورة الرمزية لؤي عشري
 

لؤي عشري is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى لؤي عشري
افتراضي

تذكر كتب القراءات والتاريخ (راجع باب اختلاف القراءات في القبر المحفور للإسلام) أن الحجاج كرجل دولة شمولية سار على نهج عثمان، فتتبع حافظي قراءة عبد الله بن مسعود بالحصار والتهديد والمطادرة. أقتبي من كتابي:

"الحجاج كوالٍ وممثل للدولة الأموية ومطاردته للقراآت المخالفة ورواتها وتهديدهم

جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر والبداية والنهاية لابن كثير والكامل في التاريخ لابن الأثير، نقلي من البداية والنهاية عن تهديد وتهجم الحجاج على أصحاب قراءة عبد الله بن مسعود وذكرى ابن مسعود نفسه حيث سماه عبد هذيل:

قال أبو داود : ثنا محمد بن العلاء ، ثنا أبو بكر ، عن عاصم قال : سمعت الحجاج ، وهو على المنبر يقول : اتقوا الله ما استطعتم ليس فيها مثنوية واسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك ، والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم ، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا ، وما عذيري من عبد هذيل يزعم أن قرآنه من عند الله ، والله ما هي إلا رجز من رجز الأعراب ما أنزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعذيري من هذه الحمراء ، يزعم أحدهم يرمي بالحجر فيقول : إلى أن يقع الحجر حدث أمر . فوالله لأدعنهم كالأمس الدابر . قال : فذكرته للأعمش ، فقال : وأنا والله سمعته منه

وروراه أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن محمد بن يزيد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود والأعمش ، أنهما سمعا الحجاج قبحه الله يقول ذلك ، وفيه : والله لو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب ، فخرجتم من هذا الباب ، لحلت لي دماؤكم ، ولا أجد أحدا يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه ، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير .

وروراه غير واحد عن أبي بكر بن عياش بنحوه وفي بعض الروايات : والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه . وهذا من جراءة الحجاج..."

لكن ما غيره الحجاج قليل، واختلافهم على النصوص أكثر بكثر من الألفاظ التي غيرها الحجاج، وبمراجعة كتب الأحاديث والقراءات (خذ لمحة مختصرة من الباب المذكور أو من كتاب معجم القراءات لعبد اللطيف الخطيب البغدادي) أستغرب جدا من زعمهم وحدة وعصمة النص، يمسك المسلم الساذج بنسخته حفص عن عاصم مثلا، وينسى أن هناك 11 رواية معتمدة شرعية عثمانية غيرها متوفرة، وغيرها روايات كتب القراءات، فموضوع وحدة النص وسلامته وعدم الاختلاف فيه زعم مضحك، لأن الاختلافات على النص تصل للآلاف، أعتقد نص الكتاب المكدس لم يصل لهذا الكم من الاختلافات، خصوصا النص اليوناني (الجريكي) للعهد الجديد، لو الاختلافات هناك عند الكتابيين مئات بسبب التغيير والتنقيح وتطور النص عبر مراحل، فهي في القرآن آلاف! الخلاصة نص القرآن بدوره تطور عبر مراحل، وأحيانا القراءات المعدمة التي وصلنا كلام عنها أكثر منطقية (هناك أمثلة كثيرة في الباب المذكور لي)، مثلا:

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)}

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ (فَسَأَلَ مُوسَى فِرْعَوْنَ أَنْ أَرْسِلَ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: (فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)
وهي في الطبري والدر المنثور والبحر المحيط والقراآت الشاذة.

{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)}، هنا أنا باب الأمور غير المنطقية انتقدت النص وقلت كيف كان سيسأل من ماتوا من آلاف السنوات، ويقول ابن كثير في تفسيره:

...قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رُسُلَنَا. وَهَكَذَا حَكَاهُ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ عَنِ ابن مسعود رضي الله عنه، وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَا تِلَاوَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ويقول الطبري:

...حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في بعض الحروف"واسْأَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا" سل أهل الكتاب: أما كانت الرسل تأتيهم بالتوحيد؟ أما كانت تأتي بالإخلاص؟.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا) في قراءة ابن مسعود"سَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ" يعني: مؤمني أهل الكتاب.

يلوح لي أن لفظًا وقع فعلًا من جامعي نسخة عثمان، وأنهم لو أخذوا بآراء آخرين ممن استبعدوهم من العمل لكان أفضل للنص النهائي للقرآن لإزالة السقطات، وهذا مثال لاستعمال القراآت المخالفة لحرف عثمان لفهم ما سقط وغمض من حرفه ونسخته.

جاء عن ابن مريم هكذا: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}، يقول ابن كثير: وقوله سبحانه وتعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ مَا بُعِثَ بِهِ عيسى عليه الصلاة والسلام، مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْقَامِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَا حَكَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وسعيد بن جبير، أن الضَّمِيرُ فِي وَإِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، بَلِ الصحيح أنه عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام فَإِنَّ السِّيَاقَ فِي ذِكْرِهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ نُزُولُهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء: 159] أَيْ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثم يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى (وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ) أَيْ أَمَارَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ السَّاعَةِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أَيْ آيَةٌ للساعة خروج عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ يَوْمِ القيامة

من الأدلة التي أوردتها في الباب المذكور عن اختلاف مصحف لجنة عثمان عن منتوج عمر بن الخطاب قبله:

ذكر ابن أبي داوود في كتاب المصاحف:

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: " دَفَنَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ السَّعْدِيُّ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، رَوَى عَنْهُ الْمِنْجَابُ كِتَابَ الْمُبْتَدَأِ عَنْ زِيَادٍ وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ

هناك أخبار أنه أحرقها فقط، لكن لو كانت هناك نسخ دفنها عثمان، فربما كان هناك بعض الأمل في العثور على قصاصات سليمة منها إن كانت لا تزال موجودة لم يخرجها أحد ويهلكها أو لم يبلها الماء والحشرات.

ومن الأدلة على اختلافه ما رواه أبو عبيد في فضائل القرآن والسجستاني في كتاب المصاحف، واللفظ للأول: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّالِّينَ)

وروى أحمد بن حنبل في مسنده:

21111 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَى رَأْسِهِ مَرَّةً، وَإِلَى رِجْلَيْهِ أُخْرَى، هَلْ يَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْبُؤْسِ شَيْئًا؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: كَمْ مَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ: "لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبً لَابْتَغَى الثَّالِثَ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ " فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا أُبَيٌّ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا إِلَيْهِ. قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أُبَيٍّ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ أُبَيٌّ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: أَفَأُثْبِتُهَا، قَالَ: نَعَمْ فَأَثْبَتَهَا.

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن الأصمِّ -واسم الأصم: عمرو بن عبيد البَكَّائي- فمن رجال مسلم. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1209) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه محمد بن حفص الدُّوري في زياداته على كتاب أبيه "قراءات النبي" (59) عن عبد الله بن محمد، عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، به. وأخرجه أبو عوانة في الزكاة كما في "إتحاف المهرة" 1/229-230 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، عن أبي إسحاق الشيباني، به.

معنى هذا أن عثمان لم يأخذ بشي من جمع عمر للقرآن، وبدأ العمل من جديد لسببٍ ما ارتآه، ولا توجد هذه النصوص في مصحف القرآن المعروف اليوم. في حين يقول الراوي هنا أن عمر أثبتها وأضافها لنسخة مصحفه وجمعه وتنقيحه للقرآن.



:: توقيعي ::: سئمت من العرب وتخلفهم الفكري والاجتماعي والعلمي.
كتبي: http://atheismlibrary.blogspot.com.eg/
  رد مع اقتباس