تحياتي
في الحقيقة كلامك يحتوي على مغالطة .. أنت تعارض حرية الإرادة دون أن
تعرف أولا ما هي حرية الإرادة .. ما هي العلامات التي لو شاهدتها على كائن ستتيقن أنه حر ويتصرف من تلقاء نفسه ؟ إذا لم نستطع تحديد علامات التسيير والتخيير فمستحيل تماما أن نصنف أنفسنا في إحدى الخانتين ...
ما تقوم به الآلة الحاسبة مجرد ترميزات بشرية متفق عليها ولا علاقة لها بالحقيقة ( بالمعنى الفلسفي والديني ) ... العملية البسيطة 1+1=2 خاطئة مثلا في ميدان الهندسة الاستوائية الحديث (tropical geometry) ، جمع عددين يساوي أصغر عدد فيهما .. مثلا 1+2 يساوي1 لأن 2 أكبر من واحد و 1+1 يساوي 1 لأن 1 هو أصغر أو يساوي نفسه وهكذا ..
https://en.wikipedia.org/wiki/tropical_geometry
العمليات الرياضية إذن مجرد اتفاق بين البشر وليس حقيقة منفصلة عن أدمغتهم.
أخيرا عندما تقول أنك منكر لوجود الله لمجرد تفاعلات في دماغك فهذا لا يعدو كونه مجرد تبرير ، يمكنني أيضا أن أقتل وأسرق ثم أتعلل بكوني دماغي غير قادر على مسايرة القوانين الوضعية وواضح ما في هذا الكلام من حمق ..
بالضبط وهذه هي النقطة التي أحاول الوصول إليها. هناك نوع من
إلزام لجميع الناس باحترام المبادئ المنطقية وإلا دخلنا في متاهات لا فائدة منها. لكن كلمة منطق كلمة فضفاضة ، فرغم أننا نتفق مع الملحدين على الثقة به لكننا نختلف على مبادئه وهذه هي الكارثة بعينها !! ما دام الجميع يسلم بوجود مبادئ منطقية كونية - حبذا لو يذكر لنا ملحد ما هي المبادئ المنطقية التي يوقن بها - فإثبات وجود خالق بهذه المبادئ يعد دليلا لا يمكن رده إلا برد المنطق ..
أنا مقتنع أن المخرج الوحيد من هذه المعضلة هو وجود خالق مطلق خارجي عن الإنسان .. فقط بوضع هذه الفرضية - الضرورية - يوضع كل شيء مكانه ويمكن الثقة بالعقل لأن هناك واهب للعقل مطلق القدرة والعلم إلخ ..
المخرج الوحيد من هذه المعضلة هو التسليم بوجود واهب للعقل حتى نبرر ثقتنا بعقولنا ، وإلا جميع مبادئ المنطق تحتاج لتبرير بنفسها ..
طبعا سيفهم الناس من كلمة تسليم الإيمان الأعمى إلخ .. لكن هذا ليس قصدي ، فهناك مبادئ نسلم بها في حياتنا اليومية حتى تسير أنشطتنا بشكل طبيعي ، كاقتناعنا مثلا أن يستحيل أن يشتعل الكمبيوتر من تلقاء نفسه ، فلو تم التشكيك في السببية في عالمنا هذا لأضعنا الوقت في جدالات بيزنطية فارغة عوض التسليم بها لكونها فرضية عملية وواقعية جدا ..
التشكيك في وجود واهب للعقل يعني أن التفكير الإنساني ليس له أساس أو تبرير ، وهذا يدخل في متاهة لا فائدة منها .. وتضييع الوقت في ذلك
غير عملي ، الفرضية الأكثر عملية والأكثر بساطة هي وجود مصدر مطلق أعطى العقل نعمة التفكير أو قدرة التفكير أو سمها ما شئت ..