عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2018, 05:38 PM آدم صالح غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
آدم صالح
عضو جميل
 

آدم صالح is on a distinguished road
افتراضي القياس والإستقراء

قبل مدة قصيرة كتبت موضوعا ً يتعلق بإثبات مبدأ السببية عقلاً فتفاجأت بردود مختلفة منها ردود محترمة ومستوعبة للطرح الذي طرحته ومنها ردود بذيئة ووضعت أصحابها في قائمة التجاهل وردود اتجهت للعلوم التجريبية محاولة إبطال أو التقليل من أهمية موضوعي الأصلي مدعياً أصحابها أن العقل لا ينفع عند دراسة العالم الطبيعي أو ليس كافياً عند دراسة العالم الطبيعي.

https://www.il7ad.org/vb/showthread.php?t=14065

فأحببت كتابة موضوع قصير نسبيا عن الموضوع، رغم أن المسألة كبيرة وتحتاج تفصيل نظرا ً لأن بعض الأخوة سيعترض اعتراضات غريبة مجانبة للموضوع لكن لا بأس.

أرسطو كان قد قسم الإستقراء إلى عدة أنواع من بينها وربما أهمها اليوم هو الإستقراء الناقص وهو إنتقال من جزئي إلى كلي
التجربة العلمية بالنسبة للمناطقة التقليديين تتضمن هذا النوع من الإستقراء وهذا النوع من الإستقراء مبني على واحد من اثنين إما قياس استثنائي أو اقتراني
القياس الإستثنائي يحتوي على النتيجة أو نقيض النتيجة والقياس الإقتراني يكون مركبا من حملي أو شرطي.

لكن المشكلة الكبيرة والمعضلة أنه يوجد تجارب تؤدي للوصول إلى نتيجة خاطئة أو مضللة. السبب في ذلك لا يتعلق في القياس الإستثنائي أو الإقتراني العقلي الذي يستعمله العلماء والفلاسفة قديماً حتى هذا اليوم سواء في العلوم أو في إثبات أو نفي موجودات ميتافيزيقية. لا. السبب يكمن في الإستقراء نفسه، لأنه استقراء ناقص وهذا يعني أنه يمكن أن يستخدم الباحث مقدمة خاطئة في القياس وهذه المقدمة وصل إليها من خلال التجربة لكنها خاطئة! لماذا هي خاطئة؟ لأن الباحث لم يكن يعلم بوجود مادة معينة زائدة عن المادة التي استخدمها في المقدمة السابقة. أعني بالمادة عامل طبيعي أو سبب طبيعي أو ظاهرة مرتبطة بالظاهرة المدروسة.
هذا ليس مشكلة في الطبيعة لكنه مشكلة في دارس الطبيعة أو الباحث. فالباحث درس ظاهرة معينة وغفل عن ظاهرة أخرى لها علاقة بالنتيجة!

مثال: باحث يدرس درجة غليان الماء فيجد أنها 100 درجة مئوية ويكرر التجربة كثيراً ويصل لنفس النتيجة.. بحركة عقلية سريعة يستنتج الباحث أنه كلما وجد الماء في 100 درجة مئوية سيغلي هذا الماء فيصبح القياس هكذا:
كلما وجد ماء في درجة 100 سيغلي هذا الماء، يوجد ماء في أعلى الجبل في هذه الدرجة، إذاً ذلك الماء يغلي.

الباحث سيصدم عندما يكتشف أنه إذا صعد 4000 متراً لأعلى سيجد أن الماء يغلي عند درجة حرارة تقارب الـ90 درجة مئوية!
ما المشكلة هنا؟ المشكلة أن الإستقراء كان ناقصا وغاب عن الباحث أنه قد يوجد عوامل أخرى مؤثرة على النتيجة التي توصل إليها.

إذاً مشكلة المعرفة لا تتعلق بالقياس أو الإستنباط العقلي كما يحب البعض تسميته، لكن تتعلق بالإستقراء وتتعلق بقصور في الباحث نفسه وعدم قدرته على الإحاطة بكل العوامل والأسباب التي يمكن أن تغير النتيجة.



  رد مع اقتباس