- هل عنصرية هتلر وإبادته لـ6 مليون يهودي كانت من إيمانه بنظرية التطور أم أوامر إلهه بعمله للعملية " المقدسة " ؟
*
بدل من مهاجمة نظرية التطور البعض يحاول حشرها في أشياء لم تدعو لها النظرية العلمية . اﻹدعاءات تلك التي تقول بأن نظرية التطور تقود حتما لعلم تحسين النسل واﻷعمال الوحشية مثل تلك التي ارتكبها " هتلر " خاطئة تماما وبشكل كبير* وليس لها اي عﻼقة بحقيقة التطور . دعونا نبدأ بداروين نفسه الذي تم القول مرات عدة بأنه عنصري , فداروين رفض بعض اﻷفكار المتداولة في وقته حول اﻹختﻼفات المحسوسة بين اﻷجناس . على سبيل المثال , في إحدى كتب داروين حول " اﻷجناس " ذكر أنه تم العثور على أدوات مصنعة قديما جلبت من أماكن بعيدة ومختلفة من أنحاء العالم , هذه اﻷدوات كانت مصنعة بطريقة إبداعية بالنسبة لتلك اﻷوقات لدى اﻹنسان*القديم ذكر داورين ان هذه الحقيقة يمكن ان تفسر فقط بأن مختلف الاجناس يملكون نفس القوة العقلية والمقدرة على الصناعة والابداع )1( لا يوجد شك بأن بعض اللذين دعموا علم تحسين النسل قد استخدموا نظرية التطور كتبرير لهذا الشيء. اﻷحياء تخبرنا عن الماهية , ليس عن ما يجب أن يكون . اﻷحياء علم وصفي , وليس علم توجيهي وفرضي أو معياري . علم اﻷحياء يخبرنا عن ماسوف تكون النتيجة المحتلمة للسلوكيات المختلفة , وليس علم يخبرنا إن كانت*النتائج مرغوبة او اخلاقية .
عند التفكير بما حدث في السابق ، فانه من الواضح أن الكثير من السياسات التي استخدمت علم تحسين النسل كآداة لقمع الغير في بداية القرن الـ20 كانت معتمدة كثيرا على " التحيز العرقي واﻹجتماعي " بدون اي فهم* لعلم الجينات والتطور .* البعض استخدم نظرية التطور كمبرر , ولكن هذا ﻻ يجعلها السبب بتاتا .* ماهو أكثر من ذلك , أن العديد من المروجين اﻷكثر حماسة لحركة علم تحسين النسل في الوﻻيات المتحدة التي أدت ﻻرتباطها بالسياسة ونشوء " compulsory sterilisation : التطهير اﻹجباري " , كانوا من أسس ذلك هم* " المسيحيين اﻹنجيليين ". اما بالنسبة لﻺبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود من قبل اﻷلمان النازيين , فإن اﻷمر كان يرتكز على أمور دينية ولم يرتكز حتى على علم تحسين النسل , إنه من الغريب أن يقوم بعض الناس بلوم داروين على ذلك بينما المسيحيون كانوا معاديين لليهود على مر القرون . في العام 1543 مـ على سبيل المثال , كتب " Martin Luther " كتاب يسمى " On the Jews and Their Lies calling : عن اليهود وأكاذيبهم المدعاة " , باﻹضافة إلى أشياء أخرى يضمها الكتاب حول اليهود الذين سيطردون ويجبرون على العمل اليدوي ومعابدهم ومدارسهم المحترقة . الكتاب تم عرضه في اﻹجتماعات النازية , وهكذا وصف هتلر حوافزه لعمل اﻹبادات في كتابه "* Mein Kampf " الذي لم*يرد اسم داروين او اي علاقة بنظرية التطور في الكتاب ، فيقول هتلر في كتابه :" اليوم اؤمن اني اتصرف وفق موافقة الهي لي بالدفاع عن نفسي ضد اليهود ، اني أقاتل وأكافح لأجل امر الاله )2)
في كتاب للخلقي " Henry Morris " باسم " Evolution and Modern racism*( 3 )*يذكر وبشكل قاطع بأن هتلر كان " تطوري " , وفي كتاب آخر له بعنوان " Troubled Waters of Evolution "*( 4 )يذكر بأن فلسفات كارل ماركس ونيتشه التطورية أثرت على هتلر وستالين وجعلتهم مؤمنين بالتطور .جميع هذه اﻻتهامات التي وجهها هينري موريس غير دقيقة ومدلسة . الخلقيين لم يعوا بأن روسيا " الستالينية " رفضت الداروينية واعتنقوا ما يسمى بـ" proletarian biology : علم اﻷحياء البروليتاري "*( 5 )*, وهذا ليس له اي عﻼقة بالتطور بتاتا . بالنسبة لهتلر فكما ذكرنا سابقا في كتابه " مين كامبف " بأن سبب تحريضه لعمل اﻹبادة كانت من قبل الخلقيين . هدف هتلر كان " تطهير الجنس اﻵري " وذلك بإبادة ما يمسيهم " الغير بشريين : subhumans " وتتضمن ( اليهود + اﻵسيويين + الغجر + اﻹفريقيين السود + كل شخص لم يكن لونه أبيض من الجنس اﻵري ) . ادعى الخلقيين بان أفكار هتلر كانت تعتمد على نظرية التطور , ولكن عند قراءة كتابات هتلر الخاصة تجد ان القصة مختلفة ولس لها عﻼقة بالتطور . معهد بحوث الخلق " institute of creation researches " يدعي بأن هتلر استخدم مصطلح تطور باﻷلمانية " Entwicklung " مرات عدة في كتابه , وكعادة اﻷكاذيب المدعاة من قبل هذا المعهد فإن ما ذكروه غير صحيح بتاتا , فبعملية ترجمة سريعة من خﻼل مواقع الترجمة اﻹنجليزية على اﻹنترنت لكتاب " مين كامبف " نجد بأن هتلر استخدم كلمة " تطور "*مرة واحدة فقط في سياق ليس له اي عﻼقة بالتطور اﻷحيائي بتاتا*, لكنه استخدم الكلمة في سياق يتحدث فيه عن " تطوير " اﻷفكار السياسية في ألمانيا , حيث وقعت الكلمة في هذا السياق من الكتاب "* "*This evolution has not yet taken the shape of a conscious intention and movement to restore the political power and independence of our nation : هذا التطور لم يأخذ بعد شكل الغرض المقصود والحركة ﻹعادة السلطة السياسية واﻹستقﻼل ﻷمتنا "
فهل حقا مسؤلي "معهد البحوث الخلقية" قرؤوا كتاب "مين كامبف" ولو بشكل سريع؟ إذا قرؤوه بشكل سريع حتى سيرون أن من وقف خلف تحريض وإلهام هتلر على العنصرية مختلف جدا عما ادعوه ان نظرية التطور هي من وقفت وراء ذلك . كتب هتلر عن*الآريين البيض بانهم مخلوقات الاله المميزة ، ويضيف ايضا في كتاباته قائلا :" الثقافة والحضارة الانسانية على هذه القارة مربوطة بالسمو الآري ، فاذا انحط الجنس الآري فإن الازمنة المظلمة سوف تحجب الثقافة الانسانية على الارض "
يذكر هتلر ايضات با معونة من يسميهم الـ " غير بشريين " على حساب الجنس اﻵري مخالفة ﻷمر اﻹله . فبدﻻ من أن يؤسس هتلر عنصريته على نظرية التطور قام بتاسيسها على نظرته بأن الجنس اﻵري*هم مخلوقات اﻹله المفضلة والمميزة, وبكل جدية يذكر هتلر بأن مخططه ﻹزالة اليهود*ومنهم من "غير البشريين" هي مهمة قدسية امره الاله بها قائلا :" يجب ان نكافح لاجل ان نحمي وجودنا وتكاثر جنسنا وشعبنا ، ومستقبل اطفالنا ونقاوة دمنا واستقلال ارض اجدادنا حتى ينضج صغارنا واناسنا وينفذوا المهمة اللتي وكلها الاله لنا " كتاب "مين كامبف" يوضح وبكل جلاء ان هتلر لم يؤمن بالتطور ولا يوجد اي علاقة له بها ، انما هو خلقي يقوم بأمر الاله لابادة الغير لان الجنس الآري هو جنس الاله المفضل .
حتى عند مناقشة النقاء العرقي " و " العرق المختلط* , هتلر لم يقم بذكر اي كلمة متعلقة بنظرية التطور او علم تحسين النسل , إنما دائما يذكر المهمة القدسية التي وكلها اﻹله له .. فقد قال هتلر : " تعرض التجربة التاريخية براهين غير معدودة على أن اختﻼط العرق اﻵري بالعروق المنحطة اﻷخرى تكون النتيجة ظهور أناس مثقفين . شمال أميركا التي يتضمن سكانها إلى حد بعيد الجزء اﻷكبر للعروق اﻷلمانية الذين اختلطوا مع الناس الملونين المنحطين عرقيا , تعرض التجربة التاريخية ثقافة بشرية مختلفة في وسط وجنوب أميركا حيث اختلط الﻼتينيون أغلب اﻷحيان مع السكان اﻷصليين في تلك المناطق على نطاق واسع . فبهذا المثل , يمكن ان نعرف وبشكل واضح تأثير اﻹختﻼط العرقي بوضوح . الساكن اﻷلماني في القارة اﻷميركية الذي لم يختلط عرقيا عﻼ ليكون سيد القارة , فهو سيبقى السيد طالما لم يسقط ضحية في اختﻼط العرق . إن نتيجة اﻹختﻼط العرقي باختصار هي إثم ضد إرادة الخالق اﻷبدي " . في كتاب " مين كامبف " كتب هتلر نداء عاطفي لﻺله لمساعدته هو والنازيون في مهمتهم القدسية قائﻼ : " جميع مافي هذه البﻼد يجب أن يستخدم لخدمة هذه المهمة العظيمة حتى يبكي الجبناء . أنجينا يا إلهي وبارك في أسلحتنا عندما تحين ساعة القتال " . ﻻحقا عندما اجتاح النازيون أوروبا وزع الجيش على الجنود أحزمة يلبسوها مكتوب عليها " God is with us : اﻹله معنا " .