بعد التحية
ما هي الحقيقة المطلقة، تحرَّ من فضلك تعريفي لها!
فإن غرقت مصر تحت الماء، فهل سيغير هذا من حقيقة أن مصر، وفيها الأهرامات، كان لها وجود صادق قبل غرقها؟ حقيقة مصر لن يستطيع التاريخ أن ينكرها، فإن أنكرها، كان كاذباً.
الصحراء الكبرى ليست حقيقة مطلقة، ولكن المنطقة الجغرافية التي توجد فيها الصحراء الكبرى هي الحقيقة المطلقة. وإن معرفتنا التي تدعمها الاكتشافات الجيولوجية العلمية الصادقة، بأن هذه الصحراء كانت يوماً بحراً هي الحقيقة المطلقة.
كان الإنسان يعتقد أن الشمس تدور حول الأرض، ولكن هذا الاعتقاد لم يكن حقيقة مطلقة تدعمها النظريات الفلكية الصائبة والتحليقات الفضائية. فلما ثبت أن الأرض هي التي تدور، أمست نظرية دوران الأرض حول الشمس حقيقة مطلقة. لا يوجد اليوم عاقل، يشك في حقيقة أن الأرض هي التي تدور حول الشمس.
ولكن هل سيأتي يوم تدور فيه الشمس حول الأرض؟ فلنفترض ذلك في الخيال، فلنفترض أن هذا اليوم قادم، ولكن هل سيغير هذا الافتراض من حقيقة أن الأرض قبل هذا اليوم - اليوم الذي صارت فيه الشمس تدور حول الأرض - كانت هي التي تدور حقاً حول الشمس؟
أوَقلت حقاً إن الشمس هي المصدر الوحيد للحياة على الأرض!؟ كلا! وإليك قولي كما جاء في المشاركة السابقة دون تغيير: والشمس مصدر
من مصادر الحياة على كوكب الأرض
وقانون طفو الأجسام، حقيقة مطلقة. ولا يكذب هذه الحقيقة أن بعض الأجسام لا يطفو على سطح الماء. إن قولنا بعض الأجسام لا يطفو على سطح الماء، هو حقيقة ثانية مستقلة عن حقيقة الأجسام التي تطفو. وهذه الحقيقة، إذ هي حقيقة مستقلة منفصلة عن سابقتها، صادقة مطلقة بدورها.
بيروت ستتغير؟ حسناً فلتتغير، فليتغير مكانها، فلتقع على شاطيء الباسيفيك. ولكن بيروت لن تقع على شاطئ الباسيفيك إلا في زمن محدد قادم بعد يوم غد أو بعد قرون وقرون. فهل ستستطيع بهذا أن تكذب حقيقة أن بيروت كانت قبل تاريخ وقوعها على الباسيفيك، واقعة على شاطئ المتوسط؟
اقتباس:
|
لكن كلامك يبدوا سليم في مستوي قياسنا للزمان والمكان ولا يصلح للتعميم خارج ذلك.
|
هذا القول يعبر عن رأيك في أن الكون لا تشمله قوانين فيزيائية واحدة موحدة. غير أن أكثر العلماء يؤكد أن القوانين الفيزيائية تنطبق على الكون برمته دون استثناءات. فما ينطبق منها على مجرة درب التبانة مثلاً، ينطبق - لا محالة - على مجرات أبعد منها بسنوات ضوئية يكاد يعجز العد عن إحصائها، ولم تكتشف بعد.
أليس الكون في رأيك واحداً؟