اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحائر
أشكرك زميلي على الرد الغني بالمعلومات و التوضيحات . و بالنسبة لابن سينا فهو كما ذكرت , لكن جاء الغزالي و كفر الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة , و كانت إحدى حججه في ذلك أن الفلاسفة يقولون بقدم العالم . و لو فكرنا بالموضوع من وجهة نظر فلسفية فإن عالماً فاض عن الذات الإلهية منذ الأزل فكرة منطقية جداً .. لأنني كثيراً ما حاولت أن أتخيل العدم فلم أستطع إلى ذلك سبيلاً ..
و لكن كما تعلم فإن الغزالي قد اتخذ طريق التصوف فيما بعد , و غدا من القائلين بل المنظرين للكشف الصوفي كطريق وحيد للمعرفة اليقينية .
من جهة أخرى أنا فعلا أميل للنزعة الجبرية فيما يتعلق بإرادة الإنسان .. فكر معي قليلاً بكل تفاصيل حياتك و ستجد أنك محكوم بأمور لا يد لك فيها .. لم تختر أبويك , جيناتك , دينك , عرقك , بيئتك و مجتمعك.. أغلب ما ساهم في تكوينك بشكلك الحالي لا خيار لك فيه ..
يبقى أخيراً أنني أوافقك تماماً في أن هذا الفكر لو ساد و انتشر بين المسلمين بدل فكر الثلاثي [ السلفي , الإخواني , ولاية الفقيه الشيعية ] لكنا بألف خير .. و لكنه فكر قليل الانتشار , غير ممول من جهة راعية , و فوق ذلك يتم تكفير من يحمله ..
|
اخي حائر..
بالنسبة لقدم العالم فهي حقيقة لامناص منها لان اياً منا لايستطيع معرفة ماهو العدم ..ولقد قرأت في كتاب قصة الايمان لنديم الجسر ان فكرة الخلق من العدم هي اس الايمان!! ويستشهد زورا وبهتانا باراء كانط ليثبت ان كانط لم يختلف عن الغزالي (اي بقوله ان العالم وجد من عدم ويبين هذا بقول كانط ان الزمان لايمكن ان نتصور له قبل وان تصورنا فهذا من قبيل الوهم الذي لاينفك منه الانسان كما تتتصور ان العالم لانهاية له من حيث المكان..) وكانط لم يقل هذا بل قال ان فهمنا لوجود مكان وزمان خارجي غير صحيح لان الزمان والمكان من افكارنا الفطرية..رغم انه احتج على القائلين بقدم الزمان بحجة؛ انه كيف نتصور ان اللحظة الراهنة في حياتنا تحتاج حتى تحدث مالانهاية له من الاحداث! وقد رد ابن رشد على الغزالي في هذا ان الزمان واحد اي حركة واحدة وليس الزمان اجزاء من لحظات او آنات وهنا لايكون في الزمان الواقعي ماضي وحاضر ومستقبل بل الزمان كله حاضر لانه حركة واحدة (نفس رد جيمس جينس العالم الفلكي المعاصر..) ..وان كان هذا يختلف عن فهمنا الحديث للزمان (مع نظرية النسبية التي تفترض ان لكل حركة في الكون زمان والكون اجزاء وليس حركة واحده كما فرض نيوتن ايضا ..) هذا بخصوص قدم العالم ..
اما بخصوص الحرية فانا اتفق معك اننا مجبورون لكن ليس كما يتصور العرفاء حيث ان وجودنا وهم هكذا يتصورون اي انا وانت والاخ اجنو وهم محض والحقيقة هي المتجلي فينا اي الله!! بل انا افهم اننا في جبرية من كوننا لانستطيع ان نفكر في شيء غير المحيط او العالم اي كل افكارنا مكتسبة (عدا بعض البديهيات كالتمييز وو ..) ولانستيطع ان نفكر بشيء خارج نطاق عالمنا وقد تقول الله والارواح نعم لكن هذه الفكرة من محيطنا او تراثنا تحديدا وبعد هذا لك الحرية في ان تكون ماتشاء فليست الافكار التي تردك ترد اي شخص باخر بنفس الكيفية بل كل منا له كيفية معينة هذا بالنسبة للاحرار اما العوام فهم تكرار للتكرار! هذه الجبرية التي اؤمن به وهي كما ترى على نطاق ضيق وبدهي اي الجميع ((يقر بها..)) اما الصوفية فتقول ان ماهية الانسان هي الحقيقة (تقدم الماهية على الوجود كما يقول افلاطون مثلا ..) فهي تقدم مفهوم الانسان على افراد الانسان فنحن ان اردنا ان نكون احرار لابد ان نعود الى حقيقتنا المجهولة!! وهذه الحقيقة واحدة على طول الخط اي انه مهما اجتهدنا لن يختلف اجتهادنا في معرفتنا للحقيقة عن معرفة احد اساطين العرفان في الماضي (سقراط او هرمس..)!!
اخيرا..
التصوف نعم افضل بالف مرة من دجاجلة الاخوان وبقية المشتقات فالدين لديهم لايمكن ان يكون من مرجعية سياسية او فهم واحد للدين او حتى الاله (وتجدهم يقولون بعدم احقية من ينكر ايمان الاخرين لان الله متعدد التجليات فكلا منا له فهم معين للاله) فهذا الاله النسبي هو ماينبغي ان ينتشر فهمه في مجتمعاتنا لا الاله المطلق للاسلام السياسي ومحترفي الدجل من زبانية السلفية!
تحياتي..