المشاركة الأصلية كتبت بواسطة freethinking
كيف نكون متأكدين اننا يمكن ان نثق في العلماء؟ كيف يمكننا ان نعرف حقا ان العلماء لم يصبحو فقهاء العصر الحديث ؟ الظاهر ان العلم يتطلب ايمانا مثل الدين
جواب للدكتور هنري برايس اختصاص علم الاعصاب الادراكي جامعة اورشليم (القدس) / اسرائيل
بداية لا يمكننا ذلك. لايمكنك ان تكون متأكدا 100% . بل انت على الدوام مرحب بقيامك بالتجربة بنفسك. فليس كل الفيزيائيين لديهم معجل ذري. ولكنك يمكن ان تكون عقلانيا, ولاتقبل الاشياء اعتمادا على الايمان, ولكن تقبل ان ليس كل العالم متواطيء في مؤامرة من اجل المتعة فقط.
مساواة العلماء بالفقهاء فكاهي جدا. فعليك ان تتقبل من الفقهاء استنادا على الايمان اذا كنت تتبع ديانتهم. المباديء الاساسية لكل ايمان هي نفسها لاتتغير. ربما هنالك بعض الحجج وبعض التفرعات من تلك الحجج في التفاصيل اللاهوتية ( هل الثالوث واحد ام لا , هل يمكن الصلاة باللغة الالمانية او الانكليزية , هل الطلاق جائز ام لا ) ولكن الحقيقة الاساسية في وجود اله ازلي , كلي القدرة , كلي العلم , ويهتم بالكيفية التي نعبدها به , هذه الحقيقة ثابتة لاتتغيرفي الاديان .
العلم عملية مكونة من الجدل والتغيير. نظرياته تتغير على الدوام , حتى النظريات الاساسية كميكانيك نيوتن, رغم ان هذه النظريات نفسها لم تتغير فاننا ضيقنا مدى تطبيقها عندما ادركنا انها غير قادرة على تفسير ظواهر معينة. كل الابحاث العلمية تخضع لمراجعة الاقران ومراجعة الاقران تعني انه قبل نشر الابحاث يقوم خبراء اخرون في نفس الاختصاص بنقدها. في معظم الحالات للابحاث التي لم يتم اختبارها فانها تعاد ليتم تنقيحها قبل النشر وقد تتضمن اعادة التنقيح اعادة التجربة مرة اخرى . والبحث لكي يقبل نشره ان لا يعبر بنجاح الدليل المنهجي العلمي فقط بل ان يكون المنطق الداخلي له ذو معنى . حجج البحث يجب ان تكون مقنعة وان تكون مدعومة بادلة يمكن تكرارها لا ان تقوم على دليل وحيد لايمكن تكراره. ويجب ان تكون تلك الحجج مقنعة للخبراء, وليس لاي رجل عادي من الشارع. كل جزء في البحث يجب ان يبين بالضبط كيف تمت ارشفة النتائج. بحيث ان اي شخص يمكنه ان يحاول اعادة استحصال هذه النتائج وفي حالات متواصلة عشرات ان لم يكن المئات من الاشخاص قامو باعادة استحصال تلك النتائج. وما ان يتم نشر البحوث, فان اي شخص بامكانه ان يختبرها ويرفضها. فقط انظر الى اي مجلة علمية , سترى ان كل فقرة تعارض اعمالا سابقة وكل نظرية تتعرض لسنوات وسنوات من الهجوم والغربلة, بالنهاية لا تكف النظرية عن عملية الغربلة.كل شيء قابل للتساؤل, الاختبار واعادة الاختبار , التصديق ومن ثم التحديث ومن ثم اعادة النظر واعادة التصديق. الكتب المنهجية التي تعود الى عشرين عاما سابقا سترى رغم انها تملك نفس جوهر المادة العلمية الا انها ليست محدثة لان التفاصيل قد تغيرت بالكلية. الاجماع العلمي بالغالب يتم الوصول اليه ببطء, مع الكثير من الجدل وحتى انذاك تبقى التفاصيل مفتوحة للجدال. الاجماع العلمي الواسع الانتشار لجوهر معرفي لاحد الميادين العلمية الاساسية نادر جدا.
لنأخذ موضوع التغير المناخي, وهي واحدة من القضايا التي حازت على اجماع علمي عام, لماذا علينا ان نصدق العلماء الذين قالو بان التغيير المناخي يحدث ؟ ربما قامو بفبركته ؟ حسنا في البداية يمكنك ان تقرأ هذه الابحاث, وتنظر للادلة.فاذا رأيت ان هنالك شيئا لايعطي معنى فاذهب الى اي باحث وسيكون سعيدا بانك بجد تريد ان تفهم وسيكون سعيدا ليشرح لك ( للانصاف , اذا ذهبت الى استاذ مشغول فلربما ليس لديه الوقت ليشرح لك لذلك يمكنك ان تجد طالب دكتوراه شاب او بروفيسورا شغوفا , هؤلاء ربما سيكونو سعداء للتحدث اليك) التغير المناخي قد نوقش لعقود. وبالرغم من انه تم الوصول للاجماع عليه منذ بعض الوقت, لكن هذه النظرية لم تخلو من الناقدين لها لبعض الوقت. لان الناس يشعرون بانهم احرار بانتقادها وهم يفعلون ذلك بنشاط . منكرو التغير المناخي غالبا مايقدمون اقتراحات مضى عليها عشرات السنين, مدعين ان الارض ستبرد , لا لشيء الا لان تلك المقترحات موجودة. على كل حال , فان عشرات السنين من البحوث العلمية والاساليب الجديدة ونماذج افضل راكمت ادلة كالجبال مما اقنع ( ليس عن طريق الايمان ) لكن عن طريق التجارب القابلة للاعادة والنتائج المستحصلة من ادلة صلدة مما اقنع المجتمع العلمي للوصول الى الاجماع حول التغير المناخي. الناس الذين جادلو بامكانية ابتراد الارض قد غيرو رأيهم, لان الادلة غير قابلة للدحض. والكلام هنا عن النظرية عموما لكن التفاصيل لا تزال محل جدل في الوقت الراهن. وفي كل المجلات العلمية ذات العلاقة لاشيء يؤخذ بالايمان ولاشيء مضمون مئة بالمئة.
اذن ما هو الاكثر احتمالا للتصديق : ان يقوم عدد من العلماء الذين يعانون من نقص التمويل بعمل بحوث وهمية لعدة عقود من الزمن لا لشيء الا لاخافتنا وارعابنا من الاعتماد على الوقود الاحفوري ( سيكون لديك مؤامرة مجنونة حقا ) ام ان شركات النفط الكبرى تحاول الدفاع عن ارباحها بدفع الاموال للسياسيين لمعارضة النظرية؟
ماهو الاكثر احتمالا : ان المئات من السنين من البحوث البيولوجية كلها مزيفة , وانه ليس هنالك من دليل حقيقي على التطور ( وهذا يعني من بين امور اخرى ان 90% مما نراه في كل متاحف التاريخ الطبيعي مزيف تماما وانه قد تم تزييفه من قبل فنانين من دون اي اساس ) وان تواطؤا هائلا قد حدث من قبل العديد من الاشخاص خلال المائة عام الماضية, وان البحوث العلمية تطرح اسئلة مهمة حقا ولكنها تقوم بفبركة الاجابات بدون ان يثير النظراء من اهل الاختصاص اي ضجة او شكوى حول الموضوع, وكل هذا يجري فقط لتصعيب عملية اثبات وجود الاله ؟
ام ان العلماء يحاولون حقا الاجابة عن الاسئلة المهمة وانهم مهتمون بمعرفة الحقيقة, وان بعض المتعصبين الدينيين يرفضون تلك الحقائق لانها تدمر قصصهم والتي اصلا لا يملكون دليلا عليها ( انا اقول بعض المتعصبين لان الكنيسة الكاثوليكية على سبيل المثال تقبلت رسميا التطور على انه حقيقة لايمكن دحضها, وهذا الامر الذي يستطيع اي شخص التوصل اليه فقط لو يكلف نفسه بقراءة علم الاحياء )
تخيل كيف يمكن لمجموعات غير منظمة من الباحثين وغير منضوية تحت عنوان واحد ان يستطيعو فبركة كل هذا ؟ تخيل مالذي ستفعله فوكس نيوز بهكذا خبر ؟ خصوصا بالنسبة لباحث شاب يحاول ان يصنع له اسما علميا مرموقا بقدرته على دحض الاجماع العلمي حول النظرية. الناس يحاولون دحض النظرية كل يوم والتراث العلمي مليء بهذه المحاولات, ولو كان لديهم حجة مقنعة لاستعملوها فورا ضد النظرية.
انا اظن ان سؤالك لربما بتحديد اكثر هو عن وجود الاله ( اذا لم اكن مخطئا) فان كان سؤالك كذلك, فالاجابة ان العلم لايقدم ادعاءات حول وجود او عدم وجود الاله. الشيء الوحيد الذي له علاقة بالنقاش العلمي الديني هو اذا ما كان الاله محتاجا اليه في تفسير اي ظاهرة طبيعية. فاذا كان العلم قادرا على تفسيرها فلاحاجة لطرح فكرة الاله. وهذا لايعني ان الاله غير موجود انما يتعني ان مسألة وجود الاله من عدمه هي مسألة ايمان بالكامل.
الرابط
|