بعد قصة طويلة من التدين من سنوات بعيدة
تقلبت فيها بين كل الفرق المنتسبة للدين و الملة الإسلامية تقريبا بين الإطلاع أو المرور العابر أو حتى المخالطة أو الانخراط - للأسف-
باحثا عن الحق
بدأت من أول التيار عند باب المسجد القريب فعرفت الإخوان ثم آثرت أن أترقي لمن هم أشد تمسكا بالدين
فمررت بالتبليغ و خرجت معهم و عشت في عالمهم الأناني الحزبي المتصوف ثم ترقيت إلى السلفية التقليدية
إلى أن عرفت سلفية أهل السنة و طاعة الحاكم الجائر و التبديع و التحزب ..ثم لما لفظتهم وجدت الإخلاص للنصوص أكثر بين فرق الجهاديةو التكفريية من أولها إلى أعمقها خاصة بعد موضوع فورة الثورات العربية
و رؤيتي لمجتمعي يمزق بعضه بعضا
ثم اكتشفت أننا في دين مبدل باطل يكذب فيه رواة السنة كذب مفضوح يخالف نصوص القرآن الأولى
و يعتبرها منسوخة بحكمه ..فواليت القرآن وحده
و اعتبرني الناس قرآنيا
فلما اصطدمت بالحقائق تلو الحقائق لأجد تناقضات القرآن مع العلم و الواقع و نزعت الهالة الكاذبة عن عيني
و سألت نفسي كيف يخلق الإله المخلوقات بطبائعها المائلة للشر وكل شيء وفق إرادته ثم يحاكمهم بالخلود في النيران؟
و تساولات كثيرة عجيبة لا مجال الآن لذكرها فلها مواضع أخرى
جئت هنا على هذا الشاطيء أرسو
أعرف أن الكثيرون قد بلغوا إلى هذا المكان قبلي
و أنا أعتبر هذا الفصيل مميز بحق وهو قادر على المساندة و إكمال المسير لحمل جزوة الحق و الحقيقة لإنقاذ البشرية من غيبوبتها و طمعا و أملا في طبيعة الترقي
أن ترقى عن الولاءات العمية الجاهلية و الأديان الباطلة الوهمية
و تتعامل مع الواقع بألفة و فقه و إنسانية
إنها نزعة متأصلة فينا في كيننا ...أننا لسنا أنانيون
أننا متطورون ..لا يمكن أن نترك جنسنا البشري يفني و يتقهقر إلى دركات الجهل و أوحال الفناء وساوس الفراغ
وحتى لو كانت نزعة أنانية فينا للنجاة ولو أن ننجوا بأنفسنا من سواد هذا العالم ..فهي مشاعر سوية تهدف لأن ينجو من ينجو على بينة و يتجنب المهالك قدر طاقته
أعلم أن الكثيرون مثلي يعانون لوحدتهم
و ربما كلمات قليلة تواسيهم على الطريق الطويل الذي كتب له أن يتطور يمضي
و لازالوا حرصيين على الخير و يأملون إلى حياة أفضل في واقع و منهج أرقى و أكمل
يرى الحياة على حقيقتها
هذه الطائفة لم تدخل الإلحاد لمجرد أنها عاشت بعيد عن الدين ككثير من الشباب المرفه
و لم تدخله لمجرد أنها تريد بعض الأغراض القليلة كبعض الشهوات و الرغبات العاجلة
و إن كان ذلك حق للنفس البشرية لا نغفله
و لكنها أخذت ذلك المنهج عن تعقل و تدبر و إرادة للخير
و هي الأعلم بمرض أمتها و الأقدر على إزالته فقد تكون فيها أجسام مضادة خاصة بكل فيروس
من دين أو كذب أو دجل بشري
و هي الأقرب في حوارها إلى الأدب و الرزانة و الحجة و العقلانية الأبعد عن السباب و الاستهزاء
أرجوا أن تكون بادرة خير لنا و لمن يحبنا
و أن ننجوا من ذلك العالم البغيض لمكان فاضل صالح
لا ظلم فيه و لا اعتداء نفس على نفس
لقد بحثنا بين المتدينين عن قوم مؤمنين رحماء بينهم
و عن جماعة مؤمنة تأمن بينها فلم نجدهم إلا غادرين
يعبدون إلها وفق أهوائهم لا يتجاوز قول أحبارهم و رهبانهم و لا يحبون إلا أنفسهم في الحقيقة
فهل نجد هذا الدفيء و النجاة هنا عند الملاحدة
الذين لم يجدوا ملجأ إلا للحقيقة المطلقة في هذا الكون
وهي السعادة بما تيسر من حقيقة و استثمار الخير
دون أمال كاذبة و افتراء و تشويه و تشويش
