لا أظن أن محاولة تبرير اغتصاب الكيان الإسرائيلي لأرض فلسطين يختلف كثيرا عن محاولة تبرير المؤمنين ثغرات وجهالات دينهم التي تكفي لإغراق سفينة بحجم تايتانك. وأما ما أستطيع قوله فهو أن تحويل الخلاف إلى خلاف ديني لم يكن في صالح القضية الفلسطينية أبدا. وأنا أوفق الأستاذ سكبتك على أن الفلسطينيين ارتكبوا أخطاء فادحة (دون أن أوافقه على ما شعرت أنه تبرير لتغيير الديمغرافية الفلسطينية لصالح اليهود وهو عمل إجرامي متعمد نفذ بالتواطؤ مع دول).
من مشاكل أمثال هذه الأزمات أن الجيل المسؤول عنها قد مات وأتى إلى هذه الدنيا جيل جديد يحمل وزر آبائه. أين هو جيل اليهود الأولين الذين ساهموا فعليا في إنشاء الكيان الصهيوني الغاصب أو في دعمه؟ لقد ماتوا أو شاخوا كلهم، واليوم يفتح الطفل اليهودي عينيه على تل أبيب. ماذا على هذا الطفل أن يفعل الآن؟ لقد ولد ووجد نفسه في إسرائيل بلا اختيار فهل يطلب منه أن يتحمل وزر آبائه؟ كمراقب متجرد أرى الحل الأمثل دولة مواطنة ديمقراطية علمانية للجميع وبلا تقسيم لا تفرق بين اليهودي والفلسطيني، ولكني أعرف أن هذا مجرد حلم نظري لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع نظرا للاحتقان المهول بين المجموعتين.
وفي النهاية أنا أتيه فخرا وأنا أرى زملائي الملحدين جلهم يقفون مع الحق في الصراعات الإنسانية وهم يحكمون على الأفعال بتجرد كامل عن هوية الجاني والضحية، وهي الغلطة التي نعيبها على زملائنا المسلمين فإن كان ضحية المجزرة بوسنيا مسلما كانت جريمة مروعة وإن كان يهوديا من بني قريظة صارت حكما عادلا يستحقه المذبوحون، وهما في كلتا الحالتين مجزرة شنيعة بلا تفريق.
موضوع جميل من كاتبنا ساحر وإضافات قيمة من الزملاء.
