عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2017, 01:58 AM   رقم الموضوع : [22]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

الجزء 14 :



لم نعد بحاجة الى آلهة . تلك هي الجملة التي سنقتل بها كل اله ينصب نفسه علينا من جديد . تصوروا أن تقال تلك الجملة لله ,الهنا الذي يناقش قليلا ويتوعد كثيرا , لا شك أنه سيرد : " أنا الذي خلقكم و وهبكم النعم ولو زالت عنكم رعايتي للحظة واحدة تهلكون . أ لمثلي تقولون هذا الكلام الذي تكاد السماوات يتفطرن له ؟ انتهوا يك خيرا لكم !" . بماذا سنجيب نحن ؟ بماذا سنجيب هذا الاله الذي نكن له الكثير من الفضل و الذي ما ينفك يذكرنا بفضله في كل مرة ؟ بماذا سنجيب هذا الاله الذي أثقل كاهلنا بما له من نعم لو جلسنا أبد الدهر نعدها ما أحصيناها ؟ انه اله لن يتوانى عن تذكيرك بمسارك الوجودي مد كنت مضغة في رحم أمك الى أن صرت شابا قويا يستند على ساقين قويتين . بماذا سنجيبه ؟ لن ننكر فضله ذاك على كل حال , لكننا ببساطة سنقول : " من طلب منك أن تمنحنا كل ما منحته ايانا أصلا ؟ هل طلب أحدهم منك ذلك؟ لقد أعطيت قبل الطلب كما يقول أتباعك الأوفياء بكل اعجاب وكما تغني لك أم كلثوم , دون أن ينتبهوا الى أن الذي يعطي بلا طلب , وان استحق الاعجاب والتنويه , فانه لا يلزم المعطى له بأي حق تجاهه , حتى الشكر ليس واجبا عليه . لست ملزما بأن أشكر الله أو أعبده على ما أعطاني من نعم, لأنه بكل بساطة أعطانيها دون أن آخذها , دون أن أختار أخذها , وعلى رأس هذه النعم نعمة الوجود نفسها التي فرضت علي فرضا . ان الأمر هو أشبه ب"تزويد" و ليس بأخد , "تزويد الصنعة بخصائص وقدرات حسب شهية الصانع و ذوقه" . وبعد أن صنع الصانع صنعته حسب ارادته وذوقه الخاص , قال للصنعة : "اسجدي لي لأنني منحتك كذا وكذا " . أهذا اله أحمق أم تراه يتحامق ؟ هل نحتاج لجهد كي نبين له أن الصنعة لا ناقة لها ولا جمل , لا خف لها ولا حافر في هذه المنظومة الانتاجية ؟؟ ان جوابنا على جرد النعم الالهية سيكون اذن , لا بالإنكار, وانما بادراك ما يجب وما لا يجب عن مقدمات معينة . " و بعد ؟" هذه اجابتنا .
الذي يقود معارك مع الله سيجد نفسه منتصرا في كل المعارك : معركة القانون , معركة العقل والمنطق ,معركة الوجدان ولعاطفة , .... الا معركة واحدة سيكون الله رابحا فيها وهي : معركة القوة . ان الله جبار , حتى وان تبين في الأخير أنه أحمق و مطلوب للعدالة , سيبقى قويا , اليه المنتهى واليه المصير. ان القوة هي أول شيء يعرف في الحقيقة هذا الاله , شأنه شأن كل زعيم شمولي , ولا نعني هنا قوة موقف بطبيعة الحال ,أو قوة معنوية من نوع ما , وانما القوة المادية الفعلية , أي القدرة على جعل الآخرين تحت رحمة ارادتك تفعل بهم ما تشاء . ولهذا ستجد أتباعه يقولون لنا دائما : " تكلموا كما يحلو لكم , سنرى في نهاية المطاف " . ان أعظم شيء يؤثر في نفسية الأتباع هو كون هذا الاله هو نقطة الوصول مهما طالت الرحلة و تفرقت الطرق. انه ينطبق انطباقا تاما مع مفهوم "النهاية". انه البداية والنهاية ...الألف والياء .
يتبع ...



  رد مع اقتباس