![]() |
جدال إبراهيم مع قومه
جدال إبراهيم مع قومه
قال تعالى : قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قد يشكل على البعض ههنا وجه الحجة في الآية لأنه قد يقول قائل و ما الدليل أيضا أن رب إبراهيم هو الذى يأتي بالشمس من المشرق؟ أولا يأتي بالشمس من المشرق تعني: هيأ الأسباب التي تجعل الشمس تشرق على الناس من الجهة التى صارت تعرف بالمشرق. و الكون وما فيه من نظام دقيق يدل بداهة على وجود خالق. إذ أن العقل يحيل أن يكون هذا الكون البديع هو نتيجة خبط عشواء وهذه الحقيقة لم يكن يجادل فيها أحد من الحضارات القديمة وكانت أمرا مسلما به لدى قوم إبراهيم و غير قوم إبراهيم. ثانيا إبراهيم عليه السلام كما ذكر القرآن كان يرى - كما قال لأبيه - أن اتخاذ الأصنام آلهة تُعبد هو ضلال مبين ثم أخذ يتأمل في ملكوت السماوات و الأرض ثم قال: إني وجهت وجهي للذى فطر السماوات و الأرض حنيفا. وقد قال للكوكب و القمر و الشمس إما على سبيل إلزام قومه بالحجة – بدليل أنه ضللهم قبل ذلك على عبادة الأصنام - أو كان يحدث نفسه بذلك وهو لا يزال صغيرا فى سياق تأمله أنها آلهة تستحق العبادة ثم خلص من خلال التأمل و التفكر - لأنها جميعا أفلت و غابت - إلى أن الإله الجدير بالعبادة هو الذى خلق هذه الأشياء لأن مغيبها علامة على ذهاب تأثيرها في مصائر الناس أو إمكانية الانتفاع بها كما في الملاحة و الاهتداء بها في ظلمات البر و البحر. بينما فاطر السماوات والأرض تدبيره للأمر دائم ليس مرتبطا بطلوع ولا أفول. وأصل عبادة الكواكب و النجوم هو الاعتقاد بأن وجودها في السماء له تأثير في مصائر الناس ولذلك يستدلون بطلوع الكواكب والبروج على حوادث معينة على الأرض. ولذلك قيل أنهم كانوا يتوجهون بمعابدهم إلى جهة شروق النجم أو الكوكب. وقد حاجّه الملك المذكور في الآية التي في سورة البقرة - أي جادله في شأن ربه - و الذى ربما ينتمي لسلالة أور الثالثة السومرية التي امتد سلطانها إلى مطلع الألفية الثانية قبل الميلاد لأن العهد القديم ذكر أن إبراهيم كان من "أور"* قبل أن يهاجر وكان ملوكها يؤلهون أنفسهم ابتداءا من ثاني ملوكها "شولجي" وكانوا يعبدون الإلهة "إنانا" - و ترمز لكوكب الزهرة – و الشمس و القمر و الرياح و العواصف والمياه العذبة و غير ذلك حتى قيل أن عدد المعبودات في "مجمع الآلهة" في عهد سلالة أور الثالثة بلغ 3600 معبود! وكان معبودهم الأكبر "إنليل" أو " إلّيل." وربما "إنانا" أو "كوكب الزهرة" هي الكوكب المذكور في قوله تعالى: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي. و المعلوم أن كوكب الزهرة يمكن رؤيته أول الليل كأشد الأجرام السماوية لمعانا بعد القمر وقبل شروق الشمس فيظهر لمدة 263 ليلة في أول الليل قبل أن يأفل ثم يختفي من السماء تماما لمدة 8 آيام ثم يظهر قبل الشروق لمدة 263 يوما ثم يختفي تماما لمدة 50 يوما قبل أن يعيد الكرة مرة أخرى ليظهر أول الليل. ذلك أنه أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض بعد القمر فضلا عن أن السحب الكثيفة فى غلافه الجوي تعكس حوالي 70% من أشعة الشمس التي تصله ولذلك هو أكثر الكواكب لمعانا فى سماء الأرض ضمن كواكب المجموعة الشمسية. و في خلال جداله مع ذلك الملك قال أنه يعبد فاطر السماوات و الأرض فهو وحده المستحق للعبادة لأنه هو الذى خلق الكواكب و الشمس و القمر وهو الذى يحيي و يميت فقال له الملك أنه يحيي ويميت أيضا فهو يفعل كما يفعل رب إبراهيم و لهذا فهو فى زعمه أهل للعبادة ، فزعم أنه إذا قتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط - لأن المقصود أنه هو من ينشىء الأحياء وليس مجرد أن يستبقى أحدا حيا بالفعل على قيد الحياة وأنه الذي يميت الأحياء بقبض أرواحها وإن جعل قتل الناس بعضهم بعضا سببا للموت – اِطَّرَدَ معه في الدليل فقال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. وهنا لم يحر هذا الملك جوابا ولو على سبيل المغالطة كما فعل قبل ذلك في شأن الإحياء و الإماتة. فمقصود إبراهيم بربه هو المنفرد بأنواع التصرف من خلق للسماوات و الأرض و الإحياء و الإماتة و الإتيان بالشمس من المشرق ونحو ذلك. وليس أنه معبود من جملة المعبودات الوثنية التي كانت شائعة في حضارة بلاد الرافدين. و السومريون كان عندهم مفهوم "الإله الخالق" ويسمونه "أن" أو "أنو" وكانوا يعتقدون أنه الإله الأعلى ومصدر كل سلطة و أنه يحيط بالكون وإنه إله السماء لكن تصورهم عنه كان شائها شأنهم شأن مشركي العرب وقليلا ما عبدوه وأشركوا معه آلهة أخرى وجعلوه سلفا لكل تلك الآلهة كما كان مشركو العرب يجعلون لله بنين و بنات يتوجهون إليهم بطقوس العبادة ويقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. فذكر قصة إبراهيم ليس للتسلية ولا حتى للتأريخ بل هو إسقاط على واقع المشركين المخاطبين بهذا القرآن. ------------------------------- *وَلَدَ تَارَحُ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَوَلَدَ هَارَانُ لُوطاً. وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَ حَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ مَوْلِدِهِ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ. وَتَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ. وَكَانَ اسْمُ زَوْجَةِ أَبْرَامَ سَارَايَ، وَاسْمُ زَوْجَةِ نَاحُورَ مِلْكَةَ بِنْتَ هَارَانَ الَّذِي أَنْجَبَ مِلْكَةَ وَيِسْكَةَ. وَكَانَتْ سَارَايُ عَاقِراً لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ. وَأَخَذَ تَارَحُ ابْنَهُ أَبْرَامَ (إبراهيم) وَحَفِيدَهُ لُوطاً بْنَ هَارَانَ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَبْرَامَ، وَارْتَحَلَ بِهِمْ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. لَكِنَّهُمْ وَصَلُوا إِلَى حَارَانَ وَاسْتَقَرُّوا فِيهَا. وَهُنَاكَ مَاتَ تَارَحُ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ مِئَتَانِ وَخَمْسُ سِنِينَ. (تك: 28-32) |
بلي هكذا يبحث القصص القرآني بعمق
فهو ليس حكايات بل كل قصة تقدم عبر و دروس في المعتقدات و القيم و حركة التاريخ من هنا نشأت الوثنيات:تاليه قوي الطبيعة و لأنها متعددة اثبتوا تعدد الإله و لم يلتفتوا الي أن لها فاعل سخرها (فاتي بها من المغرب)اي انها خاضعة لقانون فكيف تكون إلها و من جعل لها هذا النظام ؟ كل الوثنيات عبدت الشمس و من فرض التثليث في المسيحية قسطنطين كان يعبد الشمس و جعلوا الأحد المقدس باسمهاsunday و الزهرة هي نجمة تضيء طيلة الليل و يليها في السطوع ما سماه العرب الشعري و الزهرة أو انانا في بابل و سومر هي نفسها ايزيس المصرية و الكاثوليك يلقبون العذراء نجمة الصبح! و التشابه واضح بين الثالوث البابلي و الثالوث المصري و القول ببنوة المسيح لله هو كما شخصه القرآن الكريم مضاهاة لقول الذين كفروا من قبل فالتثليث صدي الثالوث الوثني و اذا كان المسيحيون يقولون بل الإله و اللاهوت واحد فقد قال تعالي (فانتهوا لا تقولوا ثلاثة) والواحد ليس ثلاثة و هم أنفسهم عاجزون عن شرح هذا اللغز و الماسون يعتقدون أن الزهرة هي الشيطان أو أمير النور لوسيفر فهل هو ذكر مؤنث عندهم لذا نجد الدعوات للشذوذ و حقوق المثليين! |
اقتباس:
ما علينا ... ابراهيم اعتبر الأفول و الاختفاء عيب مسقط لألوهية النجم و من ثم القمر و بعدها الشمس ... لا مشكلة في هذا و أبسط حقوقه .. المشكلة أنه عاب غلى الأجرام الظهور و من ثم الاختفاء .. و بعدها قام بإختيار إله مختفي و لآفل 24/7 !!!! |
يبدو أنك مبرمج على اعتراضات معينة تطرحها دون النظر حتى هل تم تناولها أم لا
أولا أنا لم استنتج بل أعرض للتفسيرين الواردين ليس الأفول بمعنى الغياب عن الحواس. فالغياب عن الحواس ليس عيبا بل هو صفة كمال كما قال تعالى: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار لكن الأفول بمعنى التغير فتلك الآلهة تارة تكون مرئية وتارة تكون محجوبة فكونها يعتريها التغير فهذا نقص فهي لا تغيب عن الحواس لأنها لا تدركها الحواس بل لأن هناك ما يحجبها. هذا قول في المسألة و القول الآخر وهو الأرجح عندي هو أن تأثيرها في المصائر في تصورهم ليس دائما بل مقرون بظهورها في السماء وكونها تؤثر في وقت وهو حين ظهورها دون وقت وهو حين أفولها هو عيب ونقص. أما الخالق فهو متصرف ومدبر على الدوام |
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
ما جعل ابراهيم يسقط ألوهيتها هو اختفائها ... |
لماذا يتصرف ابراهيم و كأنه لا يعرف أن الشمس تغرب ؟!
|
منطق القرآن هو منطق إبراهيم. الأفول ليس معناه مجرد الغياب بل يقصد به في سياق الحديث عن الآلهة إما التغير و التبدل وهو قول مرجوح عندي لما ذكره ابن عاشور من أن التغير ليس مختصا بالأفول بل بالطلوع أيضا فالطلوع بعد الأفول هو أيضا تغير فلماذ خص الأفول بالذكر؟
أو التأثير المؤقت في المصائر المقترن بالظهور وغياب التأثير المقترن بالغياب. فهذا معنى قوله لا أحب الآفلين. قال السعدي رحمه الله: فإن المعبود لا بد أن يكون قائما بمصالح من عبده، ومدبرا له في جميع شئونه، فأما الذي يمضي وقت كثير وهو غائب، فمن أين يستحق العبادة؟! وهل اتخاذه إلها إلا من أسفه السفه، وأبطل الباطل؟! اقتباس:
فعبادة النجوم هذه واقع لا ينكر لماذا غابت عن عبدة النجوم هذه المعلومة البديهية؟ فعلى تقدير أن ذلك قول يحدث به إبراهيم نفسه فهذا لأنه كان في صغره لا يزال أسيرا لتصورات قومه الباطلة المخالفة للبديهة والفطرة فإبراهيم لم يفاجأ بطلوع الكوكب و القمر و الشمس وأفولهم بل ما طرأ عليه هو دلالة ذلك على بطلان عبادتها |
اقتباس:
لأن مراجع اللغة تقول أفل النجم أي غاب .. ولم أجد أفل الإله أي تغير ... اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
كما أنك تؤمن بإله (آفل ) غايب طوال الوقت و لا يشكل هذا أي اشكال في بنائك العقائدي اقتباس:
القصة موجودة في أساطير اليهود و هي عندهم متعلقة بكون ابراهيم يرى النجم و الشمس و القمر لأول مره بعد أن ولد و كبر بطريقة اعجازية https://h.top4top.io/p_1664a7r1f1.png |
اقتباس:
فقومه كانوا يعرفون أن الأصنام لا تدفع عن نفسها الضرر فلو حطمها أحد لا تملك منعه وكانوا يعرفون أنها لا تنطق لكن كون ذلك دليل على فساد عبادتها لم يفطنوا إليه لكن فطن إليه إبراهيم وفد أشرت سابقا إلى ترهة البناء العقائدي تلك عند الحوار عن عبادة مريم وعبادة العجل أن المهم ليس نفس المعلومة ولكن دلالة المعلومة أو الاستنتاجات التي يولدها العقل من تلك المقدمة التي هي المعلومة فالناس أحيانا تبدأ من نفس المقدمات وتنتهي إلى استنتجات مختلفة وهذا هو الفرق بين الحجة الصحيحة والداحضة فالحجة الصحيحة هي التي تقتضى مقدماتها نتاجئها بخلاف الداحضة فلا تقتضيها. فكونهم لم يستنتجوا من كون الكوكب يأفل أنه ليس جديرا بالعبادة لا يعني أنها ليست حجة صحيحة فإن هناك من ختم على قلبه مثل كل كافر يرى الدليل على الحق ولا يذعن. وحتى لو استنتجوا من ذلك أنها ليست جديرة بالعبادة وأصروا على عبادتها لا يعني ذلك أنها حجة غير صحيحة أو أنه لا داعي لتكرارها على مسامعهم. والسعدي لا يعني بالغياب أي الغياب عن الحواس بل الغياب المقترن بغياب التأثير والتدبير. فإن الله غائب عن الحواس لكونها لا تدركه. فإن غياب الله عن الحواس لا يعني غيابه المقترن بغياب التدبير ومن هذا الباب قول النبي: أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، إنَّكُمْ ليسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهو معكُمْ. |
أتمنى أن تعود و تقتبس ردودي بالتفصيل و تعلق عليها كما أفعل مع ردودك
خصوصا مسألة أن الأفول تعني التغير لأنني لم أجدها في أي مرجع لغوي اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
تستطيع و يستطيع أي شخص أن يقول ما يشاء .. هناك أمور لا تلزم سوى صاحبها و هناك أمور عقلية ( حجج عقلية ) تهز البناء العقائدي من جذوره اقتباس:
هذا زعم ايماني ... مثل زعم كل أتباع الأديان .. السعدي وقع في خطأ رهيب عندما بدأ يعايرهم أنه آلهتهم تظهر و تختفي و هو الهه مختفي طوال الوقت أما التدبير و التأثير .. فلا أنت و لا السعدي و لا قوم ابراهيم لديكم أي دليل أن آلهتكم تدبر شيئا في الكون |
| الساعة الآن 01:31 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond
.::♡جميع المشاركات والمواضيع المكتوبة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ,, ولاتعبر عن وجهة نظر إدارة المنتدى ♡::. 