الإصلاح الديني خيار أصعب من الإلحاد
 

مرحباً زميلاتي و زملائي :

من تابع ما اكتب في المنتدى على قلته يعرف أنني أؤمن بأن التصوف الفلسفي هو من وجهة نظري المتواضعة الطريق لإصلاح ديني شامل ..
في التصوف الفلسفي لا مكان للتكفير .. تأملوا معي هذا النقل عن مولانا جلال الدين الرومي :

(( انظر إلى العمامة أحكمتها فوق رأسي , بل انظر إلى زنار زرادشت حول خصري , أحمل الزنار و أحمل المخلاة لا بل أحمل النور .. فلا تنأ عني .. لا تنأ عني ..
مسلم أنا و لكني نصراني و براهمي و زرادشتي توكلت عليك أيها الحق الأعلى .. فلا تنأ عني .. لا تنأ عني ..
ليس لي سوى معبد واحد , مسجد أو كنيسة أو بيت أصنام , ووجهك الكريم فيه غاية نعمتي , فلا تنأ عني .. لا تنأ عني .. ))

زد على ما سبق أنني نبشت في كتب التصوف الفلسفي فلم أجد التصور التقليدي عن الإله الإبراهيمي , بل وجدت إلهاً هو روح هذا الوجود .. يسري فيه سرياناً .. ووجدت ووجدت الكثير ..

نعود لعنوان الموضوع ... نعم طريقي أصعب من طريق الملحد , لأن الملحد خرج من المنظومة عندما وجد الخلل الذي فيها و راح يوجه سهام نقده كيف شاء , بينما أمثالي يحاولون الإصلاح من داخل المنظومة نفسها ..

فإذا تحدثنا عن إسلام جديد يتآخى مع الآخر , يحترم المرأة , يكفل الحريات بكافة أشكالها من حرية المعتقد إلى ما دون ذلك , لا يعطل العقل و يفتح الباب على مصراعيه أمام الاجتهاد في ميادين العقيدة و الفقه و التصوف .. فما هي مشكلة الملحد مع دين كهذا ؟

بانتظار آرائكم :9:

كلام صائب وموفق اخي حائر ..اصلا الإصلاح في اوروبا لم يبعد كل الدين (تيارات الإلحاد المادي أتت فيما بعد القرن الثامن عشر وماقبله وهذه هي فترات الاصلاح الديني وثورة التنوير في اوروبا) يكفي ان عصر النهضة (من القرن الخامس عشر الى منتصف السابع عشر تقريبا) كانت شرارته محاولات جادة للعودة الى دراسة التراث اليوناني (فلسفة وادب) وكذلك الروماني (في ايطاليا اولا).. الإصلاح من الداخل بنقد التراث (بالدراسة الموضوعية الناقدة للتراث لا برفض كل شيء) الدين ينبغي ان يفهم فهما عرفانيا بانه علاقة بين العبد وربه لابفرضه من سلطة عليا القطيعة المعرفية مع التراث (ان نتخلص من سطوته علينا) لن تتبلور الا بنقد التراث ودراسته دراسة موضوعية وتاريخية..

تحياتي..

هو كما قلت أستاذ حمدان , نقد التراث و ليس الانسلاخ منه و القطيعة معه , لكنني أشعر أن أغلب ملحدي المنتدى هم ممن أحب أن أسميهم بالملحد السلفي , و هو ينظر للربوبي و العلماني كصاحب بدعة لا بد من إعادته لصراط الإلحاد القويم .. و أنا أوجه لهم سؤالاً : برأيكم من كانت مهمته أصعب في الإصلاح و التنوير , صادق جلال العظم كملحد ناقد للتراث من الخارج أم نصر حامد أبو زيد كمصلح للتراث من داخله ؟

اضن انك قاسي كثيرا على الملحدين ....
الملحد لن يأتي اليك و يناقشك في الربوبية اذا لم تأتي اليه و تناقشه و تبشر لأفكارك

اذا كان ايمانك ايمان شخصي فمرحبا به ...

المشكلة ان الاسلام ليس دين روحاني فهو دين دغمائي ويريد اقامة دولة دينية و خلافة و هبل ....
لا أحد يريد دولة ملحدة اسأل اي ملحد يقول لك اريد دولة علمانية تضمن حقوق الجميع و المسلم مشكلته ان اسلامه يحارب الدولة العلمانية او المدنية بكل الطرق

الاسلام مشكلته عميقة بحيث انك لا تستطيع ان تجد نصوص تستطيع ان تستغلها لتأسيس دولة مدنية لديك آيات صريحة مثل فمن لم يحكم بما انزل الله .....

اخي حائر..

الحقيقة ان العلمانية تنبذ الإعتقاد (بوجود اله بصورة موضوعية ومطلقة) اي لكل شخص اعتقاده الخاص قد يكون لك تصور عن الإله مختلف عن تصور شخص آخر مثلا وهذا ما يسود في الجو العلماني لكن ان يأتي احد ليفرض تصوره عن الإله بصورة مطلقة فهذا لا يتوائم مع الطبيعة العلمانية الربوبيين هم علمانيون (قطعا) وهذا واضح لإن الربوبي لايؤمن بإله الاديان بل يؤمن باله اخر توصل اليه بعقله وهذا يتناقض مع الايمان المطلق طبعا بل ان العلمانية هي من تأسيس العقل الربوبي نفسه (مونتسكيو وروسو وفولتير خصوصا) والعلمانية ظهرت قبل ظهور العقل الإلحادي (الاخير في الرن التاسع عشر) ..اما بخصوص نقد التراث الحقيقة ان محاولات نصر حامد ابو زيد اقرب للواقع من محاولات صادق جلال العظم الاخير يتبنى عقيدة ماركسية (وهي شبيه للعقيدة الهيجلية المطلقة) مانحتاج اليه هو الثقافة الليبرالية التي تسود فيها الحريات الفردية (حرية الإعتقاد والثقافة واللغة والعرق حتى..) وهذا قريب لمحاولات نصر حامد ابو زيد (في منهجه وسعيه الى تأويل النص الديني بصورة مختلفة عن السابقين) القطيعة المعرفية مع التراث (اي نتحرر من سطوة افكار السابقين علينا) لايمكن ان تتحقق الا بدراسة موضوعية لهذا التراث والسماح بتأويل النص الديني بحرية مطلقة (كما حدث في عهد الإصلاح الديني في اوروبا) ولدينا كتاب فصل المقال لإبن رشد يتبنى عقيدة التأويل هذه (وهذا ما نحتاج اليه..)

تحياتي..

حقيقة ً صديقي Agno ليس لدي ما أبشر به , فما أعيشه هو حالة روحية نابعة من تجربة شخصية بحتة لا تصلح للتعميم , أما بالنسبة لموضوع الدولة العلمانية و لماذا يرفضونها فقد طرحته في موضوع مستقل في قسم العقيدة الإسلامية و لا جواب إلى الآن..

مودتي :9:

السماح بتأويل النص الديني بحرية مطلقة .. غالباً ما يحدث معي هذا الموقف سواء على مستوى العائلة أو الأصدقاء و المعارف ..
يفتح نقاش ديني فأخرج عن صمتي و أطرح فهماً مغايراً للمعتاد , فأرى نظرات الاستهجان في عيون من حولي .. (( من أين أتيت بهذا التفسير ؟ )) سؤال يطرق مسامعي كثيراً .. ثم تنهال التهم بالباطنية تارةً و الزندقة أخرى ..

سلام و محبة للجميع :

انقطعت عن المنتدى فترة طويلة لظروف قاهرة , و لكن خلال الفترة الماضية كانت مسألة الإصلاح الديني تلح على تفكيري باستمرار ..

و أزعم هنا أنني وجدت طرف الخيط لهذا الإصلاح المأمول و يمكن اختصاره بكلمة واحدة : التربية .
لو تبنت الدول و المؤسسات التعليمية فكرة تربية النشئ على :

1- احترام العلم التجريبي .
2- احترام كافة البشر على اختلاف عقائدهم و أعراقهم .

سيفضي هذا بالضرورة إلى خروج أجيال قد تتدين أو لا تتدين , لكن حتى لو تدينت فلن يكون تدينها شبيهاً بالنموذج التقليدي للمتدين الذي اعتدنا عليه لأنه تربى منذ الصغر على القيم المذكورة أعلاه ..

قيل لعبد ما ذا تفعل لو اصبحت غنيا قال اشتري سيدا افضل

أحيانا أشعر أن مثل هذا الإصلاح أمر ضروري، لأن هناك كثيرا من الناس يقدسون الدين لدرجة قتل الآخرين من أجله.
لا يهمني ما يؤمن به أي شخص ... هو حر في إيمانه، يهمني فقط ألا يفرض إيمانه على غيره.
أعتقد أن نصوص الإسلام لا تسمح بمثل هذه الحرية والتعددية، لكن إن استطعت تأويلها فأنت تصنع دينا جديدا - لا مشكلة لي معه - لكنني لا أومن به، ورغم ذلك سوف تتهم بالزندقة والباطنية وغيرها من التهم التي سمعتَها وستسمعها ما دمت لا تنقاد للإيمان المفروض عليك.